Skip to main content

معتمدًا على "حدسه".. كيف أدار ترمب بلاده والعالم خلال 100 يوم؟

الإثنين 21 أبريل 2025
وجّه ترمب انتقادات إلى كثير من القضاة واتهمهم بأنهم يريدون تولّي صلاحيات الرئاسة - غيتي

تجاوز دونالد ترمب على مدى نحو 100 يوم في البيت الأبيض، الحدود المعتادة لسلطة الرئيس الأميركي، وجعلها طوع رغباته، من توبيخ نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلى تهديد القضاة وإشعال حرب تجارية عالمية، مرورًا بأمر تنفيذي يتعلق بضغط مياه الاستحمام.

ولم يتردد ترمب مطلع أبريل/ نيسان الجاري، بالقول: إن "الولاية الثانية هي فعلًا أقوى بكثير".

وهيمن معيار القوة على الأشهر الثلاثة الأولى للثري الجمهوري في البيت الأبيض، لكن بعكس الولاية الأولى (2017-2021) حين أحاط نفسه ببعض الوزراء والمستشارين والعسكريين الكبار القادرين على كبح جماحه، اختار ترمب هذه المرة أن يجمع حوله فريقًا من الأوفياء الذين يؤكد أنهم يتيحون له أن يحكم معوّلًا على "حدسه".

إعلانات صادمة وانعطافات مفاجئة

واستخدم ترمب (78 عامًا) هذا التعبير لدى الحديث عن سياسته بشأن التعرفات الجمركية، والقائمة حتى الآن على إعلانات صادمة وانعطافات مفاجئة.

وفي هذا الإطار، تقول أستاذة العلوم السياسية في جامعة غرينيل باربارا تريش: "هذه المرة، أحاط الرئيس نفسه بمستشارين لا يطبقون فقط مناورات القوة الجريئة (التي يريد هو القيام بها)، بل يشجعون عليها في بعض الأحيان".

وإذا كان لصورة أن تختصر الولاية الثانية، فهي ترمب الجالس في المكتب البيضوي الذي زيّنه بالتحف المذهبة، محاطًا بوزراء يقابلون تجاوزاته بالضحك، وصحافيين يطرحون عليه الأسئلة بينما يوقّع أمرًا تنفيذيًا تلو الآخر.

"الثأر"

ويحذّر الخصوم من أن النظام الذي أقامه ترمب ونصّب نفسه مركزًا أوحدًا له، يهدد الهيكل الدقيق الذي أرساه الدستور لتحقيق توازن مع الصلاحيات الرئاسية.

ويرتكز التوازن السياسي في الولايات المتحدة على السلطتين التشريعية والقضائية، لكن الكونغرس يهيمن عليه الجمهوريون، ويُظهر إلى الآن ولاء لا لبس فيه للرئيس الحالي، إلى حد أن النائبة كلاوديا تيني تقدمت باقتراح لجعل يوم ميلاد ترمب عطلة رسمية.

أما القضاة، فوجّه ترمب انتقادات إلى كثيرين منهم، واتهمهم بأنهم "يريدون تولّي صلاحيات الرئاسة". حتى أنه استشهد يومًا بنابوليون ليشرح موقفه بقوله: إن "من يخلص البلاد لا ينتهك أي قانون". ومن ثم فهو يهدد القضاة الذين يعترضون على بعض قراراته.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب - غيتي

وبعد أن طالب بعزل قاضٍ فدرالي أمر بتعليق قراره بطرد مهاجرين إلى السلفادور، وجّه إليه رئيس المحكمة العليا تأنيبًا علنيًا نادرًا، مشددًا على أنه "على مدى أكثر من قرنين، ثبت أنّ العزل ليس ردًا مناسبًا على خلاف متعلّق بقرار قضائي".

ويرى ترمب أن وزارة العدل هي بمثابة "الذراع المسلحة" في عملية "الثأر" السياسي التي وعد مناصريه بها بعد عودته إلى البيت الأبيض، علمًا بأنه أصدر في اليوم الأول من ولايته، قرارًا بالعفو عن مثيري الشغب الذين اقتحموا الكابيتول في 6 يناير/ كانون الثاني 2021.

وهاجم ترمب حتى الآن مكاتب محاماة والطلاب الأجانب، ودفع القضاء الفدرالي لملاحقة مدير سابق لوكالة الأمن السيبراني الأميركي، خطؤه الوحيد هو تأكيده عدم وجود مخالفات في انتخابات 2020 الرئاسية التي خسرها ترمب أمام سلفه الديمقراطي جو بايدن.

كما توعد ترمب من يعتدون على سيارات شركة "تيسلا" المملوكة لحليفه إيلون ماسك، بمواجهة "جحيم قضائي".

وبات للثري الأميركي موقع لصيق بترمب، الذي أوكل إليه الإشراف على وكالة حكومية لخفض النفقات الفدرالية.

الولاية الثالثة؟

أما فريق التواصل الإعلامي، فنقل أسلوب عمل حملة ترمب الانتخابية إلى البيت الأبيض باعتماد الإهانة أحيانًا، والاستفزاز غالبًا، والمديح دائمًا.

وعندما قال ترمب خلال حفلة استقبال: "لدينا هنا بعض أعضاء مجلس الشيوخ لكنني لا أحبهم فعلًا، لذا لن أقوم بتقديمهم"، كتب أحد حسابات الإدارة الأميركية تعليقًا على ذلك جاء فيه: "الرئيس الأكثر طرافة على مدى التاريخ".

وبعدما تراجع بعض الشيء عن حربه التجارية، وأعلن تعليق بعض التعرفات التي تسببت بخسائر حادة في أسواق المال العالمية، حيا مستشاره ستيفن ميلر "الإستراتيجية الاقتصادية الأكثر براعة في تاريخ الرؤساء الأميركيين".

ويستحيل التنبؤ بما ستكون عليه المراحل المقبلة في ولاية ترمب الثانية، إذ يبقى الجمهوري رئيسًا غير قابل للتوقع، لكنه مهووس كذلك.

تبقى بعض هواجسه تفصيلية، مثل الأمر التنفيذي المتعلق بزيادة ضغط المياه في دوش الاستحمام ما يتيح له "غسل شعري الجميل" بشكل أفضل.

لكن إجراءاته الأخرى تهز أركان النظام الاقتصادي والدبلوماسي في العالم، مثل رغبته المعلنة في ضم غرينلاند، وحديثه عن "السيطرة" على قطاع غزة، أو رؤيته الضمنية لعالم مقسم وفق مناطق نفوذ.

والثابت الوحيد بالنسبة إلى المحللين، هو أن ترمب يعيش على جذب الاهتمام في الولايات المتحدة والعالم، والأكيد أنه قادر على استقطابه أفضل من أي شخصية سياسية أخرى في الزمن المعاصر، بحسب وكالة فرانس برس.

لكن هذه الرغبة في أن يكون موضع الاهتمام على الدوام، قد تتحول إلى نقطة ضعف في بلاد لا تتوقف فيها الحملات الانتخابية، ويتوقع أن ينصرف اهتمامها قريبًا على التحضيرات للانتخابات الرئاسية لعام 2028.

فهل يقبل دونالد ترمب بأن يكتفي بدور المتفرّج؟ يصعب تصوّر ذلك، خصوصًا وأنه بدأ يتحدث بشكل دوري عن التشكيك في أن الدستور يحول دون ولاية ثالثة له، وقال: "ثمة طرق للقيام بذلك".

المصادر:
أ ف ب
شارك القصة