منذ أكثر من أسبوع، تشهد شوارع إسبانيا تظاهرات واحتجاجات شبه يوميّة، تتخلّلها صدامات مع الشرطة، وتصفها الأخيرة بأعمال الشغب، وذلك على خلفيّة توقيف مغني الراب الشاب الإسباني بابلو هاسل.
وحُكم على بابلو هاسل (32 عامًا) بالسجن تسعة أشهر بعدما أدين بجرم "تمجيد الإرهاب"، وهو ما أثار انتقادات شديدة في إسبانيا، في حين وصفت منظمة العفو الدولية الحكم الصادر بحقّه بأنّه "غير عادل وغير متناسب".
كما أحيا توقيفه النقاش حول حرية التعبير في إسبانيا، وفاقم الخلافات داخل الائتلاف الحكومي بين الاشتراكيين بزعامة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز وحزب "بوديموس" اليساري المتطرف الذي يدعم التظاهرات.
من هو بابلو هاسل؟
اسمه الحقيقي هو بابلو ريفادولا دورو، ولد في مدينة ليدا الكاتالونية، وهو ابن رجل الأعمال إغناسيو ريفادولا غراسيا المشهور في المنطقة. بدأ موسيقى الراب في عام 2005، أولًا باسم هاسيل (Hasél)، ولاحقًا باسم بابلو هاسل (Pablo Hasél).
PROTEST FOR CATALAN RAPPER: Supporters of Catalan rapper Pablo Hasel are protesting against his arrest in Barcelona after several days of demonstrations across the country. https://t.co/mrb8d4SAMw
— NowThis (@nowthisnews) February 22, 2021
واختار النوع المعروف باسم الراب السياسي، وانتقد السلطات والملك الإسباني. وكان له عدة أعمال من أبرزها "الخوف والاشمئزاز" و"الاضطراب الثلاثي" في العام 2007، و"لا مكان إلا هنا" في العام 2008 أو "الغبار والرماد" في العام 2011.
ونشر أكثر من 50 عرضًا، كان آخرها عام 2020: "التضحية بالأحشاء" و"أغاني الثورة والشعور بالوحدة".
لماذا سجن مغني الراب؟
حكم عليه بالسجن تسعة أشهر بتهمة "تمجيد الإرهاب وإهانة مؤسسات الدولة والنظام الملكي الإسباني"، وذلك إثر نشره تغريدة وصف فيها الملك خوان كارلوس الأول بأنه "زعيم عصابة"، وأشاد بأشخاص تورّطوا بهجمات، واتّهم الشرطة بقتل مهاجرين ومتظاهرين.
منحته السلطات مهلة حتى 12 فبراير/ شباط الجاري لتسليم نفسه. وقبيل اعتقال هاسل في 17 فبراير، تجمّع مؤيدوه قرب المبنى التابع لجامعة "ليدا" القريبة من العاصمة الكاتالونية برشلونة حيث تحصن المغني مع 20 شخصًا، قبل أن تقتحمه الشرطة.
La gent resisteix fora de la Universitat de Lleida. No et quedis a casa, això és un atemptat contra els nostres drets i llibertats ❗❗💣💣#LlibertatPabloHasel#AmnistiaTotal#SiLeEncarcelanAlaCalle pic.twitter.com/cqnbWrE74a
— Llibertat Pablo Hasel (@LlibertatHasel) February 15, 2021
وتبع اعتقال هاسل تظاهرات احتجاجية تخلّلتها صدامات بين الشرطة والمتظاهرين الذين ارتكب عدد منهم أعمال شغب، بحسب ما تقول الشرطة.
ورفع المتظاهرون شعار "الحرية لبابلو هاسل" وفجروا غضبهم في شوارع برشلونة، فيما عمد البعض إلى إحراق حاويات النفايات، واختار آخرون التعبير برسم "الغرافيتي" على جدران المدينة.
كما عمت وسائل التواصل المنشورات المنددة باعتقال مغني الراب وقمع حرية التعبير. وشنت الشرطة حملة اعتقالات استهدفت المتظاهرين.
وكتب هاسل قبيل اعتقاله آخر تغريدة له: "هذه الرسالة الأخيرة قبل أن أسجن، اليوم أنا وغدًا قد تكون أنت بسبب إدانتنا للمذنبين، حريتنا على المحك، ولكن الفوز بهذا ممكن".
Último comunicado antes de mi encarcelamiento. Hoy soy yo, mañana puedes ser tú por denunciar a los culpables de joder tantas vidas. Están en juego nuestras libertades, que no lo tengan fácil. Ganarles este pulso es posible. pic.twitter.com/wBA7cNeAoQ
— Pablo Hasel (@PabloHasel) February 12, 2021
سجل من الأحكام والإدانات ضد هاسل
يذكَر أن الحكم الأخير الذي قاد المغني إلى خلف القضبان لم يكن الأول، فقد صدر بحق هاسل حكم آخر بالسجن لمدة عامين ولكنه معلّق، ويمكن "إنقاذه'' منه إذا لم يرتكب جريمة أخرى حتى عام 2022.
وكانت المرة الأولى التي ألقي فيها القبض على هاسل، في أكتوبر/ تشرين الأول 2011 بعد أن أشاد في إحدى أغنياته بعنوان "ديمقراطية" بمانويل بيريز مارتينيز، التي حُكم عليها بالسجن لانتمائها إلى "عصابة غرابو". وأُفرِج عنه مؤقتًا من دون كفالة.
The jailing of Pablo Hasél for his lyrics and tweets is yet another example of the Spanish authorities’ silencing of artistic voices.’ Rapper #PabloHasel is serving an unfair nine-month prison sentence. PEN calls for his immediate release.https://t.co/DW1ofFoSVB pic.twitter.com/pHlYC3XSjc
— PEN International (@pen_int) February 22, 2021
وفي أبريل/ نيسان 2014، حكمت المحكمة الوطنية على مغني الراب بالسجن لمدة عامين بتهمة "الإشادة بالإرهاب"، بسبب كلمات بعض الأغاني التي تحدث فيها عن بعد المنظمات الإرهابية.
واستبعد القضاة أن تكون هذه الأغاني محمية بموجب الحق في حرية التعبير، واعتبروا أغاني بابلو "خطاب كراهية" وتحرّض على العنف.
وتم تعليق هذه العقوبة لمدة ثلاث سنوات، في سبتمبر/ أيلول 2019، لأن العقوبة لم تتجاوز عامين في وقت الأحداث، ولم يكن لدى بابلو هاسل سجل إجرامي في عام 2014.
كما أدين هاسيل في مارس/ آذار 2018، مرة أخرى لـ"تمجيد الإرهاب" وإهانة ولي العهد وأجهزة أمن الدولة، وتم تخفيف الحكم لاحقًا إلى تسعة أشهر في السجن وغرامات مالية.
ومؤخرًا خلال صيف 2020، حُكم على هاسل بالسجن ستة أشهر كعقوبة أولية، بتهمة الاعتداء على صحافي في قناة "تي في 3" في مؤتمر صحافي، فضلًا عن إلزامه دفع تعويض مالي.