حوّل العدوان الإسرائيلي على جنين بالضفة الغربية مخيم اللاجئين بالمدينة إلى "مدينة أشباح" كما وصفه سكان وبعض المسؤولين، إذ ألحق به دمارا لم تشهده المنطقة منذ ما يزيد على 20 عامًا.
وفي 21 يناير/ كانون الثاني المنصرم، بدأ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية في مدينة جنين ومخيمها، أسفرت عن استشهاد 25 فلسطينيًا، كما وسّع عملياته العسكرية في 27 يناير إلى مدينة طولكرم، حيث استشهد 4 فلسطينيين، فيما بدأ الأحد عملية عسكرية في بلدة طمون ومخيم الفارعة بمحافظة طوباس.
ويدعي الجيش الإسرائيلي أن الهجوم واسع النطاق يهدف إلى "القضاء على الجماعات المسلحة المدعومة من إيران" في جنين الواقعة في شمال الضفة الغربية المحتلة.
مخيم جنين تحوّل إلى "مدينة أشباح"
فبعد أسبوعين من بدء العدوان، صارت جنين شبه مهجورة بعد أن غادر آلاف الفلسطينيين منازلهم، وليس معهم سوى ما تيسر حمله، تنفيذًا لأمر إسرائيلي بالمغادرة عبر طائرات مسيرة مزودة بمكبرات صوت.
وبعد تدمير الطرق ومرافق البنية التحتية الأخرى، هدمت القوات الإسرائيلية العديد من المباني مطلع هذا الأسبوع فيما أحدث انفجارات مدوية.
وفي هذا الإطار، قال خليل حويل (39 عامًا)، وهو أب لأربعة أطفال يسكن في مخيم جنين هو ووالده وإخوته في بيت من خمس شقق: "ظلينا في البيت إلى أن أتت الدرون (الطائرة المسيرة) وصارت تنادي أخلوا البيت وأخلوا الحي".
وأضاف: "خرجنا بملابسنا الشخصية. ممنوع تحمل شي... ولا حد ظل في المخيم... المخيم خالي من السكان بتاتًا".
وأردف حويل: إنه "بعد نشر الجرافات والمركبات المدرعة بالقرب من منزله، سار السكان بصعوبة على طرق يملؤها الركام إلى نقطة تجمع كانت تنتظرهم فيها سيارات تابعة للهلال الأحمر".

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه دمر 23 مبنى، وأنه "سيواصل العمل من أجل القضاء على الإرهاب حيثما كان ذلك ضروريًا"، حسب تعبيره.
ومن أعلى تل يطل على المخيم، لم يكن بالإمكان رؤية شيء سوى سحب الدخان والجنود وهم يتحركون بين جدران المنازل المحترقة.
وبدأت العملية، وهي المرحلة الأحدث من هجوم بدأ الشهر الماضي، في أعقاب دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس" حيز التنفيذ.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا": إن عمليات الهدم في جنين "تقوض وقف إطلاق النار الهش الذي تم التوصل له في غزة، وتهدد بتصعيد جديد".
وذكرت أن جنين "أصبحت مدينة أشباح".
وكان مخيم جنين للاجئين تعرض لمداهمات متكررة على مر السنين، ليس فقط من الجيش الإسرائيلي، وإنما من السلطة الفلسطينية.
وأثناء الانتفاضة الثانية عام 2002، هدمت القوات الإسرائيلية مئات المنازل، ما أدى إلى تهجير نحو ربع سكان المخيم.
من جهته، أفاد محافظ جنين كمال أبو الرب، بأن العملية الأحدث لم تترك في المخيم سوى نحو 100 شخص من أصل 3490 أُسرة كانت موجودة فيه قبل العملية.
وقال لرويترز: "الوضع أسوأ مما جرى عام 2002 لأن عدد النازحين كان أقل".
مقارنات مع دمار غزة
إلى ذلك، تواصل إسرائيل أيضًا اجتياح مناطق أخرى من الضفة الغربية، بما في ذلك مدينتي طوباس وطولكرم.
وفي بداية عملية جنين، قال يسرائيل كاتس وزير الأمن الإسرائيلي: إن "الجيش سوف يطبق الدروس المستفادة من الحرب في قطاع غزة الذي يبعد أكثر من 100 كيلومتر إلى الجنوب".
ويرى الفلسطينيون أن العملية الإسرائيلية، والتي بدأت بعد أن حظرت إسرائيل عمل الأونروا في مقرها في القدس الشرقية، هي محاولة لتهجير الفلسطينيين من الأراضي التي يرون أنها أساس الدولة المستقبلية في تكرار لأحداث "نكبة" عام 1948.
وقال نبيل أبو ردينة، المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، إن العملية جزء من جهود أوسع تهدف إلى "تهجير المواطنين والتطهير العرقي" اكتسبت زخمًا جديدًا منذ أن اقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن تستقبل مصر والأردن الفلسطينيين.
وما زال سكان جنين الذين أُجبروا على مغادرة المخيم صامدين.