الجمعة 23 مايو / مايو 2025
Close

موسكو على خط "النووي الإيراني".. هل تسعى لمقايضة طهران بكييف؟

موسكو على خط "النووي الإيراني".. هل تسعى لمقايضة طهران بكييف؟ محدث 25 نيسان 2025

شارك القصة

مخاوف روسية من فقدان النفوذ في الشرق الاوسط بعد اطاحة الاسد-غيتي
مخاوف روسية من فقدان النفوذ في الشرق الأوسط بعد الإطاحة بالأسد - غيتي
الخط
تسعى موسكو إلى استثمار المفاوضات الأميركية-الإيرانية حول ملف طهران النووي، لصالح مفاوضاتها مع واشنطن حول أوكرانيا، رغم أنها لا تشارك بشكل مباشر بمفاوضات النووي.

بالتزامن مع المفاوضات الأميركية-الإيرانية حول ملف طهران النووي التي انطلقت في العاصمة العُمانية مسقط في 12 أبريل/ نيسان الحالي، نشطت الدبلوماسية الروسية على مسار مواز لحجز مقعد على طاولة الترتيبات التي تسعى الولايات المتحدة لإقرارها في منطقة الشرق الأوسط.

وتسعى موسكو لتعزيز نفوذها الذي تضرّر كثيرًا في المنطقة بعد سقوط نظام حليفها الرئيس السوري السابق بشّار الأسد، وفتح قنوات مباشرة وغير مباشرة مع الإدارة السورية الجديدة للحفاظ على قواعدها العسكرية هناك.

ولموسكو عدة قواعد في سوريا أهمها قاعدة حميميم الجوية في ريف اللاذقية، وقاعدة طرطوس البحرية، إضافة إلى نحو 21 قاعدة عسكرية أخرى و93 نقطة وجود عسكرية، وقد نقلت موسكو الكثير من عتادها وفككت نقاط وجودها بعد فرار الأسد وسيطرة المعارضة على الحكم في سوريا في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي. 

كما تسعى موسكو إلى استثمار المفاوضات الأميركية-الإيرانية حول ملف طهران النووي، لصالح مفاوضاتها مع واشنطن حول أوكرانيا، ورغم أنها لا تشارك بشكل مباشر في مفاوضات النووي الإيراني إلا أنها تسعى للتأثير عليها، سواء بتعزيز علاقاتها مع طهران، أو اقتراح القيام بدور الوسيط، وإذا تعذّر الأمر تعزيز العلاقات مع الوسطاء، وأهمهم سلطنة عُمان ودولة قطر.

زعيمان من الخليج في موسكو

وخلال أسبوع واحد استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وسلطان عُمان هيثم بن طارق آل سعيد في العاصمة الروسية.

سلطان عمان بحث مع بوتين ملف ايران النووي-غيتي
سلطان عُمان بحث مع بوتين ملف إيران النووي - غيتي

وكان ملف إيران النووي على طاولة بوتين وسلطان عُمان خلال لقائهما في موسكو قبل أيام، في حين استحوذت علاقات موسكو بالإدارة السورية الجديدة على جزء رئيسي من لقاء بوتين بأمير دولة قطر.

وترتبط الدوحة بعلاقات جيدة مع النظام السوري الجديد، وكانت من أوائل الدول التي قطعت علاقاتها مع نظام بشار الأسد غداة الثورة الشعبية عليه عام 2011.   

وقال أمير دولة قطر لبوتين خلال اجتماعهما في الكرملين إنه بحث مع الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع في الدوحة العلاقة التاريخية والاستراتيجية بين دمشق وموسكو، ونقل إلى بوتين حرص الشرع "على بناء علاقة بين البلدين مبنية على الاحترام".

علاقة موسكو بسورية كانت على جدول مباحثات أمير قطر مع بوتين-غيتي
علاقة موسكو بسوريا كانت على جدول مباحثات أمير دولة قطر مع بوتين - غيتي

ويبدو أن بوتين محكوم بفداحة فقدان حليفه الأسد، وهو يخشى فقدان إيران أيضًا، وإخراجها من معادلة تحالفات بلاده في المنطقة، في حال تعرّضت لضربات عسكرية قد تفضي إلى تغيير نظامها، وهذا مستبعد عمليًا وإن كان واردًا نظريًا، ما يفسّر تواصله مع أهم مفاتيح الوساطة في المنطقة بشأن ملف طهران النووي وسوريا.

