بين الجرعة والجرعتين، يسود جدل جديد حول مكافحة وباء كورونا في العالم، بعدما خلُصت دراسات إلى أن جرعة واحدة "تكفي"، رغم أنّ العديد من اللقاحات صُمِّمت أساسًا وفق قاعدة أن يتم إعطاؤها للمواطنين على جرعتين متباعدتين زمنيًا.
وبحسب مقال لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فإنّ العلماء والمتخصّصين انقسموا إلى معسكرين في مقاربة هذه الإشكالية؛ إذ يؤكد قسم واسع منهم ضرورة مواصلة العمل على أساس الجرعتين، طالما أنه لا يوجد "دليل كافٍ" على أن جرعة واحدة توفر حماية طويلة المدى للملقَّحين.
في المقابل، يدافع آخرون عن فكرة الاكتفاء بجرعة واحدة، لا سيّما أنها ستمكن الحكومات من تسريع وتيرة التلقيح والوصول إلى عدد أكبر من الناس، وتحقيق مناعة مجتمعية.
ويقول بيتر ماركس، مدير مركز إدارة الغذاء والدواء الذي يشرف على اللقاحات، للصحيفة: "من الضروري استخدام هذه اللقاحات على النحو المصرح به من قبل إدارة الغذاء والدواء من أجل منع كوفيد-19، وما يرتبط به من دخول المستشفى والوفاة".
وكانت إدارة الغذاء والدواء الأميركية وافقت، في أواخر العام الماضي، على نظام جرعتين للقاحات "موديرنا" و"فايزر-بيونتيك"، كما وافقت مؤخرًا على استخدام نظام جرعة واحدة للقاح "جونسون آند جونسون".
جرعة واحدة "قد تكون فعالة" ضد كوفيد-19
لكن، وفقًا للصحيفة، فقد دعا بعض العلماء والمشرّعين إلى التحول إلى نظام الجرعة الواحدة لجميع اللقاحات، مستشهدين بالدراسات الأولية التي أظهرت أن جرعة واحدة يمكن أن تكون فعالة.
وقد أصدر باحثون بريطانيون بيانات أولية في الأيام الأخيرة تفيد بأن أيًا من اللقاحين، "فايزر" و "أسترازينيكا"، قلل من خطر دخول المستشفى بين الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 70 عامًا بنسبة 80%، مقارنة بأشخاص من الأعمار نفسها من دون تلقيح.
ودعم دعوة العلماء سبعة أطباء من أعضاء الكونغرس عبر رسالة إلى وزير الصحة والخدمات الإنسانية بالوكالة، نوريس كوكران. وحثه الأطباء على "النظر في إصدار ترخيص استخدام طارئ منقح في أقرب وقت ممكن، والذي قد يؤدي إلى استخدام جرعة واحدة من لقاحي "فايزر" و "موديرنا".
ويسعى المشرعون إلى زيادة حماية الصحة العامة والشعب الأميركي.
لا مبرر للجرعة الواحدة ضد كوفيد-19
من جهة أخرى، قال كبار العلماء الحكوميين في إدارة الغذاء والدواء والمعاهد الوطنية للصحة: "إن مثل هذا التحول ليس له ما يبرره". واعتبروا أن الأدلة المعتمدة للموافقة على لقاحي "فايزر" و"موديرنا" تستند إلى جرعتين.
ويقول هؤلاء العلماء: "إن جرعة واحدة قد توفر حماية قصيرة المدى، لكن الحماية طويلة المدى هي علامة استفهام". ويفضلون جعل الناس يصلون إلى "أعلى مستوى ممكن من المناعة".
كما شدد رئيس اللجنة الاستشارية لإدارة الغذاء والدواء، أرنولد مونتو، على الحاجة إلى جرعتين لمواجهة متغيرات كوفيد-19. وقال مونتو: "لدينا معلومات عن استراتيجية الجرعتين، نحن بحاجة إلى مستويات عالية من الأجسام المضادة من تلك الجرعات للتعامل مع المتغيرات".
تأخير الجرعة الثانية
ويقترح عدد آخر من العلماء تأخير الجرعة الثانية من اللقاح، وفقًا للصحيفة. وقال عالم الأوبئة بجامعة مينيسوتا، مايكل أوسترهولم: "إن الولايات المتحدة يجب أن تفكر في تأخير الجرعات الثانية حتى يتمكن المزيد من الأشخاص من الحصول على اللقاحات الأولى".
وكانت المملكة المتحدة قد عملت بهذا الخيار، حيث أخّرت الجرعة الثانية من اللقاح لمدة تصل إلى 12 أسبوعًا في محاولة للوصول إلى المزيد من الناس.