من حكم بنغلاديش إلى اللجوء في الهند.. من هي الشيخة حسينة؟
كانت الشيخة حسينة، التي استقالت من منصب رئيسة وزراء بنغلاديش وفرت من البلاد الإثنين بعد أسابيع من الاحتجاجات، واحدة من الشخصيات المهيمنة على الساحة السياسة، منذ اغتيال والدها الشيخ مجيب الرحمن، زعيم الاستقلال عن باكستان، قبل حوالي نصف قرن.
وجاءت مغادرتها بعد أقل من سبعة أشهر من احتفالها بفترة ولاية رابعة على التوالي والخامسة بوجه عام من خلال الانتخابات الوطنية التي حققت فيها فوزًا كاسحًا في يناير/ كانون الثاني.
وأفادت تقارير إعلامية بأن الشيخة حسينة البالغة من العمر 76 عامًا لجأت مع شقيقتها إلى الهند التي وصلت إليها على متن مروحية عسكرية.
وشهدت السنوات الخمس عشرة الأخيرة من حكمها عمليات اعتقال لزعماء المعارضة، وحملات على حرية التعبير وقمعا للمعارضة. وجاءت استقالتها في مواجهة احتجاجات دامية قادها طلاب وسقط خلالها نحو 250 قتيلًا.
احتجاجات بنغلاديش تطيح بـ"الشيخة حسينة"
وبدأت الاحتجاجات في يونيو/ حزيران، بعد أن تصاعدت مطالب الجماعات الطلابية بإلغاء نظام الحصص المثير للجدل في الوظائف الحكومية. وتطورت هذه الاحتجاجات إلى حملة تطالب بإنهاء حكمها.
وكان والد الشيخة حسينة الذي قاد كفاح بنغلادش من أجل الاستقلال عن باكستان عام 1971، قد اغتيل مع معظم أفراد عائلتها في انقلاب عسكري عام 1975. ومن حسن حظها أنها كانت تزور أوروبا في ذلك الوقت.
وولدت حسينة عام 1947 في جنوب غرب بنغلاديش، باكستان الشرقية آنذاك، وكانت الأكبر بين خمسة أطفال. حصلت على شهادة في الأدب البنغالي من جامعة داكا عام 1973 واكتسبت خبرة سياسية كوسيط بين والدها وأتباعه الطلاب.
وعادت إلى بنغلاديش من الهند، حيث عاشت في المنفى عام 1981 وانتخبت رئيسة لحزب رابطة عوامي.
وتعاونت حسينة لاحقًا مع منافستها السياسية الشيخة خالدة ضياء، رئيسة حزب بنغلاديش الوطني المنافس، لقيادة انتفاضة شعبية من أجل الديمقراطية وهي الانتفاضة التي أطاحت بالحاكم العسكري حسين محمد إرشاد من السلطة عام 1990.
لكن التحالف مع خالدة ضياء لم يدم طويلًا واستمر التنافس المرير بين المرأتين في الهيمنة على السياسة في بنغلادش لعقود من الزمان.
حكم شمولي على نحو متزايد
وقادت حسينة حزب رابطة عوامي إلى الفوز لأول مرة عام 1996، وتولت رئاسة الوزراء لولاية واحدة مدتها خمس سنوات ثم عادت إلى السلطة مجددًا عام 2009، ولم تفقدها منذ ذلك الحين.
ومع مرور الوقت، أصبح حكمها شموليًا على نحو متزايد، وشهد عمليات اعتقال جماعية للمعارضين السياسيين والناشطين بالإضافة إلى الاختفاء القسري والقتل خارج نطاق القضاء.
وحذرت جماعات لحقوق الإنسان من حكم الحزب الواحد لرابطة عوامي.
وفي عام 2018، سُجنت خالدة ضياء رئيسة الوزراء السابقة وأرملة ضياء الرحمن، الرئيس السابق لبنغلاديش الذي اغتيل عام 1981، بتهم فساد تقول المعارضة إنها ملفقة. وجرى منعها من ممارسة أي نشاط سياسي.
ويقول حزب بنغلاديش الوطني ومنظمات لحقوق الإنسان إن حكومة حسينة اعتقلت عشرة آلاف من أعضاء حزب المعارضة بتهم ملفقة في الفترة التي سبقت انتخابات يناير/ كانون الثاني، التي قاطعتها المعارضة.
ورفضت حسينة مطالب حزب بنغلادش الوطني لها بالاستقالة والسماح لسلطة محايدة بإدارة الانتخابات.
وتبادلت الاتهامات مع منافسيها بمحاولة إشاعة الفوضى والعنف لتعريض الديمقراطية التي لم تترسخ بعد في البلاد للخطر. ويبلغ عدد سكان بنغلاديش 170 مليون نسمة.
وعلى الرغم من الانتقادات الموجهة لسنواتها في السلطة، فقد نُسب إلى حسينة الفضل في إنعاش الاقتصاد وازدهار صناعة الملابس الضخمة، في حين نالت إشادة دولية لإيواء مسلمي الروهينغا الفارين من الاضطهاد في ميانمار المجاورة.
لكن الاقتصاد تباطأ بشكل حاد أيضًا منذ أن دفعت الحرب بين روسيا وأوكرانيا أسعار الوقود والواردات الغذائية إلى الارتفاع، مما أجبر بنغلاديش على اللجوء العام الماضي إلى صندوق النقد الدولي للحصول على خطة إنقاذ بقيمة 4.7 مليارات دولار.