الأربعاء 24 أبريل / أبريل 2024

مع تجدّد قصف قواتها في سوريا.. تصاعد التحديات الأميركية في الشرق الأوسط

مع تجدّد قصف قواتها في سوريا.. تصاعد التحديات الأميركية في الشرق الأوسط

Changed

تقرير يرصد الهجمات المتبادلة بين القوات الأميركية والفصائل الموالية لإيران في سوريا (الصورة: غيتي)
في الساعات الماضية، وبشكل غير مسبوق، زادت حدة التوتر بين القوات الأميركية والفصائل الموالية لإيران في سوريا.

تجدّد القصف الصاروخي المتبادل، فجر اليوم السبت، بين الفصائل المُوالية لإيران والقوات الأميركية شرقي سوريا، ما أدى إلى إصابة جندي أميركي إثر تعرّض قاعدتين للقوات الأميركية لهجمات.

ويأتي الهجوم بعد ساعات من إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن أنّ إدارته "لا تسعى إلى صراع مع إيران"، لكنّها في الوقت نفسه ستتصرّف إذا تعرّضت القوات الأميركية لإطلاق نار.

وأكد مسؤول أميركي تعرّض القاعدة الأميركية في حقل "كونيكو" للغاز في ريف دير الزور و"القرية الخضراء" في شمال شرق سوريا، لهجوم بـ3 مسيرات انتحارية قبيل منتصف الليل، مؤكدًا أن الدفاعات الجوية الأميركية تمكّنت من إسقاط اثنتين منها، في حين أصابت الثالثة القاعدة والحقت أضرارًا بأحد المباني دون أن تؤدي إلى وقوع إصابات.

وأكد المتحدث باسم البنتاغون باتريك رايدر أن واشنطن تحتفظ بحقّ الردّ على استهداف قاعدة "القرية الخضراء".

وبعد الهجوم، شنّ الطيران الحربي الأميركي غارات جوية على نقاط عسكرية لمواقع الفصائل الموالية لإيران في دير الزور ومنطقتي البوكمال والميادين شرقًا، ما أدى إلى مقتل 19 شخصًا، بينهم عناصر من قوات النظام السوري. في حين أعلن الحيش الأميركي أنه نقل جنوده المصابين إلى العراق من أجل العلاج.

توتر غير مسبوق

وفي الساعات الماضية، وبشكل غير مسبوق، زادت حدة التوتر بين القوات الأميركية والفصائل الموالية لإيران في سوريا. وبدأ التصعيد، الخميس، حين قامت مسيّرة متوجّهة من العراق باستهداف قاعدة "خراب الجير" التابعة للتحالف الدولي بريف الحسكة، ما أدى إلى مقتل متعاقد أميركي وإصابة 6 جنود.

وردًا على ذلك، قصفت طائرات أميركية، بعد منتصف ليل الخميس وفجر الجمعة، مواقع تابعة للفصائل الموالية لإيران في دير الزور، وبادية البوكمال وأطراف الميادين الجنوبية، موقعة قتلى وجرحى بالإضافة لخسائر مادية.

ورأت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أن تصاعد الهجمات يُثير التساؤل عمّا إذا كانت إدارة بايدن قد تصرفت بقوة كافية لردعهم، كما يُبرز التحديات التي تواجهها واشنطن في الوقت الذي تسعى فيه إلى الإنسحاب من الشرق الأوسط، في ظل نمو نفوذ الخصوم الجيوسياسيين الصين وروسيا في المنطقة.

كما جاء التصعيد غير المسبوق، عقب اتفاق سعودي-إيراني، توسّطت فيه بكين وبرعاية روسية، على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، وهو ما وضع خصوم الولايات المتحدة في قلب السياسة الإقليمية التي كانت تهيمن عليها واشنطن لسنوات.

اختبار لواشنطن

ونقلت الصحيفة عن محلّلين قولهم إن الولايات المتحدة لا تزال القوة السياسية والعسكرية البارزة في الشرق الأوسط، لكنّ تحوّل التحالفات الجيوسياسية يعقّد جهود واشنطن للحفاظ على مصالحها في المنطقة، مع تحويل تركيزها نحو المنافسة مع روسيا والصين.

