على وقع مزيد من المجازر الإسرائيلية في غزة، أكدت مصادر للتلفزيون العربي أن مفاوضات وقف إطلاق النار في الدوحة لم تحرز أي تقدم، وأن الوفد الإسرائيلي لم يأتِ بجديد. كما أن الوسطاء نقلوا إلى حماس عرضًا إسرائيليًا سابقًا كانت قد رفضته الحركة.
وعلى صعيد آخر التطورات أيضًا، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد إن هناك إمكانية للتوصل إلى صفقة، مشيرًا إلى أنه عرض على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عقب اجتماع معه "شبكة أمان سياسية كاملة مقابل إبرام اتفاق".
تعنت إسرائيلي
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف تحدث مع نتنياهو مرات عدة لإقناعه بتوسيع صلاحية وفده المفاوض، وإبداء مرونة أكبر، لكن دون جدوى.
كما رفض نتنياهو خطة شاملة قدّمها ويتكوف، رغم إبداء إشارات إيجابية حيالها من قبل حماس التي أوضحت أن إفراجها عن المحتجز الأميركي الإسرائيلي عيدان ألكسندر جاء في سياق تفاهمات مع واشنطن بعلم الوسطاء، تقضي بإدخال المساعدات إلى غزة فورًا، والدعوة إلى وقف دائم للحرب، وإجراء مفاوضات شاملة.
وتحدث رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني عن التعنت الإسرائيلي حيال المفاوضات، وقال في تصريحات لشبكة "سي إن إن" الأميركية: إن هجمات إسرائيل على غزة هذا الأسبوع تظهر عدم اكتراثها بالتفاوض.

ويرسل نتنياهو رسائل دموية بالتزامن مع بدء مفاوضات وقف إطلاق النار في الدوحة والزيارة التي يقوم بها للمنطقة الرئيسُ الأميركي دونالد ترمب، الذي لم يأت في تصريحاته العلنية أثناء جولته على ذكر غزة.
نتنياهو مصر على استمرار الحرب
وفي هذا الإطار، يرى الباحث في الشأن الإسرائيلي، أنطوان شلحت، أن الرسالة التي يحاول نتنياهو توجيهها هي أنه مصرّ على الاستمرار في الحرب.
ويشير شلحت، في حديث إلى التلفزيون العربي من عكا، إلى "تصريح مهم" أدلى به زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، عقب لقائه مع نتنياهو بعد انقطاع دام نحو نصف عام.
ويقول إن مسألة التوصل إلى اتفاق تبادل وإنهاء الحرب تتطلب قرارًا من الكابينت، وإن عدم اتخاذ مثل هذا القرار يُشير إلى وجود مصالح شخصية ودوافع سياسية تقف وراء ذلك.
ويلفت إلى أن الأنظار ستتوجه إلى واشنطن، إذ يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أجرى مفاوضات مباشرة مع حركة حماس، ما أثار قدرًا من التفاؤل بإمكانية التوصل إلى صفقة تبادل.
كما يرى شلحت أن الرسائل التي تبثّها إسرائيل الليلة على لسان نتنياهو تفيد بأن المجازر بحق الفلسطينيين ستستمر، وأن إسرائيل مصمّمة على تنفيذ عملية "مركبات جدعون"، التي تعني توسيع الحرب على قطاع غزة، مشيرًا إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تؤكد أن "تنفيذ هذه العملية أمر مفروغ منه".
ويؤكد شلحت أن هناك قرارًا أميركيًا صارمًا بعدم بدء عملية "مركبات جدعون"، لكنه يتوقع أن يصدر الكابينت قرارًا بالشروع فيها فور عودة ترمب إلى واشنطن.
إحباط بعد "الخطوة الإيجابية"
من جهته، يرى الكاتب والباحث السياسي، وسام عفيفة، أن ما أعلنته حركة حماس في بيانها الأخير يُعبّر عن حالة من الإحباط، وكأنها تقول إن هناك انتكاسة في الجهود التي بُذلت خلال الأيام الماضية.
ويلفت في حديث إلى التلفزيون العربي من دير البلح، إلى أن الوسطاء قدّموا وعودًا للحركة مفادها أنه في حال أقدمت على "خطوة إيجابية" - والمقصود بها إطلاق سراح الأسير الأميركي الإسرائيلي - فإن لهذه الخطوة ردود فعل متوقعة، تتمثل في إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، وأن الإدارة الأميركية لن تقبل بأقل من ذلك مقابل حصولها على الأسير.
ويشير إلى أن "ما فُهم هو أن ترمب كان سيدعو بشكل علني إلى وقف إطلاق النار في غزة". لكنه يلفت إلى أن زيارة ترمب إلى المنطقة تشارف على الانتهاء، دون أن يتحقق أي تقدّم ملموس، رغم أنه أوحى بأن زيارته قد تفضي إلى انفراجة في ملف الحرب على غزة، نظرًا لأهمية هذا الملف بالنسبة للمنطقة وشعوبها.
ويقول عفيفة: "إن حجم الإنجازات التي راكمها ترمب تفيد الولايات المتحدة، لكنها لا تفيد الشعب الفلسطيني الذي يشعر بالإحباط"، مضيفًا: "ومن هنا جاء بيان حماس لتذكير الوسطاء بمسؤولياتهم تجاه الشعب الفلسطيني، في ظل الإبادة المستمرة في غزة".
ترمب "ليس سعيدًا"
إلى ذلك، يعتبر كبير الباحثين في مركز التقدم الأميركي ومساعد وزير الدفاع الأسبق، لاري كورب، أن ترمب "ليس سعيدًا بموقف إسرائيل المتمثل في استمرار الحرب وعدم إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع".
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من واشنطن، يرى كورب أن حركة حماس كانت تأمل بأن تمارس الإدارة الأميركية ضغوطًا على نتنياهو، لافتًا إلى أن ما يقوم به ترمب لا يصب في مصلحة نتنياهو، لكنه - في الوقت ذاته- لا يتخذ خطوات حاسمة.
ويقول كورب: "يتعين على ترمب قطع المساعدات العسكرية عن إسرائيل لإنهاء الحرب"، مضيفًا أن نتنياهو يتمسك بمهمة "مستحيلة لأنه لا يمكن هزيمة حماس عسكريًا". ويؤكد: "إنه كما اكتشفنا في فيتنام، يمكن قتل جميع الناس، لكن لا يمكن إنهاء الفكرة".
ويرجّح كورب أن امتناع ترمب عن ممارسة ضغوط كافية على إسرائيل لوقف الحرب يعود إلى اعتبارات داخلية أميركية، إذ يضمّ الكونغرس نوابًا يهودًا يدعمون إسرائيل، ويشكّلون مصدر قلق للرئيس الأميركي.