تشير مركبات إسرائيلية مدمرة عند طريق يؤدي من القدس المحتلة إلى الساحل الفلسطيني، إلى أنه كان بإمكان نتائج حرب 1948، أن تكون مختلفة.
فما إن أعلنت الأمم المتحدة عن قرارها التقسيم نهاية 1947 حتى بدأ العرب في السيطرة على الطرق الرئيسية في فلسطين. عزلوا مستوطنات القدس والخليل، وفصلوا مستوطنات مرج ابن عامر عن مستوطنات الساحل وتل أبيب، وتكبدت العصابات الصهيونية أكثر من 1200 قتيل حتى نهاية مارس/ آذار. وقد وقع التحول في مطلع أبريل/ نيسان، بعد استلام العصابات الصهيونية أسلحة ثقيلة حصلت عليها من تشيكيا. فقررت الانتقال من الدفاع إلى الهجوم وفك الحصار عن المستوطنات.
وكانت أقسى المعارك في قرية القسطل، ولم تتمكن العصابات الصهيونية من احتلالها إلا بعد اغتيال القائد عبد القادر الحسيني، لتكون أول بلدة عربية تحتلها إسرائيل.
مجازر العصابات الصهيونية في فلسطين
وعلى بعد كيلومترات من القسطل كانت قرية دير ياسين، حيث ارتكبت العصابات الصهيونية مجزرة أسفرت عن استشهاد ما يصل إلى أكثر من 350 فلسطينيا من أهالي القرية. خلعت هذه التطورات الثلاثة الكبيرة والمتلاحقة، قلوب العرب، وعززت الجرأة في قلوب العصابات الصهيونية، وما هي إلا أسابيع، حتى سقطت حيفا ويافا وطبريا.
لكن المعركة لم تنتهِ هكذا. ففي منتصف مايو/ أيار، دخلت الجيوش العربية فلسطين، وخلال أيام بدأت الصورة بالتغيّر.
فقد تمكن الجيش الأردني من السيطرة على مدينة الخليل ومستوطناتها وطرد اليهود منها، موقعًا 150 قتيلًا إسرائيليًا.
كما تمكن الجيش الأردني من السيطرة على أحياء واسعة من القدس وحصار الأحياء اليهودية وقصفها بكثافة.
وتقدر المصادر الإسرائيلية أن الجيش الأردني أطلق 10 آلاف قذيفة على القدس الغربية خلال 3 أسابيع.
أمّا الجيش المصري في الجبهة الغربية، فتمكن من كسر دفاعات العصابات الصهيونية الجنوبية، ووصل إلى أسدود، وتقدم ليكون على بعد 30 كيلومترًا من تل أبيب، أهم المدن الإسرائيلية.

وعند هذه اللحظة المهمة من حالة الارتباك الصهيونية، أعلنت الأمم المتحدة عن هدنة في فلسطين، استغلتها العصابات الصهيونية لتعزيز دفاعاتها. وفي ختامها، وصلتها شحنة أخرى كبيرة من الأسلحة التشيكية.
وفور انتهاء الهدنة، احتلت العصابات الصهيونية خلال عشرة أيام: اللد والرملة، ومن ثم الناصرة ومحيطها، وهجرت من فيها.
ثم جاءت هدنة ثانية، وما إن انتهت في أكتوبر/ تشرين الأول، حتى احتلت العصابات الصهيونية الجليل كله والنقب كله وصولًا إلى أم الرشراش، التي أصبح اسمها إيلات.
ويجمع باحثون عرب وإسرائيليون على حد سواء أن نقاط التحول في الحرب كانت ثلاث، وهي صفقة الأسلحة التشيكية والهدنة الأولى والهدنة الثانية، ولولاها، لربما لم تكن إسرائيل لتحقق ما حققته.