الخميس 25 أبريل / أبريل 2024

"مثيرة للقلق".. النسخ المتحورة من فيروس كورونا أشد عدوى وخطورة

"مثيرة للقلق".. النسخ المتحورة من فيروس كورونا أشد عدوى وخطورة

Changed

يؤدي فيروس كورونا المتحّور  إلى تفاقم الجائحة ويجعل السيطرة عليه أكثر صعوبة
تنتشر العديد من متحوّرات الفيروس حول العالم (غيتي)
تعتبر ثلاث نسخ متحورة من كورونا مثيرة للقلق، وهي النسخة التي اكتشفت في إنكلترا وتلك المكتشفة في جنوب إفريقيا والثالثة في اليابان.

في المرحلة الراهنة، تُعتبر ثلاث نسخ متحوّرة من فيروس كورونا "مثيرة للقلق" وفقًا لمنظمة الصحة العالمية وهي، النسخة التي اكتشفت في إنكلترا وتلك المكتشفة في جنوب إفريقيا، والثالثة في اليابان (اكتُشفت لدى مسافرين قادمين من البرازيل ومن هنا سُميت بالمتحوّرة البرازيلية).

هذه المتحوّرات الثلاث منتشرة في 125 و75 و41 بلدًا على التوالي، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية. وتصنّف "مثيرة للقلق" بسبب ارتفاع قابليتها للانتقال و/أو شدّتها، وبذلك تؤدي إلى تفاقم الجائحة وتجعل السيطرة عليها أكثر صعوبة، بحسب تعريف المنظمة.

والفئة التالية هي فئة "المتحوّرات المثيرة للاهتمام"، وهي تتطلب مراقبة بسبب خصائصها الجينية التي قد تطرح إشكالية.

في الوقت الحالي، تراقب منظمة الصحة العالمية ثلاثًا منها رصدت أولّا في اسكتلندا والولايات المتحدة والبرازيل.

وتنتشر العديد من المتحوّرات الأخرى التي يسعى المجتمع العلمي إلى تحديدها وتقييمها.

وفي هذا الصدد، أوضح إتيان سيمون لوريير رئيس وحدة الجينوم التطوري للفيروسات في معهد باستور "باريس" أن “الأسابيع والأشهر المقبلة ستخبرنا ما إذا كانت هذه المتحورات ستُدرج ضمن الفئة المثيرة للقلق التي تنتشر بسرعة كبيرة أو أنها ستستمر في الانتشار بوتيرتها الحالية المنخفضة".

وكل هذه المتحورات مصنفة وفقًا للعائلة أو "السلالة". وبحسب التعديلات التي اكتسبتها، تحتل مكانًا محددًا في شجرة عائلة فيروس "سارس-كوف-2" الرئيسي.

ما هو تأثيرها؟

ظهور نسخ متحورة من الفيروس ليس أمرًا مفاجئًا. فهو عملية طبيعية لأن الفيروس يتحوّر بمرور الوقت لضمان بقائه. وكتبت الخدمات الصحية البريطانية على موقعها على الإنترنت "تم تحديد أكثر من 4000 متحورة من سارس-كوف-2 حول العالم".

لكن منظمة الصحة العالمية تؤكد أن "معظمها ليس له تأثير لجهة تدابير الصحة العامة". وكل ذلك يتوقف على الطفرات التي تحملها.

وبالتالي، فإن كلًا من النسخة البريطانية والجنوب إفريقية والبرازيلية تحمل طفرة تسمى "إن 501 واي" يشتبه في أنها تجعلها أكثر قابلية للانتقال. كذلك، تحمل النسختان الجنوب إفريقية والبرازيلية طفرة أخرى تسمى "إي 484 كيه" يشتبه في أنها تخفض المناعة المكتسبة، إما عن طريق عدوى سابقة (مع زيادة احتمال الإصابة مرة أخرى) أو عن طريق اللقاحات.

ونظرًا لصعوبة تتبع المتحورات ذات الأسماء التقنية بالنسبة إلى غير المختصين (على سبيل المثال، النسخة البريطانية تسمى "501 واي.في 1" أو "فوك 202012/01" وتنتمي إلى سلالة "بي 1.1.7")، فقد أطلقت عليها تسميات بحسب البلد الذي ظهرت فيه.

لذلك فإن مصطلحات "المتحور البريطاني أو الجنوب إفريقي أو البرازيلي" مفهومة أكثر للناس، لكن العلماء لا يحبذونها إذ يعتبرون أنها تحمل وصمة لتلك البلدان.

