مع استمرار التصعيد الإسرائيلي في غزة، يقول المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف إنه دفع بورقة جديدة تهدف للتوصل إلى اتفاق بين حركة حماس وإسرائيل.
وبموجب الورقة، ستعمل إسرائيل على وقف هجماتها ووقف إطلاق النار لمدة ستين يومًا، كما سيتم إطلاق سراح محتجزين إسرائيليين من الأحياء والأموات، في مقابل إطلاق سراح عشرات الفلسطينيين.
وتتضمن الورقة أيضًا إدخال المساعدات الإنسانية وإعادة انتشار الجيش الإسرائيلي. وسيضمن الرئيس الأميركي والوسيطان مصر وقطر تنفيذها.
حماس تدرس المقترح "بمسؤولية"
حركة حماس قالت من جهتها، إنها تلقّت المقترح الأميركي وتعمل على دراسته بمسؤولية وطنية تراعي مصالح الشعب الفلسطيني، بما يحقق وقف إطلاق النار الدائم في القطاع، لافتةً إلى أنها تُجري مشاورات مع القوى والفصائل الفلسطينية بشأنه.
وقد علَّق عدد من قادة الحركة السياسيين على المقترح، بأنه يخلو من ضمانات أميركية لوقف دائم للحرب ويشكل تأييدًا للاحتلال واستمرار القتل والمجاعة، علاوة على أنه لا يستجيب لمطالب الفلسطينيين.
أمّا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فقال إنه سيقبل بمخطط ويتكوف الجديد، بينما علَّقت العائلات بالقول إنها لم تَتلقَّ إجابات مرضية من نتنياهو.
ولم تغب لغةُ الوعيد والتهديد عن جيش الاحتلال، وقال رئيس أركانه أيال زامير إنه يمكن وقفُ الحرب من أجل إبرام صفقة تبادل، لكنه لن يَقبل باستمرار القتال إلى ما لا نهاية، فيما قال وزير الأمن يسرائيل كاتس إن على حماس الاختيارَ بين مقترح ويتكوف أو السحْق، بحسب تعبيره.
وقد أشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب اليوم الجمعة، إلى أنه يعتقد أن التوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار أصبح قريبًا وقد يتم الإعلان عنه قريبًا.
"ورقة تعيد صياغة مقترحات سابقة"
وفي هذا الإطار، يعتبر الكاتب والباحث السياسي وسام عفيفة أن مقترح ويتكوف الجديد هو "إعادة صياغة للمقترحات السابقة، من حيث عدم التعاطي مع الشروط الفلسطينية".
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من دير البلح وسط قطاع غزة، يرى عفيفة أن "هذه الورقة لا تؤدي الحد الأدنى من المطالب التي تم التوافق عليها سابقًا مع المبعوث الأميركي من أصل فلسطيني بشارة بحبح، ووافقت عليها حماس".
وإذ يعتبر أن بنود الورقة تجبر حماس على رفضها، يرى أن الظرف القائم اليوم في قطاع غزة، الذي يتعرض لإبادة جماعية، جعل الحركة تدرس هذه الورقة رغم مساوئها وتبحث عن أي هوامش يمكن أن تسمح للاحتلال بالتذرع من أجل الاستمرار في الإبادة.
كما يلفت عفيفة إلى أن "الساعات القادمة ستكون حاسمة وصعبة على المقاومة الفلسطينية، جراء الحالة الإنسانية في غزة، حيث يُطلب من حركة حماس أن توازن بين ورقة سيئة وبين واقع إنساني كارثي في ظل القتل اليومي والتجويع".
"أزمة ثقة"
ومن جانبه، يشير المستشار السابق في البيت الأبيض ستيف جيل إلى أن المشكلة الأكبر في المفاوضات برمتها تكمن في "النقص بالثقة بين الطرفين".
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من واشنطن، يشير جيل إلى أن ذلك يصعّب إبرام اتفاق.
ويردف أن "الهوة الأكبر تتمثل في أنه ليس هناك ضمانات لعدم إشعال الحرب مجددًا لأسباب إضافية في المستقبل".
لكنه يعتبر أن "الخبر السار يتمثل في أن الطرفين يستمران بالتحدث".
"الولايات المتحدة لا تزال متماهية مع إسرائيل"
أمّا الباحث في الشأن الإسرائيلي عادل شديد، فيرى أن الوقف الدائم لإطلاق النار والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة ينسف الهدف الحقيقي لهذه الحرب، الذي وضعته الحكومة الإسرائيلية.
ويلفت في حديث إلى التلفزيون العربي من الخليل، إلى أن حكومة الاحتلال وضعت إعادة الاستيطان هدفًا لها بعد إعادة الاحتلال الكامل للقطاع وتهجير الفلسطينيين.
ويرى أن "أي مقترحات من شأنها أن تنسف هذه الأهداف لن تكون مقبولة من المركّب الأهم في الحكومة الإسرائيلية، وهو جماعة الصهيونية الدينية".
لكنه يعتبر أن الأخطر من ذلك، من وجهة النظر الإسرائيلية، ليس تفاصيل الورقة بل قبول الولايات المتحدة التعاطي مع حركة حماس والتفاوض معها. وبالتالي "فإن هذا الأمر يمثل إقرارًا إسرائيليًا أميركيًا بفشل هدف الحرب ويؤكد أن حركة حماس موجودة".
لكن شديد يعتبر في الوقت نفسه، أن "الولايات المتحدة لا تزال منسجمة ومتماهية مع إسرائيل بشأن أهداف الحرب ووسائلها وقدرة إسرائيل على تحقيقها".
وبحسب شديد، "توضع حماس أمام خيارين إمّا رفض المقترح وتحميلها مسؤولية معاناة الغزيين وإعطاء شرعية للسلوك الإسرائيلي، وإمّا القبول بالمقترح وهو ما سيتم ترويجه إسرائيليًا على أنه استسلام".