موسكو على خط الوساطة

في هذه الأثناء، كانت إيران حاضرة في موسكو التي زارها في الفترة نفسها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، قبل الجولة الثانية من محادثات بلاده مع الولايات المتحدة. 

وبينما شدّد الوزير الإيراني الذي التقى نظيره الروسي سيرغي لافروف على أن بلاده تعتقد أن من الممكن التوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي إذا تحلّت واشنطن بالواقعية، كرّر لافروف عرض بلاده للتوسط بين الجانبين "ولعب أي دور يعود بالنفع على إيران والولايات المتحدة".

ولموسكو علاقات ممتدة مع طهران تقوم على مصالح إقليمية ودولية معقدة، فالبلدان تحالفا ميدانيًا طيلة سنوات الثورة على بشار الأسد حتى إطاحته نهاية العام الماضي.

وعلى خلفية هجوم روسيا على أوكرانيا 2022 قامت موسكو بشراء أسلحة وعتاد من إيران لاستخدامها في الحرب، ووقّع البلدان في يناير/ كانون الثاني الماضي اتفاقية شراكة استراتيجية لمدة 20 عامًا، تشمل التعاون بين البلدين في مجالات الدفاع ومكافحة الإرهاب والاقتصاد والتجارة والطاقة والنقل والزراعة والثقافة، لكنها لا تنص على تقديم دعم عسكري متبادل. 

سوريا مقابل أوكرانيا

ومنذ وصول الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني الماضي، حرصت موسكو على استثمار ما تعتبر أوراقها في منطقة الشرق الأوسط لتحسين شروط علاقاتها مع واشنطن خلال الولاية الثانية لترمب.

وذهبت تحليلات إلى أن موسكو تخلّت عن حليفها بشار الأسد قبل يوم واحد من سقوط نظامه، أو على الأقل كانت منفتحة على الفكرة خلال اجتماعات ضامني أستانا التي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة في 7 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

لافروف في منتدى الدوحة قبل يوم واحد من سقوط نظام بشار الاسد-غيتي
لافروف في منتدى الدوحة قبل يوم واحد من سقوط نظام بشار الأسد - غيتي

وقامت موسكو بذلك كبادرة حسن نية تجاه الرئيس الأميركي المنتخب في حينه دونالد ترمب، على أمل المقايضة بسوريا مقابل أوكرانيا، وإقناع ترمب أن روسيا لن تكون عقبة في وجه خطط الإدارة الأميركية الجديدة في الشرق الأوسط، ما يدفعه لتبني مقاربتها لأي حل سلمي للصراع الروسي الأوكراني.

ترمب ليس بايدن

ووصل ترمب إلى البيت الأبيض بمقاربة مختلفة تمامًا عن التي تبناها سلفه جو بايدن، فالهجوم الروسي على أوكرانيا بحسب ترمب ما كان يمكن أن يحدث لو كان هو في الحكم، والمساعدات التي قدّمتها الإدارة السابقة لكييف يفترض استردادها، وإذا كان لا بد من ضمانات أمنية لأوكرانيا فعلى أوروبا تقديمها وليس الولايات المتحدة.

وكشف اللقاء الأول لترمب مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في نهاية فبراير/ شباط الماضي عن حجم الخلاف الكبير بين إدارتي ترمب وبايدن إزاء أوكرانيا، فلم يحظ زيلينسكي باستقبال لائق كما تعوّد في ولاية بايدن، بل ذهبت تغطيات إخبارية إلى أنه طُرد من البيت الأبيض بعد اللقاء.

مشادات كلامية غير مألوفة دبلوماسيا خلال لقاء ترمب الاول مع زيلينسكي-غيتي
مشادات كلامية غير مألوفة دبلوماسيًا خلال لقاء ترمب الأول مع زيلينسكي - غيتي

وطالب ترمب نظيره الأوكراني بإظهار الامتنان للولايات المتحدة وتقديم الشكر لها على وقوفها في مواجهة روسيا خلال السنوات الماضية، وقال له: "بلادك في ورطة وأنت لا تنتصر في الحرب، وما تقوم به يظهر قلة احترام للولايات المتحدة".

