الأربعاء 27 نوفمبر / November 2024

من الكبريت إلى "الكوكا كولا".. اختراعات ابتكرت بالصدفة فغيّرت العالم

من الكبريت إلى "الكوكا كولا".. اختراعات ابتكرت بالصدفة فغيّرت العالم

شارك القصة

فقرة أرشيفية لـ"العربي" تستعرض بعض أبرز المعلومات عن جائزة نوبل (الصورة: غيتي)
سجل التاريخ الكثير من الاكتشافات التي غيرت مسار البشرية، وعلى الرغم من أهميتها التي لا جدال حولها، إلا أن بعضها ابتكر عن طريق الخطأ، وبالصدفة.

قيل إن ألكسندر غراهام بيل، مخترع الهاتف، كان يردد عبارة "عندما يُغلق أحد الأبواب أمامكم، يُفتح آخر". بمعنى آخر، حتى الفشل في مخطط ما أو الوصول إلى طريق مسدود يمكن أن يؤدي إلى شيء آخر عظيم. 

لعلّ هذه المقولة تنطبق على الكثير من الاكتشافات التي سجّلها التاريخ، إذ تُعَدّ ذات أهمية كبيرة للبشرية على الرغم من بساطتها، بل إنّ بعضها ابتُكِر عن طريق الخطأ، حيث كانت النيّة معقودة على شيء آخر تمامًا.

وبالفعل، يقدّر الخبراء أنّ ما بين 30 و50% من الاكتشافات العلمية التي غيّرت تاريخ البشرية، حصلت عن طريق الصدفة أو الخطأ، وفق ما تنقل شبكة "سي إن إن" الأميركية.

اختراعات ابتكرت بالصدفة فغيّرت العالم

في ما يلي قائمة ببعض أهم الاكتشافات التي ابتكرت عن طريق الصدفة أو التي كان الغرض منها أمرًا آخر تمامًا.

ويشير المؤرخون إلى أنّ بعض هذه الاكتشافات فاجأت حتى مخترعيها خلال القرنين الماضيين.

1- البنسلين

ألكسندر فليمنغ عالم الأحياء والصيدلاني الذي اكتشف البنسلين - غيتي
ألكسندر فليمنغ عالم الأحياء والصيدلاني الذي اكتشف البنسلين - غيتي

يعدّ البنسلين أول مضاد حيوي في العالم، حيث منع ملايين الوفيات سنويًا من العدوى والأمراض، لكنّ ما لا يعرفه كثيرون أنه كان نتيجة عرضية لمكان عمل فوضوي.

فوفق موقع "هيستوري"، عاد عالم البكتيريا الإسكتلندي ألكسندر فليمنغ من إجازة إلى لندن عام 1928، ليكتشف أن أحد أطباق بتري في مختبره تحتوي على  طبقة من العفن تنمو عليه نتيجة تلوث غير مقصود. 

وعند الفحص الدقيق، وجد فليمنغ أن المنطقة المحيطة بالعفن خالية من البكتيريا. وأطلق فليمنغ على هذا العفن القاتل للبكتيريا اسم البنسلين على اسم نوع الفطريات، Penicillium notatum.

ونشر عالم البكتيريا ورقة بحثية حول اكتشافه هذا عام 1929، رغم أنه لم يكن متأكدًا مما إذا كان لاكتشافه أي استخدام عملي، لكن بعد عقد من الزمن، قرأ الكيميائيون في جامعة "أكسفورد" ورقة فليمينغ وتولوا مشروع تحويل البنسلين إلى دواء قابل للاستهلاك. 

وبالفعل، تم اختبار هذا الدواء لأول مرة على مريض بشري عام 1940، ليبدأ استخدامه على نطاق واسع عام 1942. واليوم، يعد البنسلين أكثر المضادات الحيوية شيوعًا في العالم.

2- جهاز كشف الدخان

جهاز الكشف عن الدخان - غيتي
جهاز الكشف عن الدخان - غيتي

تنتشر أجهزة كشف الدخان في العديد من المنازل والشركات، وهي اختراع لا شكّ في أنه أنقذ ملايين الأرواح.