وأكدوا أنّ "صعود هذه الدول في الشرق الأوسط، واستمرار الصراع مع وكلاء إيران، سيختبر التزام الولايات المتحدة تجاه المنطقة".

وأوضح عمر العبيدلي، رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينية، أن "الولايات المتحدة لم تُطرد من الشرق الأوسط، بل هي من تريد تقليص نفوذها فيه"، مضيفًا أنّ مجتمع السياسة في واشنطن يجب أن يتخيّل أن كل فرد في المنطقة سوف يتعايش بسلام بطريقة طبيعية، ولكن الحقيقة هي أنه من خلال تقليل تأثيرها، فإن واشنطن تفتح نافذة أمام الصين وروسيا لزيادة نفوذهما".

بدورها، قالت ياسمين فاروق، الزميلة غير المقيمة في معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس، إن "واشنطن تفقد بالتأكيد قدرتها على تشكيل الاتجاه في المنطقة بشكل حصري"، على الرغم من أنها أشارت إلى أن الولايات المتحدة لا تزال أقوى شريك أمني في الشرق الأوسط.

والتزم قادة الولايات المتحدة بحماية القوات الأميركية ودول الشرق الأوسط من التهديدات التي تشكّلها إيران ووكلائها. وينتشر نحو 900 جندي أميركي في سوريا، و2500 في العراق في إطار مهمة للقتال ضد فلول "تنظيم الدولة".

وبالنسبة للضربة الجوية الأميركية الأخيرة، أكد مسؤولون أميركيون أنها المرة الرابعة التي تردّ فيها إدارة بايدن عسكريًا على الهجمات المدعومة من إيران في سوريا والعراق.

انتقادات من الجمهوريين

وقد أثار ذلك انتقادات من الجمهوريين الذين اعتبروا أن إدارة بايدن لم تكن قوية بما يكفي في مواجهة هجمات الفصائل المتكررة. وفي هذا الإطار، قال النائب مايكل ماكول، الذي يرأس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، في بيان الجمعة: "لقد انكسر ردعنا ضد إيران".

ووفقًا للقيادة المركزية الأميركية "سنتكوم"، هاجمت الفصائل الموالية لإيران أفرادًا أميركيين في الشرق الأوسط 78 مرة منذ عام 2021، في حين ردّت الولايات المتحدة عسكريًا ثلاث مرات.

بدوره، قال العميد احتياط أساف أوريون، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، إنّ الولايات المتحدة بحاجة إلى استعراض المزيد من القوة العسكرية في الشرق الأوسط إذا كانت تريد استعادة بعض نفوذها السياسي المفقود.

وقال أوريون: "إذا كان بإمكان شخصين يحملان صاروخًا، إطلاق النار على قاعدة أميركية والإفلات من العقاب، فهذا دليل على ضعف الاستعداد الأميركي لاستخدام القوة للدفاع عن سياساتها".

وعن تأثير استئناف العلاقات السعودية الإيرانية، أكدت لينا الخطيب، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد "تشاتام هاوس" بلندن، أنّ طهران لم تتخلَّ عن طموحاتها لإزاحة واشنطن من أماكن نفوذها في الشرق الأوسط، لمجرد أنها تتعامل الآن بشكل أكثر إيجابية مع السعودية الشريك الأمني لواشنطن.

وأضافت أن "الهجوم الأخير يُظهر أن إيران تفصل في علاقاتها مع كيانات مختلفة في المنطقة، فمن ناحية، قد تحاول استعادة العلاقات مع السعودية، لكنها في الوقت نفسه قد تُحاول مهاجمة القواعد الأميركية في سوريا".

من جهته، قال عبد الخالق عبد الله، المعلق السياسي الإماراتي: "هناك خليج ناشئ جديد، وعلى أميركا أن تقبل بخليج أكثر استقلالية وثقة"، مضيفًا: "لا غنى عن أميركا في مجال الأمن والاستقرار والمنطقة، فالحاجة مشتركة بينهما لبعضهما، حيث لم نصل بعد إلى شرق أوسط ما بعد أميركا".

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close