أكثر عدوى

هناك إجماع على أن هذه النسخ الثلاث المتحورة المثيرة للقلق أكثر عدوى.

لكن ذلك يعتمد فقط على البيانات الوبائية، وفي الوقت الحالي يراقب الباحثون مدى سرعة انتشار هذه المتحورات ويستنتجون عند أي نقطة تكون أكثر عدوى.

لذلك، لا يمكن الحصول على رقم قاطع لأن النتائج قد تختلف استنادًا إلى القيود الصحية المعمول بها في المناطق التي تنتشر فيها المتحورات.

وعلى سبيل المثال، استنادًا إلى دراسات مختلفة، ترى منظمة الصحة العالمية أن النسخة البريطانية من فيروس كورونا أكثر عدوى بنسبة تتراوح بين 36 و75%.

وتقوم مجموعات عدة من الباحثين حول العالم بتحليل الخصائص البيولوجية لهذه المتحورات سعيًا لمعرفة سبب كونها أكثر عدوى.

وقال أوليفييه شفارتز رئيس وحدة الفيروسات والمناعة في معهد باستور "هناك فرضيات يجب دراستها: قد يكون الحمل الفيروسي أعلى أو أن المتحوّرة يمكنها أن تدخل الخلايا بسهولة أكبر أو أنه يتكاثر بسرعة أكبر".

وطرح باحثون في جامعة هارفرد الأميركية فرضية أخرى مفادها أن العدوى التي تسببها النسخة البريطانية يمكن أن تستمر لفترة أطول: يبقى الشخص المصاب معديًا لفترة أطول من المصاب بالفيروس العادي ما قد يتطلب تمديد فترة الحجر.

لكن هذا النوع من البحث يستغرق وقتًا، وبالتالي سيحتاج الباحثون إلى أسابيع أو أشهر للحصول على إجابات قاطعة.

أكثر خطورة

خلصت دراسة نشرت في 10 مارس/آذار إلى أن النسخة المتحوّرة البريطانية أكثر فتكًا بنسبة 64% من فيروس كورونا العادي.

ومن بين ألف حالة تم اكتشافها، تسببت المتحورة البريطانية في حدوث 4,1 وفيات مقابل 2,5 وفاة تسبب بها فيروس كورونا العادي، وفقا لهذه الدراسة المنشورة في المجلة الطبية "بي إم جي" والتي تؤكد الملاحظات الأولى التي قدمتها السلطات البريطانية في نهاية يناير/كانون الثاني.

وبالإضافة إلى ذلك، واستنادًا إلى دراسات أخرى أجريت في جنوب إفريقيا، تقدر منظمة الصحة العالمية أن النسخة الجنوب إفريقية من فيروس كورونا "تزيد من خطر وفاة المرضى القابعين في المستشفى بنسبة 20%".

ما مدى فعالية اللقاحات؟ 

وفقًا للعديد من الدراسات المخبرية، لم تتسبب المتحوّرة البريطانية كثيرًا في إضعاف فعالية اللقاحات، لكن يبدو أن النسختين البرازيلية والجنوب إفريقية لهما أثر كبير على اللقاحات بسبب طفرة "إي 484 كيه" التي تحملانها.

لكن، ضعف فعالية اللقاحات ضد بعض المتحوّرات لا يعني أنها لم تعد فعالة على الإطلاق.

من جهة أخرى، تركز هذه الدراسات على استجابة واحدة للجسم بعد التلقيح وهي إنتاج أجسام مضادة. وجاء في مقال نشرته أخيرا مجلة "جاما" المتخصصة للخبير الصحي الأميركي أنتوني فاوتشي، "أنها لا تقيّم أنواعًا أخرى من المناعة المحتملة مثل نشاط الخلايا اللمفاوية التائية والبائية".

وفي كل الأحوال، يعمل المصنعون على إصدارات جديدة من لقاحاتهم مصممة خصيصًا لمقاومة المتحوّرات. وأعلنت شركة موديرنا في 10 مارس/آذار أنها بدأت تقديم جيل جديد من لقاحها لمجموعة من المرضى كجزء من تجربة سريرية تهدف إلى تقييم فعاليته ضد المتحوّرة الجنوب إفريقية.

وهذا التكيف ضروري لأن "المتحوّرات التي قد تكون أقل تأثرًا باللقاحات الحالية (...) من المحتمل أن تستمر في الظهور" كما حذر المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها.

المصادر:
أ.ف.ب

شارك القصة

تابع القراءة
Close