وصفت منظمة العفو الدولية، أمس الأربعاء، تعقيبًا على قرار مجلس شورى الدولة القاضي بالتعويض للممثل المسرحي زياد عيتاني عن قضية تلفيق جرم العمالة له، بالقرار "التاريخي"، مشيرةً إلى أنه يشكل "نقطة تحول في مساعي الحد من الإفلات من العقاب على ممارسات التعذيب".
وكان مجلس الشورى اللبناني، أعلى السلطات القضائية في البلاد، قد أصدر قرارًا يلزم الدولة بتعويض الزميل زياد عيتاني، على الضرر الذي أصابه والمظلومية التي تعرض لها بعد اعتقاله وتعذيبه عام 2018، بتهمة العمالة لإسرائيل.
وأمر القرار الحكومة بدفع مبلغ 480 مليون ليرة لبنانية (حوالي 5,360 دولارًا أميركيًا) تعويضات للممثل المسرحي نتيجة للضرر الذي لحق به والناجم عن تقاعس، وإهمال السلطات اللبنانية في منع تعرضه للتعذيب، وغيره من ضروب المعاملة السيئة، وإخفاقها في التحقيق بشكل وافٍ في مزاعمه بهذا الخصوص، وفق بيان "العفو".
"إنجاز نادر للعدالة"
وقالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة، كريستين بيكرلي، يوم أمس، تعقيبًا على القرار: "يمثل هذا القرار إنجازًا نادرًا للعدالة، وينبغي أن يمهد الطريق لوضع حد للإفلات من العقاب على التعذيب الذي طال أمده في لبنان".
وأضافت: "تعرّض زياد عيتاني لسلسلة من المظالم الجسيمة وأظهر شجاعة بالغة في نضاله من أجل المحاسبة. فقد اعتُقل بناءً على تُهم ملفقة، واحتُجز في الحبس الانفرادي، وتعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، وحُرم من الاتصال بمحامٍ".
وعقد عيتاني، أمس، مع فريق موكليه من "المفكرة القانونية" مؤتمرًا صحافيًا للإعلان عن القرار، وأعرب في كلمة له عن أمله في أن يكون القرار بارقة أمل للمواطنين الذين تعرضوا لمظلومية مشابهة، مؤكدًا دعمه قضية أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت عام 2020 في سعيهم للعدالة.
وأشارت بيكرلي إلى أنه من خلال اعتراف مجلس شورى الدولة بمحنة زياد عيتاني، واستنتاجه أن السلطات اللبنانية أخفقت في الوفاء بالتزاماتها بمنع التعذيب، وأمره الدولة بتسديد تعويضات لعيتاني، اتخذ المجلس خطوة مهمة نحو تنفيذ قانون معاقبة التعذيب لعام 2017 في البلاد، وهو قانون رفضت الجهات الفاعلة الرئيسية في لبنان تنفيذه طوال سبع سنوات.
قضية عيتاني
وبعد سجنه لمدة 4 أشهر تقريبًا، بداية من نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 وحتى مارس/ آذار 2018، وسط حملة إعلامية قادتها التسريبات التي خرجت من التحقيقات الأولية معه، أعلن قاضي التحقيق العسكري في المحكمة العسكرية حينها، منع المحاكمة عن عيتاني، وإدانة كل من رئيسة مكتب مكافحة الجرائم الإلكترونية السابقة سوزان الحاج، ومقرصن بتلفيق التهمة للمسرحي اللبناني.
وبعد محاكمة استمرت لسنوات، حكم القضاء العسكري، على المقرصن بالسجن سنة ونصف السنة مع الأشغال الشاقة، وإدانة المقدم الحاج بكتم المعلومات عن مرؤوسيها، وغرامة قدرها 200 ألف ليرة لبنانية، أي ما يناهز 18 دولارًا أميركيًا حينها، أو نحو دولارين فقط وفق سعر الصرف الحالي.
يذكر أن دوافع تورط المدانين بجرم تلفيق التهمة لعيتاني، تعود إلى سبتمبر/ أيلول2017، حين أُوقفت الحاج عن عملها على رأس مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، إثر قيامها بوضع إشارة إعجاب لمنشور للمخرج اللبناني شربل خليل، اعتبرت حينها عنصرية بحق السيدات السعوديات، وقام عيتاني بالإضاءة على الموضوع.
لكن المقرصن أفاد في المحاكمات أنه تصرف من تلقاء نفسه ودون تحريض من العقيد الحاج، التي اكتفى القضاء بإدانة لم تثن رئيس الجمهورية السابق ميشال عون عن ترقيتها بعد الحادثة.