من المقرر أن تعقد إيران والولايات المتحدة محادثات في سلطنة عُمان السبت المقبل، في محاولة لتحريك المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وبينما يُصرّ الرئيس الأميركي دونالد ترمب على أنّ المحادثات ستكون مباشرة، فإنّ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي صرّح بأنّ مفاوضاته مع المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف ستكون عبر وسيط.
وبغضّ النظر عن الصيغة التي ستتمّ بها هذه المحادثات، فإنّها تُمثّل علامة فارقة في العلاقات المتوترة بين البلدين على خلفية برنامج إيران النووي.
تاريخ طويل من التوترات
في خمسينيات القرن الماضي، بدأ البرنامج النووي الإيراني عقب خطاب الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور تحت عنوان "تسخير الذرة من أجل السلام" أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1953، ما أدى إلى توقيع الشاه محمد رضا بهلوي اتفاق تعاون مع الولايات المتحدة عام 1957، حصلت طهران بموجبه على مساعدات نووية فنية من واشنطن.
- عام 1967، أنشأت إيران مركز طهران للأبحاث، حيث زوّدت واشنطن المركز بمفاعل أبحاث بقدرة 5 ميغاواطات.
- عام 1968، خضع البرنامج النووي الإيراني للتفتيش والتحقيق من قبل الوكالة الدولية للطاقة، عقب توقيع نظام الشاه معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
- عام 1979، توقّف البرنامج النووي الإيراني مع انسحاب الشركات الغربية من المشاريع النووية الإيرانية، عقب انتصار الثورة الإيرانية واقتحام مجموعة من الطلاب مبنى السفارة الأميركية لدى طهران واحتجازهم 52 عنصرًا من موظفي ودبلوماسيي البعثة الأميركية لمدة 444 يومًا.
- عام 1981، سمحت قيادة الثورة بإجراء بحوث في الطاقة النووية، مع اندلاع الحرب العراقية - الإيرانية وامتناع العديد من الدول الغربية والشرقية عن تزويد إيران بالأسلحة الرادعة، ما دفع رجال الدين في طهران للمطالبة بإحياء البرنامج النووي. وتطوّر الأمر إلى استئناف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد نحو عامين.
- في أغسطس/ آب 2002، كشفت أجهزة الاستخبارات الغربية وجماعة معارضة إيرانية عن منشأة نطنز السرية لتخصيب اليورانيوم في إيران.
- يونيو/حزيران 2003، خاض الرئيس الإيراني آنذاك حسن روحاني مفاوضات مع الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) بشأن البرنامج النووي، توّجت بالتوقيع على اتفاقية "سعد آباد". وبناء عليه، جمّدت طهران في أكتوبر/ تشرين الأول 2003، تخصيب اليورانيوم في جميع منشآتها النووية بشكل طوعي وصدقت بعد فترة وجيزة على البروتوكول الإضافي لمعاهدة عدم الانتشار النووي.
- في فبراير/ شباط 2006، أعلنت إيران استئناف تخصيب اليورانيوم عقب انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد، لتنسحب بريطانيا وفرنسا وألمانيا من المفاوضات المُتعثّرة.
- عام 2009، بلغ التوتر ذروته عندما تحدثت تقارير أميركية وأوروبية عن قيام إيران ببناء مفاعل "فوردو" النووي قرب مدينة قم جنوب طهران، دون أن تُخبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية بذلك.
- وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2009، فتحت الولايات المتحدة وإيران في عهد الرئيس باراك أوباما، قناة خلفية سريّة لنقل الرسائل عبر سلطنة عمان.
- في يوليو/ تموز 2012، عقد مسؤولون أميركيون وإيرانيون محادثات سرية وجهًا لوجه في عُمان.
- في 14 يوليو 2015، وقّعت القوى العالمية وإيران خطة العمل الشاملة المشتركة المعنية بالملف النووي الإيراني، والتي تحدّ من تخصيب طهران لليورانيوم مقابل رفع العقوبات الاقتصادية.
انهيار الاتفاق النووي
- في 8 مايو/ أيار 2018، انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترمب في ولايته الأولى، من الاتفاق النووي بشكل أحادي، واصفًا إياه بـ"أسوأ اتفاق على الإطلاق". وقال إنّه سيحصل على شروط أفضل في مفاوضات جديدة لوقف تطوير إيران للصواريخ ودعمها للفصائل المسلّحة الإقليمية. وهو ما رفضته طهران، وبالتالي لم تُعقد هذه المحادثات خلال ولايته الأولى.
- في 8 مايو 2019، بدأت إيران بالتراجع تدريجيًا عن تنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، قبل أن تُعلن في 5 يناير/ كانون الثاني 2020 تعليق جميع تعهّداتها فيه، وهدّدت بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي إذا أحيل ملف برنامجها النووي إلى مجلس الأمن.
- في 3 يناير 2020، أدت غارة جوية أميركية بطائرة بدون طيار في بغداد إلى مقتل قائد "فيلق القدس" الإيراني الجنرال قاسم سليماني. وبعدها بخمسة أيام، أطلقت إيران وابلًا من الصواريخ على قواعد عسكرية في العراق تضمّ آلاف الجنود الأميركيين والعراقيين ردًا على اغتيال سليماني.
- في يوليو 2020، دمّر انفجار غامض مصنعًا لإنتاج أجهزة الطرد المركزي في منشأة نطنز الإيرانية لتخصيب اليورانيوم. وحمّلت طهران إسرائيل مسؤولية الهجوم.
- في 6 أبريل/ نيسان 2021، بدأت إيران والولايات المتحدة برئاسة الرئيس جو بايدن، مفاوضات غير مباشرة في فيينا بشأن كيفية إعادة العمل بالاتفاق النووي. ولم تتوصّل هذه المحادثات، وغيرها من المحادثات بين طهران والدول الأوروبية، إلى أي اتفاق.
- 11 أبريل 2021 ، استهدف هجوم ثانٍ خلال عام موقع نطنز النووي في إيران، ومن المرجح أيضًا أن تكون إسرائيل هي التي نفّذته.
- 16 أبريل 2021، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنّ طهران بدأت تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، وهي أعلى نسبة نقاء لها على الإطلاق.
- 17 يوليو 2022، صرّح مستشار المرشد الأعلى الإيراني ووزير الخارجية الإيراني كمال خرازي، بأنّ إيران قادرة تقنيًا على صنع قنبلة نووية، لكنّها لم تُقرّر بعد ما إذا كانت ستصنعها.
عودة ترمب إلى السلطة
تولّى ترمب منصبه رئيسًا للولايات المتحدة لولاية ثانية في 20 يناير 2025. وفي الشهر التالي، أعلن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي أنّ المحادثات المقترحة مع الولايات المتحدة بشأن برنامج إيران النووي "ليست ذكية ولا حكيمة ولا شريفة".
في 7 مارس 2025، ذكر ترمب أنّه أرسل رسالة إلى خامنئي سعيًا للتوصل إلى اتفاق نووي جديد مع طهران.
في 7 أبريل الحالي، أعلن ترمب أنّ الولايات المتحدة وإيران ستعقدان محادثات مباشرة في عُمان. وأكدت طهران الاجتماع، لكنّها أوضحت أنّ المحادثات ستكون غير مباشرة.