حمل الأسبوع الماضي خبرين أفرحا قلوب العرب وأكدا مرة أخرى على طاقاتهم الابداعية في أكثر من مجال.
وقد جاء الخبر الأول من لبنان حيث فازت فرقة الرقص النسائية "مياس" (Mayyas) في برنامج المواهب "أميركا غوت تالنت" (America's Got Talent).
ونال هذا الإنجاز ترحيبًا واسعًا من قبل اللبنانيين جميعًا ظهر جليًا على مواقع التواصل الاجتماعي، كما أُفردت له مساحة واسعة في الصحافة الأميركية المهتمة بالبرنامج.
أما الخبر الثاني فتمثل بفوز لاعبة التنس التونسية أُنس جابر ببطولة برلين للسيدات، الأمر الذي لاقى ترحيبًا واسعًا من قبل الصحافة التونسية المحلية كما الصحافة الألمانية.
وفي هذا الإطار، ذكر موقع صحيفة FAZ الألمانية أنّ أنس جابر ليست فقط ثالث أفضل لاعبة تنس في العالم، وإنما أيضًا "نموذج يحتذى به في العالم العربي".
والجدير ذكره أن لبنان وتونس يعانيان من أزمات سياسية واقتصادية، إلا أن الإبداع شق طريقه وسط كل هذه المشاكل.
الإبداع "مؤامرة" في المجتمعات العربية
يطرح ما تقدّم علامات استفهام بالجملة عن الأسباب التي تدفع إلى بروز طاقات ومواهب العرب في الخارج أكثر من دولهم الأصليّة. وفي هذا السياق، يرى أستاذ علم الاجتماع في جامعة بغداد علي طاهر الحمود أن المجتمعات العربية تتعامل مع الإبداع على أنه مؤامرة ضد القيم والمبادئ والتراث، بينما تتعامل الدول الخارجية مع الإبداع والمواهب والابتكار على أنها رأسمال يمكن أن يتحول إلى أرباح مادية.
وإذ يشدد الحمود في حديث إلى "العربي" من العاصمة العراقية، على أن المجتمعات الغربية لا تتوجس من الشيء الجديد، يلفت إلى أن السياقات الثقافية والاجتماعية تتحول في النهاية إلى مؤسسات حاضنة للإبداع والابتكار.
وردًا على سؤال حول ما ينقص المجتمعات العربية لاحتضان المواهب، يقول الحمود: إن هذه المجتمعات بحاجة إلى الاحتفاء بالتفكير النقدي، لأن التلقين الذي يتم في المدارس والجامعات يبعد الأفراد عن المواهب ويشعر الموهوب بأنه غريب".
ويعتبر أن التفكير النقدي في المدارس والجامعات يعني احتفاء هذه المؤسسات بالإبداع والابتكار وبأي شيء جديد، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تشكل مقدمة للاختراعات والإبداعات التي بدورها تتحول إلى ثروات مادية تعود بالنفع على الأشخاص والمجتمعات.
ويلفت إلى أنه لا يمكن الحديث عن دور حكومي لرعاية الإبداع والابتكار من دون أن تكون هذه الحكومات في إبداع وابتكار وتغير وإصلاح مستمر.