الأربعاء 27 مارس / مارس 2024

موقع إستراتيجي رغم صغر مساحتها.. جزيرة الأفعى ودورها في حرب أوكرانيا

موقع إستراتيجي رغم صغر مساحتها.. جزيرة الأفعى ودورها في حرب أوكرانيا

Changed

تقرير لـ"أنا العربي" يرصد مصير الجنود الأوكرانيين بعد سيطرة روسيا على جزيرة الأفعى (الصورة: أسوشييتد برس)
رغم صغر مساحتها، تكتسب جزيرة الأفعى أهمية إستراتيجية، إذ تسمح لروسيا بقصف أوكرانيا بحُرية، وتمنع الشحنات من الخروج من الموانئ الأوكرانية.

في بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا، تحوّلت "جزيرة الأفعى" في البحر الأسود إلى رمز للمقاومة الأوكرانية، بعد أن هاجمتها سفينة "موسكوفا" الروسية، وطالبت حرس الحدود الأوكراني بالاستسلام، وهو ما رفضه الأوكرانيون. إلا أن القوات الروسية ما لبثت أن سيطرت عليها.

 وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أنه رغم سيطرة القوات الروسية عليها، لا تزال هذه الجزيرة الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها 220 ألف ياردة مربعة، تكتسب أهمية إستراتيجية، وستلعب دورًا محوريًا في مسار الحرب.

أهمية استراتيجية

وتقع جزيرة الأفعى، التي تُعرَف أيضًا بـ"جزيرة الثعبان"، كما يطلق عليها أيضًا لقب "الجزيرة البيضاء"، على مسافة نحو خمسين كيلومترًا من مصب نهر الدانوب، أحد الأنهار الرئيسية في أوروبا والطريق التجاري المهم، وعلى مسافة قرابة مئة كيلومتر من أوديسا. كما تقع على مسافة أقل من 200 كيلومتر من ميناء كونستانتا الروماني الرئيسي، و300 كيلومتر من القاعدة الروسية الرئيسية في شبه جزيرة القرم في سيفاستوبول.

ورغم صغر مساحتها، تكتسب تلك الجزيرة أهمية إستراتيجية، إذ تُعتبر منصة أسلحة بحرية، تسمح لروسيا بقصف أوكرانيا بحرية، ومنع الشحنات من الخروج من الموانىء الأوكرانية.

وقال مدير الدراسات الروسية في معهد أبحاث "سي أن إيه" مايكل كوفمان: إن صغر حجم الجزيرة "يتركها مكشوفة"، لكن موقعها "مفيد إستراتيجيًا".

روسيا تحصّن "جزيرة الأفعى"

ومنذ سيطرة القوات الروسية على الجزيرة، حاولت موسكو إنشاء قاعدة عسكرية هناك، وقامت بنشر عدة أنظمة دفاعية، لأن روسيا لا تنوي التخلي عن هذه النقطة الإستراتيجية بسهولة رغم التهديدات التي تشكلها أنظمة المدفعية الجديدة لدى القوات الأوكرانية.

 من ناحية أخرى، كثّفت أوكرانيا جهودها لإحباط المخطّط الروسي، معلنة أنها شنّت عدة ضربات جوية ناجحة ضد مروحيات روسية ودفاع جوي وأسلحة ثقيلة أخرى موجودة هناك. إلا أن موسكو دحضت هذه المزاعم.

وتظهر أحدث صور الأقمار الصناعية التي حصلت عليها "وول ستريت جورنال"، أن روسيا نجحت في تحصين جزيرة الأفعى في غضون أربعة أشهر، خاصة منذ بداية شهر يونيو / حزيران الحالي، وبناء هياكل جديدة للخيام والتحصينات ووضع أنظمة صواريخ "بانتسير" و"تور" هناك.

أوكرانيا تكثّف هجماتها

في المقابل، أعلنت القوات المسلحة الأوكرانية مسؤوليتها عن سلسلة من الضربات الناجحة على الجزيرة، وذلك باستخدام طائرات دون طيار من طراز "بيرقدار" تركية الصنع.

وأعلن الجيش الأوكراني، في بيان الاربعاء، نشر "قوات ووسائل تدمير"، مشيرًا إلى أنه "دمر أنظمة الدفاع الجوي والرادار الروسية".

