السبت 13 أبريل / أبريل 2024

جثث ومطاردات وغرف حرب.. كيف تغلّبت أكثر مدن الهند اكتظاظًا على كورونا؟

جثث ومطاردات وغرف حرب.. كيف تغلّبت أكثر مدن الهند اكتظاظًا على كورونا؟

Changed

من حملة تطعيم ضد الفيروس في مارس الماضي ببومباي
بعد مرور عام على وصول فيروس كورونا فاجأت بومباي كثرًا بطريقة تعاملها الناجحة مع الموجة الثانية الفتاكة (غيتي)
عندما ارتفع عدد الإصابات بكورونا في مارس الماضي، كانت بومباي أفضل استعدادًا من الكثير من المدن الهندية الأخرى التي كاد نظام الرعاية الصحية ينهار فيها.

عندما وصل وباء كوفيد-19 إلى الهند، كانت بومباي من أكثر المدن عرضة للخطر. لكن بعد مرور عام، فاجأت أكثر مدن جنوب آسيا ازدحامًا الكثيرين بطريقة تعاملها الناجحة مع الموجة الثانية الفتاكة من الوباء.

حتى إن غوراف أواسثي قطع مئات الكيلومترات من منزله في ضواحي نيودلهي لإحضار زوجته المريضة إلى أحد المستشفيات في المدينة، ودفع لسيارة إسعاف أكثر من ألف دولار لقيادتها لمدة 24 ساعة متواصلة.

وقال الشاب البالغ 29 عامًا مستذكرًا محنة استمرت خمسة أيام في البحث من دون جدوى عن سرير في الكثير من المدن، بما فيها نيودلهي: "لن أتمكن من الوفاء بالجميل لهذه المدينة".

وأضاف: "لا أعرف ما إذا كانت زوجتي ستكون على قيد الحياة اليوم لولا المرافق الصحية في بومباي".

جثث في العنابر

بدأت الجثث الظهور مبكرًا في عاصمة الهند المالية خلال الموجة الأولى من الوباء العام الماضي؛ مع رجل ينهار على طريق مزدحم، وسائق عربة ريكشو ملقى على عجلة القيادة أو جثة ملقاة في الشارع، في مشاهد قاتمة تذكر بجائحة الإنفلونزا العام 1918.

وبحلول مايو/ أيار 2020، كانت أبيغنيا باترا تعمل 18 ساعة يوميًا في مستشفى تيلاك العام المعروف باسم سيون. وقالت طبيبة التخدير البالغة 27 عامًا: "كان الأمر بلا نهاية".

وقد وصف أقارب مرضى مشاهد مؤلمة داخل عنابر مزدحمة، وقال رجل إنه اضطر لتغيير حفاضات والدته المريضة بنفسه لأن الموظفين كانوا يعملون فوق طاقتهم.

وأظهر مقطع فيديو صُوّر داخل سيون وانتشر على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، جثثًا ملفوفة بأكياس بلاستيك سوداء تُركت على أسرَّة في عنبر يعالَج فيه مرضى.

وكانت ترد في كل ليلة آلاف المكالمات عبر الخط الساخن، الذي أنشأته بلدية المدينة من مواطنين يائسين؛ العديد منهم ليس لديهم فرصة لدخول مستشفى عام، ولم يكن في بومباي إلا 80 سيارة إسعاف و425 وحدة عناية مركزة لسكان يبلغ عددهم 20 مليونًا.

"مطاردة الفيروس" 

وأشار إقبال شاهال، الذي تولى منصب مفوض بلدية بومباي في مايو/ أيار الماضي، إلى أن شيئًا ما كان لا بد أن يتغير بسرعة.

ووفرت مستشفيات ميدانية جديدة آلاف الأسرة، وقدّمت مرافق خاصة أجنحة لمعالجة المصابين بكوفيد-19 إلى الحكومة وحوّلت 800 مركبة إلى سيارات إسعاف.

لكن كل تلك الجهود لم تكن كافية لمواجهة الارتفاع السريع في عدد الإصابات.

وقال شاهال: "كنا نحتاج إلى مطاردة الفيروس".

وركز نهج استباقي على 55 حيًا فقيرًا بما فيها دارافي، وهو الأكبر في الهند، حيث فرضت تدابير صارمة مصحوبة بتطهير للمراحيض العامة واختبارات شاملة وجهود تطوعية ضخمة لضمان أن أحدًا لن يجوع.

وتم تحويل كل الاختبارات الإيجابية في بومباي إلى "غرف حرب" يديرها أطباء يقومون بفرز الحالات وتحديد مكان إرسال المريض، بغض النظر عما إذا "كان وزيرًا أو من كبار الشخصيات أو من سكان الأحياء الفقيرة".

تفكير تقدمي

بحلول نهاية عام 2020، بدا أن الهند ربما تغلبت بأعجوبة على الوباء وتم تخفيف قيود الإغلاق.

لكن في بومباي، لم تفكك السلطات سريرًا واحدًا في المستشفيات الميدانية التي أصبحت مهجورة الآن.

وهذا يعني أنه عندما ارتفع عدد الإصابات في مارس/ آذار، كانت المدينة أفضل استعدادًا من الكثير من المدن الهندية الأخرى حيث كاد نظام الرعاية الصحية ينهار.

وفي العاصمة نيودلهي وأماكن أخرى، توفي مرضى خارج المستشفيات واكتظت محارق الجثث. لكن ليس في بومباي.

ورغم وجود كثافة سكانية أعلى بكثير من العديد من المدن الأخرى، شهدت بومباي معدلات وفيات أقل بشكل ملحوظ.

لكن المدينة لم تسلم رغم ذلك، واستذكر شاهال إحدى ليالي أبريل/ نيسان عندما واجهت ستة مستشفيات نقصًا حادًا في الأكسجين؛ ما عرّض 168 مريضًا لخطر الموت ما لم يتم نقلهم إلى مرافق أخرى. وقد نجا الجميع.

وأضاف شاهال: "كنا نتوقع وصول موجة ثانية".

"صحوة"

من ناحيتها، تتذكر باترا تلقي مكالمات من زملاء لها في نيودلهي كانوا يبحثون بيأس عن معدات طبية. وقالت: "بصفتنا أطباء، لا يمكننا القيام بالكثير في غياب البنية التحتية".

وأوضح روبن ماسكاريناس، الشريك المؤسّس لمنظمة "خانا شاهيي" غير الربحية التي تتخذ في بومباي مقرًا لها، أنه كان يتلقى عشرات الرسائل كل صباح من أشخاص يتوسلون للحصول على الأكسجين والأدوية، لكن مع استمرار تفشي الوباء، كانت الطلبات ترد في معظمها من خارج المدينة.

ورغم أن ذلك شكّل "مفاجأة سارة" لشاهال، فقد بقي حذرًا وهو يستعد لموجة ثالثة، يتوقع أن تؤثر خصوصًا على الأطفال، من خلال تخزين الأكسجين وبناء مستشفيات ميدانية للأطفال وتوسيع القدرات في المستشفيات العامة.

وختم بالقول: "لقد كان ذلك بمثابة صحوة بالنسبة إلينا".

المصادر:
أ ف ب

شارك القصة

تابع القراءة
Close