الخميس 25 أبريل / أبريل 2024

"معاملة تفضيلية".. انقسام شديد بين المتدينين والعلمانيين تحت حكم نتنياهو

"معاملة تفضيلية".. انقسام شديد بين المتدينين والعلمانيين تحت حكم نتنياهو

Changed

حلقة أرشيفية من برنامج "قراءة ثانية" تناقش الصراع الدائر بين المتدينين والعلمانيين في إسرائيل (الصورة: أسوشيتد برس)
مع ممارسة الأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة قوة غير مسبوقة في ظل الحكومة الإسرائيل الجديدة، تزداد مخاوف العلمانيين من أن هوية ومستقبل إسرائيل تحت التهديد.

لطالما أثارت الاختلافات العديدة بين اليهود المتدينين والعلمانيين استياء إسرائيل، لكن في ظل حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يتعاظم شعور العلمانيين الإسرائيليين بأن نمط حياتهم قد انتهى.

في غضون ذلك، يتجاهل نتنياهو مثل هذه الانتقادات، قائلًا: إنّ الحريديم (جماعة من اليهود المتدينين) هم مواطنون إسرائيليون يستحقون التمويل، وإنه يعمل على دمجهم في القوى العاملة.

وفي 20 مايو/ أيار الماضي، حصل خلاف بين مجموعة من العلمانيين الإسرائيليين ورجال دين من الحريديم، على خلفية قيام أطفال العلمانيين في بلدة حريش المختلطة، بنشاط ترفيهي خلال "يوم السبت اليهودي"؛ فتحوّل الشجار إلى رمز لمعركة أكبر بين اليهود العلمانيين والمتدينين في إسرائيل.

توازن هشّ

وقبل بضع سنوات فقط، تمّ الترويج لبلدة حريش باعتبارها نموذجًا للتعايش بين سكانها العلمانيين والمتدينين. لكن الآن يبدو الأمر وكأنّه أمنية لإسرائيل التي اعتادت الاعتداء على جيرانها الفلسطينيين، فوجدت نفسها في صراع مع انقسامات داخلية غير مسبوقة.

وقالت تسيبي براير شرابي، أمٌّ من العلمانيين، لوكالة "أسوشييتد برس":  "أعتقد أنّ الشجار يمثّل ما يحدث في البلاد. أريد أن يعيش أطفالي كما يريدون، لا أريد أن يملي عليهم أحد مأكلهم وملبسهم ونشاطاتهم خلال يوم السبت".

وأدت حوادث مماثلة منذ فترة طويلة إلى الإخلال بالتوازن الهشّ بين المجتمعات الإسرائيلية. ولكن مع ممارسة الأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة قوة غير مسبوقة في ظل حكومة إسرائيل الجديدة، ودورها الرئيسي في خطة تعديل النظام القانوني المثيرة للجدل، تزداد مخاوف الإسرائيليين العلمانيين من أن هوية ومستقبل بلادهم تحت التهديد.

أغلبية سكانية

بفضل النفوذ السياسي المفرط، حصل مجتمع الحريديم على ميزانيات ضخمة، يقول النقاد إنها سترسّخ أسلوب حياتهم، وتضعف الآفاق الاقتصادية لإسرائيل مع تزايد أعدادهم.

وقالت براير شرابي: "لدينا طفلان. لديهم 10 أطفال. سيكونون الأغلبية هنا، في النهاية. ما الذي سيحصل لنا بمجرد حصولهم على الأغلبية السكانية؟".

يُشكّل اليهود المتشددون في إسرائيل، المعروفون باسم الحريديم، نسبة 13% من سكان إسرائيل البالغ عددهم 9.7 مليون نسمة. ولطالما كان المجتمع المنعزل على خلاف مع الأغلبية العلمانية، حيث اختلفوا حول التجنيد العسكري، واندماجهم في القوى العاملة، والمبادئ الأساسية التي توجّه حياتهم.

كما تزداد أعداد اليهود الحريديون في إسرائيل بشكل أسرع من أي مجموعة أخرى، بحوالي 4% سنويًا.