فوفق موقع الإدارة الوطنية الأميركية للحماية من الحرائق، يساهم وجود كاشف الدخان في المنازل بخفض خطر الموت في حريق بأكثر من النصف.

أما الفضل في ذلك، فيعود للفيزيائي السويسري والتر جايغر الذي كان يحاول في ثلاثينيات القرن الماضي، اختراع جهاز استشعار يمكنه اكتشاف الغازات السامة. 

لكن بدلاً من ذلك، انتهى به الأمر بتسجيل جهازه للدخان المنبعث من سيجارته، وهو اكتشاف أدى إلى اختراع كاشف الدخان الحديث.

وابتداءً من خمسينيات القرن الماضي، بدأ تركيب أجهزة كشف الدخان في المساحات الصناعية، في حين حدّت تكلفتها المرتفعة حينها من اعتمادها على نطاق واسع في المنازل.

بعد ذلك، أدت التطورات التكنولوجية إلى خفض التكلفة بشكل كبير في السبعينيات، حيث تم بيع أكثر من 12 مليون جهاز كشف دخان عام 1977. 

واليوم، 9 من كل 10 منازل في الولايات المتحدة تحتوي على أجهزة كشف الدخان.

3- الديناميت

الديناميت الذي طوّره العالم ألفرد نوبل - غيتي
الديناميت الذي طوّره العالم ألفرد نوبل - غيتي

رغم أن العديد من المخترعين شعروا بسعادة عارمة لاكتشافاتهم العلمية العرضية، إلا أن هذا الحال لا ينطبق عليهم جميعًا. فقد أرعب المسار الذي أدى إلى تطوير الديناميت أحد صانعيه، الذي لم يقصد أبدًا استخدام مكوناته المتفجرة على الإطلاق.

فقد صنع الكيميائي الإيطالي أسكانيو سوبريرو "النيتروغليسرين" عام 1847، بعدما جمع مادة "الغلسرين" مع حمضي النيتريك والكبريتيك لإنتاج مركب متفجر، كان أقوى بكثير من البارود وأكثر تقلبًا. 

عارض سوبريرو استخدامه، لكن زميله ألفريد نوبل رأى في ذلك إمكانية صنع متفجرات وأسلحة مربحة. ففي عام 1867، ابتكر نوبل الديناميت وأساسه "النيتروغليسرين".

حينها، ثبت "النيتروغليسرين" السائل من خلال إضافة مسحوق "السيليكا"، ونجح في ذلك بعد تفجير مختبره مرتين خلال هذه العملية.

ورغم أن نوبل يرتبط اسمه اليوم بالجائزة التي أسسها والتي تحمل اسمه، تقديرًا للإنجازات الأكاديمية أو الثقافية أو العلمية، إلا أن الثروة التي جنتها مؤسسته جاءت من بيع سلاحه الحربي الحاصل على براءة اختراع، وفق موقع "هيستوري".

ويذكر موقع "بريتانيكا" أنه في عام 1888 توفي لودفيغ شقيق ألفرد نوبل، فظنّت صحيفة فرنسية أن نوبل هو من توفى فنشرت عن طريق خبرًا بعنوان "تاجر الموت مات". 

حينها، شعر نوبل بحزن شديد وخجل مما ستكون ذكراه بعد موته، فألهمه هذا لتغيير هدف مؤسسته عبر تحويلها إلى مؤسسة تكافئ الذين يخدمون الإنسانية.

أما سوبريرو فقال عن اختراعه: "عندما أفكر في جميع الضحايا الذين قُتلوا بسبب انفجارات النتروغليسرين، والفوضى الرهيبة التي حدثت، والتي من المحتمل أن تستمر في الحدوث في المستقبل، أشعر بالخجل من الاعتراف بأنني مكتشفه".