بدوره، قال رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية كيريلو بودانوف، الأربعاء: "نحن نضرب تلك المواقع وستستمر العملية حتى التحرير الكامل لجزيرة الأفعى".

من جهته، قال وزير الدفاع الأوكراني السابق أندري زاغورودنيوك: إن روسيا تحاول جلب أنظمة رادار ودفاع جوي وأنظمة حربية إلكترونية إلى الجزيرة، "في محاولة لاستبدال طراد موسكفا"، الذي أغرقته صواريخ أوكرانيا المضادة للسفن في 14 أبريل/ نيسان الماضي.

وأضاف أن روسيا "تريد إغلاق البحر بوجه أوكرانيا، واستخدام الجزيرة طرادًا غير قابل للغرق، بحيث تطلق قواتها النار على كل ما يطير فوقها أو يسبح في المنطقة".

مزايا مهمة للطرفين

وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا ستُواصل جهودها لإبقاء سيطرتها على الجزيرة، رغم الهجمات الجوية الأوكرانية، نظرًا لأن مزايا الحفاظ على سيطرتها على الجزيرة، يمكنها من استضافة أسلحة قادرة على ضرب مساحة من جنوب غرب أوكرانيا، وتعزيز أي هجوم محتمل في المستقبل من ولاية ترانسنيستريا الانفصالية الموالية لروسيا في شرق مولدوفا، مما سيفتح جبهة جديدة.

كما يمكن استخدام الجزيرة لمنع مرور السفن التي تحمل الحبوب عبر نهر الدانوب وإلى رومانيا، العضو في منظمة حلف شمال الأطلسي التي ساعدت موانئها في معالجة بعض الحبوب العالقة في الموانئ الأوكرانية ، والتي يقع ساحلها على البحر الأسود على بعد 30 ميلًا فقط من الجزيرة.

أما بالنسبة لكييف، فسوف تساعد استعادة الجزيرة في كسر الحصار الذي تفرضه القوات الروسية على شواطئ أوكرانيا في البحر الأسود، حيث تقوم السفن الحربية الروسية بدوريات في المياه جنوب أوديسا، وتمنع شحنات الحبوب والمواد الغذائية الأخرى من المرافئ الجنوبية لأوكرانيا من الوصول إلى جميع بلدان العالم التي هي بأمسّ الحاجة إليها.

وقال عمدة أوديسا، التي يتعرّض اقتصادها للاختناق بسبب إغلاق موانئها والحصار الروسي على البحر الأسود، غينادي تروخانوف: إن "جزيرة الأفعى أصبحت رمزًا. والتحكّم فيها يمنحك التحكم بالحرب".

ولم تحقق موسكو أو كييف أهدافهما حتى الآن. ولفتت الصحيفة إلى أن أوكرانيا لا تهدف إلى نشر قوات على الجزيرة، بل تعمل على إحباط محاولة روسيا للقيام بذلك، حيث تخصّص موسكو موارد لتأمين جزيرة الأفعى أكثر مما تنفقه كييف على منعها.

وأوضحت ناتاليا هومينيوك، ممثلة خفر السواحل الأوكراني في أوديسا، أن روسيا وضعت قاذفات صواريخ غراد على الجزيرة، لكنها لم تتمكن حتى الآن من الوصول إلى البر الرئيسي الأوكراني، ومن المرجح أن تركز على الدفاع عن حامية فيها هناك.

وأضافت: "القوات الروسية خائفة من طائرات بيرقدار التي تمتلكها أوكرانيا، ومحاولاتنا المحتملة للقيام بعملية إنزال".

لكن المخاطر التي تمنع روسيا من إعادة إمداد قواتها وأجهزتها في الجزيرة، هي نفسها التي تُحبط محاولات أوكرانيا لشنّ عملية إنزال ناجحة، حيث إن أي سفن تتحرك في ذلك الجزء من البحر الأسود هي عرضة للهجوم الروسي.

ونتيجة لذلك، يُرجّح أن تبقى الجزيرة محورًا للصراع حتى نهاية الحرب.

وقال زاغورودنيوك: "سنرى كم مرة علينا تدمير معداتهم قبل أن يُدركوا أنه لا فائدة من وجودهم هناك".

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close