لطالما ارتبطت دراسة الطب في الوعي الجماعي العربي بمعاني النجاح والمكانة الاجتماعية. وكان حلم "الطبيب" أحد العناوين الكبرى للطموح الأسري والتفوق الدراسي.
غير أن نتائج بكالوريا 2025 كشفت عن ميل جديد بين نخبة المتفوقين. فقد عاش المشهد الجامعي في الجزائر هذا العام تحولًا غير مسبوق في ميول الطلبة المتفوقين، مع تراجع تدريجي لجاذبية تخصصات كانت تشكل الحلم الدراسي والجنة المهنية الموعودة.
فقد استقطبت تخصصات الذكاء الاصطناعي، والإعلام الآلي، والتكنولوجيا أعدادًا متزايدة من الطلبة، في ظاهرة انطلقت لإعادة تشكيل خريطة “التخصصات النخبوية” التي طالما ارتبطت بمفاهيم النجاح.
التغيير و"الوعي"
هذا التغيير يرتبط بكلمة "الوعي" لدى جيل واع يعرف ماذا يحب. ويعكس الإقبال المتزايد على المدارس العليا للأساتذة تحولًا عمليًا في التفكير حيث بات كثير من الطلاب يولون أهمية أكبر لمعيار “ضمان العمل” بعد التخرج، بدلًا من مجرد الرمزية أو المكانة الاجتماعية.
وهذا الأمر معقول إذ ما تتيحه التخصصات التكنولوجية من فرص للتطور والابتكار والتوظيف السريع داخل الجزائر وخارجها كانت كلمة السر في التغيير.
وجاءت نتائج المفاضلة على الشكل التالي: المدرسة العليا للإعلام الآلي 18.55، والمدرسة العليا للذكاء الاصطناعي 18.95، والطب: من 16.65 حسب الولاية والجامعة.
هذا ويختلف الإعلام الآلي المتخصص في التكنولوجيا عن علوم الإعلام والاتصال: بـ 12.40.
في حين كانت المفاجأة الكبرى بمعدل دراسة الممرض الذي جاء أعلى من معدل دراسة الطب نفسه 17.02.
التركيز على سوق العمل
وكانت معدلات القبول الحديث الأكثر تفاعلًا بين الجزائريين.
فقال محمد: "هذا أمر عادي في كل دول العالم، إلا في بلاد خطبني pilote طيّار ووليدي طبيب. عند كل الشعوب الإنسان يدرس مالذي يخرج عليه والشيء الذي يحبه حتى ينجح مع نفس طويل ليتمكن من دراسة الطب أو الهندسة".
وكتب ياسين حاج محمد إن "السبب هو العمل. أصحاب المعدلات العالية تقدموا إلى تخصص ممرض وتركوا اختيار الطب ولجنة الاختيار تبدأ بأعلى معدل في كل التخصصات لذلك ارتفع معدل التمريض على معدل الطب. والسبب أن الممرض بعد ثلاث سنوات يوظف مباشرة، ولكن الطبيب بعد سبع سنوات يشد الحيط تأكله البطالة".
وقال سامي عبد الرحمن: "العلم عمره لا يقاس بالعلامات ولا بعدد المناصب. كل العلوم قيمة ومطلوبة وواجب طلبها، ولكن سوق العمل من وضع هذه المقاييس وهي متغيرة بتغير الظروف لهذا لا ينبغي الخلط بين الخدمة والعلم ولا داعي للتكبر. الناس نهار نوصلو لهذه الدرجة من الوعي راح نصير أمة متحضرة".
في حين قال هواري: "لازم مراجعة شاملة ودقيقة فيما يخص التوجهات الجامعية. الذي درس الهندسة المدنية والكهربائية والميكانيكية في الثانوية يجب أن يكمل في تخصص الهندسة في الجامعة ولا يذهب ليكون ممرضًا أو تخصص صيدلة أو طب. كيف النخبة والنجباء من التلاميذ أصحاب المعدلات 17 و18 يروح في تخصص ممرض. صراحة هذه خسارة. الدولة محتاجة النجباء من التلاميذ في الهندسة والصناعة والإعلام الآلي".