4- أعواد الكبريت

صورة تعبيرية عن أعواد الكبريت - غيتي
صورة تعبيرية عن أعواد الكبريت - غيتي

يقول عالم الأحياء الشهير تشارلز داروين، إن النار هي أهم إنجاز بشري بعد اللغة. ومنذ أن تعلم الإنسان إشعال النار، يحاول البشر معرفة كيفية تطوير هذه العملية.

وقبل اختراع أعواد الكبريت، كانت النيران تُشعل عادةً باستخدام الصوان والصلب أو مثقاب الحريق، وكلاهما يمكن أن يكون شاقًا.

واعتمدت المحاولات الأولى لتطوير أداة إشعال النيران على مواد كيميائية، منها "البروميثيوس" التي تم اختراعها عام 1829، والمكونة من أنبوب زجاجي يحتوي على حمض الكبريتيك الملفوف في ورق؛ الذي يشتعل عند سحق القارورة الزجاجية. 

خلال الفترة عينها، كان الصيدلاني البريطاني جون ووكر يجري تجارب على مواد كيميائية عندما جفت إحداها على عود من خشب كان يستخدمه لمزج الأنواع المختلفة من هذه المواد.

فقد تسببت هذه المواد باشتعال النار عندما حاول ووكر إزالتها عن عود الخشب، فأعجب بالفكرة وبدأ العالم بتسويق اكتشافه في صيدليته تحت اسم "Congreves"، تكريمًا لمخترع نوع من الصواريخ. 

وكانت أداة ووكر عبارة عن أعواد من الورق المقوى مغلفة بمزيج من كلورات البوتاسيوم وكبريتيد الأنتيمون، والتي تشتعل عند احتكاكها بقطعة من ورق الكشط (الصنفرة).

وعلى الرغم من أن اختراع ووكر لاقى شعبية كبيرة، إلا أنه اختار عدم تسجيل براءة اختراع. ونتيجة لذلك، نسخ آخرون تصميمه وبدأوا في بيع نسخهم الخاصة من أعواد الثقاب.

5- كوكا كولا

مصنع "كوكا كولا" في الولايات المتحدة عام 1955  - غيتي
مصنع "كوكا كولا" في الولايات المتحدة عام 1955 - غيتي

يعد تاريخ أحد أشهر المشروبات الغازية في العالم من أكثرها غرابة. ففي عام 1866، حاول صيدلاني أميركي يدعى جون بيمبرتون صنع مسكن للألم بعد أن أصيب بجروح خطيرة في الحرب الأهلية، جعلته يدمن على مادة المورفين، فكان يأمل في اختراع بديل فعال يغنيه عن المواد الأفيونية.

واحتوى منتجه الأول، الذي أطلق عليه اسم Pemberton's French Wine Coca، على بعض المكونات التي لن تجدها في وصفة اليوم من المشروب الغازي. 

فقد كان المنتج حينها يضم نبيذ الكوكا، الذي يجمع بين الكحول وأوراق نبات الكوكا التي تحتوي على الكوكايين، وجوز الكولا، الذي يحتوي على مادة الكافيين المنشطة.

ولاقى منتجه من "النبيذ الفرنسي" رواجًا كبيرًا، ولكن عندما سادت حركة الاعتدال في ولايته جورجيا عام 1886، كان عليه أن يطور بديلًا خاليًا من الكحول. فاستبدل النبيذ بشراب السكر، وبينما كان يتلاعب بالصيغة، قام عن طريق الخطأ بخلط المكون بالماء الغازي. 

وبعد تذوقه، أعجب بنكهته وقرر تسويق المشروب على أنه شراب غازي بدلاً من دواء، وأطلق عليه اسم "كوكا كولا" تيمنًا بمكوناته الأصلية.

لكن لسوء حظه، ساءت صحة بيمبرتون، كما ساء اعتماده على المورفين، فتوفي بعد عامين فقط من اختراعه. وبحلول ذلك الوقت، كان قد باع أسهمه لشريكه التجاري أسا كاندرل بسبب حاجته إلى المال، ليحوّل هذا الأخير شركة Coca-Cola إلى واحدة من أنجح العلامات التجارية في البلاد.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - ترجمات