الثلاثاء 8 أكتوبر / October 2024

نهب أسلحة وحرق متاجر وفوضى.. ليلة رابعة من الاحتجاجات في فرنسا

نهب أسلحة وحرق متاجر وفوضى.. ليلة رابعة من الاحتجاجات في فرنسا

شارك القصة

"العربي" في متابعة شاملة للأحداث في فرنسا (الصورة: غيتي)
لجأت فرنسا للدفع بمزيد من القوات الأمنية في مواجهة الاضطرابات التي تشهدها مدنها وسط حديث عن "ساعات حاسمة" قادمة.

نشرت فرنسا 45 ألف شرطي وبعض المركبات في الشوارع، اليوم السبت، بعد تعرض مدن فرنسية لأعمال شغب لليلة الرابعة على التوالي، بسبب مقتل مراهق من أصول عربية برصاص عنصر شرطة في إشارة مرورية.

وكشفت وكالة الأنباء الفرنسية عن صدور مذكرة استخباراتية تحذّر من توسع رقعة العنف خلال الأيام القادمة، مع إصدار نقابتين تابعتين للشرطة بيانًا يوم أمس قالتا فيه "غدًا سنبدأ المقاومة وعلى الحكومة أن تعي ذلك جيدًا".

ورأى الباحث السياسي حسين جيدل في حديث لـ"العربي" من باريس، أن البيان الذي يمكن أن يؤجج الأوضاع ليس محل إجماع، بل إن الأمين العام لنقابة الشرطة ندد به وبمحتواه وبالعبارات المثيرة غير المقبولة، ما يدل على انقسامات في صفوف الشرطة، وفق جيدل.

الشاب "نائل" 

وتسببت أعمال العنف، التي أُضرمت خلالها النيران في بعض المباني والسيارات بالإضافة إلى نهب بعض المحال، في وضع الرئيس إيمانويل ماكرون في أكبر أزمة خلال فترة رئاسته، منذ احتجاجات السترات الصفراء التي اندلعت في 2018.

واندلعت الاضطرابات في جميع مدن البلاد مثل مرسيليا وليون وتولوز وستراسبورغ وليل، بالإضافة إلى باريس، حيث قُتل نائل م. (17 عامًا)، وهو من أصل جزائري-مغربي، برصاص الشرطة يوم الثلاثاء في ضاحية نانتير.

وأذكت وفاته، التي رصدتها إحدى الكاميرات، شكاوى قديمة من أصحاب الدخل المنخفض والأعراق المختلطة، والمجتمعات الحضرية بأن الشرطة تمارس العنف والعنصرية.

وأضاف جيدل في حديثه إلى "العربي"، أن مقاطع الفيديو لا يمكن أن تحمل أيّ تأويل آخر، فإن هذا الشاب قتل عمدًا، وقد تكون العنصرية دافعًا خلف ذلك، مع إبداء الأمم المتحدة مخاوفها من تفشي العنصرية، مع التذكير بأنه منذ شهر فقط ندد مجلس الحقوق الفرنسي بالعنصرية التي اعتبر أنها تنخر الجسم الأمني في البلاد. 

وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان قال في ساعة مبكرة من صباح اليوم السبت، إن 270 شخصًا اعتقلوا ليلة الجمعة ليرتفع العدد الإجمالي إلى أكثر من 1100 منذ بدء الاضطرابات. وشملت اعتقالات ليل الجمعة 80 شخصًا في مدينة مرسيليا الجنوبية، ثاني كبرى المدن الفرنسية.

مدينة مرسيليا

وأظهرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي انفجارًا يهز منطقة الميناء القديم في مرسيليا. وقالت سلطات المدينة إنها تحقق لمعرفة السبب، دون الاعتقاد بأن هناك أي إصابات أو خسائر بشرية، فيما أعلنت شرطة المدينة بأن مثيري الشغب نهبوا متجرًا للأسلحة، وسرقوا بعض بنادق الصيد دون ذخيرة.

رئيس بلدية مرسيليا، بينوا بايان، دعا الحكومة الوطنية إلى إرسال قوات إضافية على الفور. وقال في تغريدة في ساعة متأخرة أمس الجمعة: إن "مشاهد النهب والعنف غير مقبولة".