وقال ترمب إن زيلينسكي يعاني من تناقص أعداد جنوده في المعركة وفي الوقت نفسه يبلغ واشنطن أنه لا يريد وقف إطلاق النار، مشدّدًا على أن الرئيس الأوكراني ليس في موقع من يفرض إملاءات على الولايات المتحدة، كما حذّره من مغبة رفض وقف إطلاق النار مع روسيا، وخيّره بين توقيع اتفاق حول المعادن أو انسحاب واشنطن من دعم كييف.

اتفاق المعادن

ونشرت وسائل إعلام أميركية تفاصيل مسودة اتفاق المعادن التي قال ترامب إنه يرغب من خلالها باستعادة الأموال التي دعمت بها واشنطن كييف خلال الحرب، ويقضي الاتفاق بإنشاء صندوق إعادة إعمار تديره واشنطن وكييف، ويستثمر في مشاريع داخل أوكرانيا ويجذب الاستثمارات لزيادة التنمية، بما في ذلك مجالات التعدين والموانئ.

وينص الاتفاق على مساهمة أوكرانيا في الصندوق المقترح بمبلغ 500 مليار دولار، شرط أن تكون المساهمات الأوكرانية في الصندوق ضعف مساهمات الولايات المتحدة، لكنه لا ينص على أن يُدفع هذا المبلغ للولايات المتحدة.

ترمب يريد اتفاقا للاستثمار في المعادن الاوكرانية الثمينة يراه زيلينسكي مجحفا-غيتي
ترمب يريد اتفاقا للاستثمار في المعادن الاوكرانية الثمينة يراه زيلينسكي مجحفا-غيتي

وتدفع أوكرانيا بموجب مسودة الاتفاق 50% من عائداتها (مع عدم احتساب نفقات التشغيل)، من المواد القابلة للاستخراج (مثل المعادن والنفط والغاز) إلى الصندوق.

ومعظم الثروات المعدنية الأوكرانية تقع شرقي البلاد، ومنها التيتانيوم والليثيوم، وبحسب وزارة الاقتصاد الأوكرانية فإن أوكرانيا تمتلك موارد من 22 معدنًا من بين 34 معدنًا تعتبر ذات قيمة كبيرة، وتشمل ما يستخدم في المواد الصناعية، ومواد البناء، وسبائك الحديد، وعناصر أرضية نادرة، واحتياطيات ضخمة من الفحم.

ولا ينص الاتفاق المقترح أي ضمانات عسكرية صريحة لأوكرانيا، لكنه يشير إلى أن استثمار الولايات المتحدة في الاقتصاد الأوكراني سيخلق نوعًا من الحماية الضمنية.

ورأى زيلينيسكي أن العرض الأميركي المقترح "يفرض أعباء مالية مدمرة" على بلاده، وشدّد على ضرورة أن يتضمن أي اتفاق "ضمانات أمنية"، فضلًا عن شروط مالية "أكثر عدالة"، وقال: "لا أريد شيئًا ستضطر 10 أجيال من الأوكرانيين إلى سداده".

اعتراف أميركي بضم القرم

ورغم التنازلات الأوكرانية في اتفاق المعادن المقترح فإن خطة السلام الأميركية بين كييف وموسكو تتضمن خسائر أوكرانية إستراتيجية كبرى، كما كشف موقع أكسيوس الأميركي الإخباري.

وذكر الموقع أن خطة السلام تتضمن اعترافًا أميركيًا بضم روسيا لشبه جزيرة القرم، واعترافًا غير رسمي بسيطرتها على معظم المناطق التي احتلتها منذ عام 2022. وترى كييف أن الاقتراح الأميركي منحاز بشدة لصالح روسيا، وينص بوضوح شديد على مكاسب ملموسة لها. 

وتصف خطة السلام المقترحة التي تتألف من صفحة واحدة، وقدّمتها الولايات المتحدة لمسؤولين أوكرانيين، هذا الإطار للحل على أنه "العرض الأخير" من ترمب، ويقول البيت الأبيض إنه مستعد للانسحاب من الوساطة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق قريبًا، فماذا يريد الكرملين أكثر من هذا؟ 

تابع القراءة

المصادر

التلفزيون العربي
تغطية خاصة