الأربعاء 17 أبريل / أبريل 2024

"مفاجأة إستراتيجية".. هل أخاف الربيع العربي إسرائيل؟

"مفاجأة إستراتيجية".. هل أخاف الربيع العربي إسرائيل؟

Changed

تبحث حلقة "قراءة ثانية" في ردة الفعل والمخاوف الإسرائيلية بعد انطلاق ثورات الربيع العربي.
اهتمت إسرائيل بالثورتين السورية والمصرية الموجودتين على حدودها أكثر من غيرهما، وأبدت تخوفها من أن تتغير خارطة الشرق الاوسط في حال نجاح ثورات الربيع العربي.

قدمت إسرائيل نفسها ولا تزال على أنها "واحة الديمقراطية في صحراء الديكتاتوريات" وبأنها "صورة الغرب المتحضر في الشرق المستبد".

وحين انطلقت ثورات الربيع العربي عام 2010 وكادت مطالب الشعوب العربية بالديمقراطية تتحقق ولا سيما في مصر، كادت الصورة التي ترسمها إسرائيل لنفسها تتهشم.

ففي 30 نوفمبر من عام 2011 أي قبل مرور عام واحد على اشتعال ثورات الربيع العربي، لفت وزير الدفاع الإسرائيلي بنيامين بن إليعازر أمام الكنيست الإسرائيلي إلى أن "إسرائيل لم تكن يومًا بوضع أمني كارثي كما هي اليوم".

وقد اهتمت إسرائيل بالثورتين السورية والمصرية الموجودتين على حدودها أكثر من غيرهما. ومنذ البداية حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزراءه من الإدلاء بتصريحات عما يجري في سوريا.

وصرح رئيس الإستخبارات الإسرائيلية السابق الجنرال أهارون زئيفي أنه يرفض إطلاق تسمية الربيع العربي على "الهزة الأرضية" في الشرق الأوسط، وقال إن الإسلام السني المتطرف يزداد قوة في تركيا ومصر وفي المستقبل في سوريا، وهذا ما سيغير خريطة الشرق الأوسط.

إمبراطورية إسلامية تسعى لمحو إسرائيل

وتوقع الجنرال عاموس جلعاد رئيس الطاقم الأمني السياسي في وزارة الدفاع الإسرائيلية أن يؤدي سقوط نظام الأسد إلى قيام إمبراطورية إسلامية في المشرق تسعى إلى محو إسرائيل.

كما أبدت إسرائيل المخاوف نفسها إزاء الثورة المصرية. وأصدر مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية توجيهًا إلى جميع الوزراء والناطقين باسم الحكومة يطالبهم بعدم التطرق إلى ما يحدث في مصر في وسائل الإعلام.

وفي 29 يناير 2011 عقد نتنياهو اجتماعًا مطولًا مع قادة أجهزة الأمن ومستشاريه لشؤون الأمن حول الأوضاع في مصر وإمكانية نجاح الثورة فيها وتأثير ذلك على إسرائيل.

وفي أعقاب هذا الاجتماع، صرح مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى بأن ما يحدث في مصر يتسم بعدم الوضوح وأن الجميع يريد أن تؤدي الخطوات التي اتخذها مبارك إلى وقف أعمال الشغب.

وأرسلت وزارة الخارجية الإسرائيلية تعليمات سرية إلى سفرائها في أكثر من 10 دول مهمة مثل أميركا وروسيا والصين وكندا وعدد من الدول الأوروبية أمرتهم فيها بالاتصال بالسلطات العليا في هذه الدول والطلب من قادتها وقف انتقاد الرئيس المصري حسني مبارك، والتأكيد على أن الاستقرار في مصر سيؤثر في مجمل الاستقرار في الشرق الأوسط كله.

كما تحدثت صحيفة هآرتس حينها عن وجود امتعاض لدى إسرائيل من موقف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من الأحداث في مصر. 

وذكر مسؤول إسرائيلي رفيع أن الأميركيين والأوروبيين ينجرون وراء الرأي العام ولا يفكرون في مصالحهم الحقيقية وأنه ينبغي الوقوف مع مبارك ومنح "الأصدقاء" شعورًا أنهم ليسوا وحدهم.

"مفاجأة إسترتيجية"

الباحث والأكاديمي الفلسطيني محمود محارب أكد أن المخاوف الإسرائيلية إبان الربيع العربي كانت حقيقية، بحيث عبر عنها قادة إسرائيليون ومؤسسات بحثية.

ولفت في حديث إلى "العربي" إلى أن الثورات العربية شكلت مفاجأة إسترتيجية لإسرائيل بعدما كانت الفرضية الرئيسة بأن الشعوب العربية خانعة وتقبل بالحكومات وبأن الأنظمة الاستبدادية العربية لديها التجربة والخبرة في قمع هذه الشعوب.

محارب الذي رأى أن هذه الأنظمة كانت تتبنى الأجندة الإسرائيلية والأميركية، اعتبر أن خروج الملايين من العرب إلى الشوارع هز الإسرائيليين، وأثبت لهم بأن لدى العرب شعوب حية.

وأوضح أن المفاجأة تمثلت أيضًا في أن الثورات لم تقتصر على بلد واحد بل امتدت وباتت حالة ثورية.

وشدد على أن الخطر الذي رأته إسرائيل، هو أن هذه الثورات من الممكن أن تقيم أنظمة ديمقراطية تمثل إرادة شعوبها، معتبرًا أنه من السهل لتل أبيب التعامل مع أنظمة استبدادية بدلًا من أنظمة تحاسبها شعوبها.

"بروز دور الشارع العربي على حساب الأنظمة"

بدوره، ذكّر الكاتب والباحث الفلسطيني أنطوان شلحت بأن أول ردة فعل إسرائيلية على الثورة في مصر كانت محاولة إبداء المخاوف على مستقبل النظام المصري وعلى "معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية".

وأشار في حديث إلى "العربي" إلى أن حديث غانتس ونتنياهو حينها تركز على أن الثورة في مصر تمثل انعطافة كبيرة في المنطقة العربية.

ورأى شلحت أن التحول الانعطافي الذي تخوفت منه إسرائيل حينها هو بروز دور الشارع العربي على حساب الأنظمة. 

وقال: "منذ ذلك الوقت وإلى يومنا هذا نجد أن معظم الدراسات الإسرائيلية تقيم حدًا فاصلًا بين مواقف الشارع العربي ومواقف الأنظمة المختلفة".

ولفت إلى أن تل أبيب حاولت منع نظام مبارك من السقوط إلا أنه أُسقط في يدها، لافتًا إلى أن إسرائيل حاولت أيضًا تأمين استمرار "المباركية" بالرغم من سقوط مبارك، معتبرًا أنها نجحت إلى حد ما في هذا المسعى.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close