وأصيب ثلاثة من أفراد الشرطة بجروح طفيفة في ساعة مبكرة من صباح اليوم السبت. وحلقت طائرة هليكوتبر تابعة للشرطة في سماء المنطقة. أما في ليون، ثالث كبرى المدن الفرنسية، فنشرت قوات الأمن ناقلات جند مدرعة وطائرة هليكوبتر لقمع الاضطرابات.

وطلب دارمانان من السلطات المحلية وقف حركة جميع الحافلات والترام من الساعة التاسعة، مساء أمس الجمعة، بالتوقيت المحلي في أنحاء البلاد، وقال في وقت لاحق إنه تم نشر 45 ألفًا من قوات الشرطة بزيادة خمسة آلاف عن يوم الخميس.

"ساعات حاسمة"

ووجه وزير الداخلية رسالة لرجال الإطفاء وعناصر الشرطة قال فيها: "الساعات المقبلة ستكون حاسمة وأنا أعلم أنه يمكنني الاعتماد على جهودكم المضنية"، وذلك في محاولة لوضع نهاية للاضطرابات، دون أن يستبعد فرضية إعلان الطوارئ خلال حديث له مع  شبكة (تي.إف1) التلفزيونية، مساء أمس.

وقال دارمانان إن أكثر من 200 فرد من الشرطة أصيبوا بجروح منذ اندلاع الاضطرابات، وجرى اعتقال المئات من مثيري الشغب، مضيفًا أن متوسط أعمارهم 17 عامًا.

وفي باريس، أخلت الشرطة ساحة الكونكورد الشهيرة في وسط العاصمة من المحتجين، ليل الجمعة، بعد أن بدأت فيها مظاهرة دون تخطيط مسبق.

وأصدر لاعبو المنتخب الفرنسي لكرة القدم بيانًا دعوا فيه إلى الهدوء. وقالوا في بيان نشر على حساب النجم كيليان مبابي على إنستغرام: "يجب وقف العنف لإفساح المجال للحداد والحوار وإعادة الإعمار".

ونُهبت عشرات المتاجر وأضرموا النار في نحو ألفي سيارة منذ بدء أعمال الشغب. فيما ألغت السلطات بعض الفعاليات من بينها حفلتان موسيقيتان في ملعب فرنسا بضواحي العاصمة.

ويقول منظمو سباق (تور دو فرانس) إنهم مستعدون للتعامل مع أي موقف، عندما يدخل المتسابقون البلاد يوم الإثنين بعد انطلاق السباق في مدينة بلباو الإسبانية.

ماكرون و"حقوق الإنسان"

وكان ماكرون قد غادر قمة تابعة للاتحاد الأوروبي في بروكسل مبكرًا، حتى يتمكن من حضور ثاني اجتماع طارئ للحكومة خلال يومين. وطلب من منصات التواصل الاجتماعي إزالة لقطات الشغب "الأكثر حساسية" من صفحاتها، وإبلاغ السلطات بهوية المستخدمين الذين يحضون على ارتكاب العنف.

والتقى دارمانان بممثلين عن شركات ميتا وتويتر وسناب شات وتيك توك. وقالت شركة سناب شات إنها لا تتهاون مطلقًا مع المحتوى الذي يحض على العنف.

ونصحت بعض الحكومات الغربية مواطنيها في فرنسا بتوخي الحذر. فيما شدد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، على أهمية أن تكون التجمعات سلمية. ودعا السلطات الفرنسية إلى ضمان أن يكون استخدام الشرطة للقوة وفقًا لمبادئ عدم التمييز.

وقالت رافينا شامداساني المتحدثة باسم المكتب: "هذه فرصة للبلاد لتعالج بجدية المشكلات العميقة المتعلقة بالعنصرية والتمييز العنصري في إنفاذ القانون".

وخضع رجل الشرطة، الذي قال الادعاء العام إنه اعترف بإطلاق رصاصة قاتلة على الشاب القاصر، لتحقيق رسمي بتهمة القتل العمد وهو محبوس احتياطيًا الآن.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - وكالات
Close