ميزانية ضخمة ولا تجنيد إلزاميًا

يعيش اليهود المتشدّدون في الغالب في مدن وأحياء منفصلة. وعلى عكس معظم اليهود العلمانيين، لا يتم تجنيد معظمهم في الجيش بموجب نظام إعفاءات يعود لعقود خلت حيث يسمح لهم بدراسة النصوص الدينية بدلًا من ذلك.

ويواصل الكثيرون الدراسة الدينية حتى مرحلة البلوغ ولا يعملون، ويعيشون على رواتب الحكومة، ويُثيرون غضب الطبقة الوسطى التي تدفع الضرائب.

ترتفع معدلات البطالة والفقر بين الحريديم، مع ازدياد اعتمادهم على المساعدة الحكومية
ترتفع معدلات البطالة والفقر بين الحريديم، مع ازدياد اعتمادهم على المساعدة الحكومية- اسوشييتد برس

لا تُدرّس المدارس الأرثوذكسية المتشدّدة على نطاق واسع مناهج أساسية للرياضيات، أو اللغة الإنكليزية. وفي هذا الإطار، يقول الخبراء إنّ هذا يمنحهم القليل من المهارات لدخول مجال العمل، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر بينهم، وزيادة الاعتماد على المساعدة الحكومية مع نمو أعدادهم.

ورغم ذلك، يقول اليهود المتشددون إنّ أطفالهم يستحقون تمويلًا قويًا من الدولة للتعليم، وإن مجتمعاتهم المنعزلة تحمي أسلوب حياة عمره قرون. كما يقول قادتهم إنّهم يساهمون في الاقتصاد، من خلال دفع مبالغ كبيرة من ضريبة المبيعات على مشتريات عائلاتهم الكبيرة.

وفي هذا الإطار، ندّد ينون أزولاي، النائب عن حزب "شاس" المتشدد، في خطاب ألقاه في الكنيست الإسرائيلي الشهر الماضي، بما أسماه "التحريض الوحشي المستعر هذه الأيام، والكراهية التي لا أساس لها من الصحة ضد المجتمع الأرثوذكسي المتطرف"، بعدما وصف مذيع تلفزيوني شهير مجتمع الحريديم بـ "مصّاصي الدم".

وقال جلعاد ملاخ، مدير برنامج "اليهود المتدينين في إسرائيل" في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، لوكالة أسوشييتد برس، إنّ الميزانية الكبيرة للحريديم "كانت جزءًا من اتجاه أوسع يُظهر أن المجتمع لا يندمج مع المجتمع الأكبر في البلاد"، مضيفًا أنّه خلال السنوات القليلة الماضية "كانت هناك دلائل متزايدة على أنّ المزيد هذه العملية ليست قوية بما يكفي، بحيث بات الإسرائيليون يتساءلون عن الاتجاه الذي تسلكه إسرائيل".

"مستوى أعلى من التوتر"

من جهته، قال بن دافيد، الخبير الاقتصادي الذي انتقد منذ فترة طويلة ما يقول إنه معاملة تفضيلية للحريديم،  إنّ الدعم السخي لهذه المجتمعات، والنفوذ السياسي الذي تتمتع به يقدّمان لمحة عن مستقبل إسرائيل.

وأضاف أنّ الحياة في ظل الأغلبية الأرثوذكسية المتطرفة "هي عبارة عن مستوى أعلى بكثير من التوتر".

وأثارت المنح المالية التي تبلغ قيمتها عشرات الملايين من الدولارات، والتي أُقرّت في الموازنة الأخيرة الشهر الماضي غضب الإسرائيليين العلمانيين.

وتبنّت الاحتجاجات الأسبوعية ضد قانون الإصلاح القضائي مواضيع معادية للدين، خاصة قبل الموعد النهائي الذي أمرت به المحكمة العليا في 31 يوليو/ تموز المقبل، لتقديم قانون جديد لمعالجة مسألة تجنيد اليهود المتشددين.

وليس من الواضح ما إذا كان مشروع القانون المقترح سيتمّ اعتماده، خاصّة أنّه لا يسعى إلى تجنيد المزيد من الرجال الأرثوذكس المتشددين في الجيش، ولكنه بدلًا من ذلك سيدعوهم للانضمام إلى القوى العاملة في وقت مبكر.

المصادر:
العربي - أسوشييد برس

شارك القصة

تابع القراءة
Close