لطالما كانت سوريا فضاءً مفتوحًا أمام إسرائيل، تمارس انتهاكاتها على أراضيها وفي أجوائها متى أرادت وكيفما شاءت، وخاصةً خلال السنوات الماضية، فتستهدف مواقع وتغتال شخصيات وتضرب هنا وهناك. لكنّ انتهاكاتها بعد سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول عام 2024 اتخذت أشكالًا متعددّة وأبعادًا مختلفة، ولا سيما على مستوى التوغّل البري وإلغاء اتفاقية 1974.
فقد استفادت إسرائيل بعد سقوط نظام بشار الأسد، من حداثة الدولة السورية الجديدة وكثرة تحدياتها وضعف إمكانياتها واستحالة القدرة على مواجهة ترسانة عسكرية متطورة بدولة أنهكتها الحرب خلال 14 عامًا وما تبعها من أزمات ضربت المجتمع السوري وطالت الملايين من السكان.
ورغم تحرّر سوريا من الأسد وانعكاس ذلك على حياة المواطنين ومعيشتهم، ما زالت الدولة الوليدة تواجه تحديات بالجملة، من مواجهة فلول نظام الأسد وبقايا تنظيم الدولة، إلى مُلاحقة عصابات الخطف والمجرمين واللصوص ومروّجي المخدرات، مرورًا بحل ملف المناطق الخاضعة لقوات سوريا الديمقراطية، وضبط الفصائل العسكرية المتعددة والمنضوية تحت وزارة الدفاع، والتفاهم مع الدروز في السويداء وجرمانا وصحنايا، وليس انتهاءً برفع العقوبات عن سوريا وإعادة علاقاتها بمحيطها العربي والعالمي، وتحسين الواقع المعيشي في سوريا، وخفض الأسعار، ومعالجة قضايا النازحين والدمار والفقر والتسوّل ومصابي الحرب والأطفال المتسربين من المدارس، وغير ذلك الشيء الكثير.
أمام هذه التحديات والصعوبات وجدت إسرائيل ضالتها بدولة يمكنها أن تمارس ضدها جميع أشكال الانتهاكات دون حساب ولا رادع، وهذا ما حصل خلال ستة أشهر من سقوط نظام الأسد.
20 انتهاكًا إسرائيليًّا ضد الدولة السورية
فيما يلي رصد لأهمّ ما قامت به إسرائيل من انتهاكات ضد سوريا، عسكريًّا وسياسيًّا وأمنيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا وبيئيًّا، وقد تمكّن موقع التلفزيون العربي من توثيق 20 نوعًا وشكلًا مختلفًا وفقًا لما يلي:
1. إراقة الدماء.. الانتهاك المُفضّل لإسرائيل
قتلت إسرائيل خلال 6 أشهر نحو 30 مدنيًّا في سوريا، معظمهم في محافظة درعا، وذلك حسب تقارير الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
كان أكبر عدد يسقط من هؤلاء الضحايا في آن واحد عندما استهدفت إسرائيل حرش سد الجبيلية قرب مدينة نوى غرب محافظة درعا، في 3 أبريل/ نيسان، مما أدى إلى استشهاد 9 مدنيين وإصابة آخرين.
وتوزّع باقي الضحايا المدنيين على محافظات اللاذقية ودمشق وريف دمشق والقنيطرة والسويداء ودرعا أيضًا.
فيديو - آلاف السوريين يشيعون شهداء القصف الإسرائيلي في مدينة نوى
2. الاغتيالات.. سياسة قديمة جديدة
اتبعت إسرائيل قبل سقوط نظام الأسد سياسة الاغتيالات على نطاق واسع في سوريا، مستهدفةً شخصيات مقرّبة من إيران. وأدى سقوط النظام إلى تلاشي الوجود الإيراني في سوريا، ومغادرة مجمل المحسوبين على طهران من البلاد، ولذلك غابت سياسة الاغتيالات عن المشهد السوري.
إلا أنّ هذه السياسة عادت مؤخرًا للظهور، حيث أغارت طائرات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي على أحد عناصر حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في منطقة مزرعة بيت جن جنوب سوريا، في 8 يونيو/ حزيران، وفقًا للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي.
3. ضرب المقرّات العسكرية
سعت إسرائيل بعد سقوط نظام الأسد إلى تدمير أيِّ قدرات عسكرية يمكن لفصائل المعارضة المسلحة أن تستفيد منها، فضربت المطارات والأفواج والألوية والثكنات والمخازن على امتداد الجغرافية السورية.
وتتحدّث تقارير عن عشرات الاستهدافات الإسرائيلية للأراضي السورية، مما أسفر عن إصابة وتدمير مستودعات للأسلحة والذخائر ومقرات ومراكز وآليات، وذلك منذ مطلع عام 2025 حتى 8 يونيو/ حزيران.
وتُضاف هذه الاستهدافات إلى نحو 500 غارة جوية شنتها الطائرات الإسرائيلية على مواقع عسكرية سورية، منذ 8 ديسمبر الماضي وحتى نهاية عام 2024، ودمّرت خلالها الترسانة السورية بالكامل.
تحقيق للتلفزيون العربي يكشف الأسلحة التي دمرتها إسرائيل في سوريا
4. استهداف مواقع غير عسكرية
رغم تركيز إسرائيل على استهداف البنية العسكرية السورية إلا أنها شنّت عدة ضربات ضد مواقع لا تندرج ضمن هذا الإطار.
ومثال ذلك تنفيذها غارة قرب القصر الرئاسي في العاصمة دمشق، في 2 مايو/ أيار، وكذلك قصفها مناطق مأهولة بالسكان في ريف محافظة درعا.
إسرائيل تعلن قصف موقع قرب القصر الرئاسي في دمشق
5. مساندة العصابات المسلحة
لم تكتفِ إسرائيل بضرب مواقع عسكرية ومدنية في سوريا، بل ساندت عصابات مسلّحة كانت تخوض اشتباكات مع الدولة السورية، وذلك عبر تنفيذ طيران إسرائيلي مسيّر هجومين ضد قوات الأمن العام على أطراف صحنايا بريف دمشق، في 30 أبريل/ نيسان، تحت ذريعة حماية الدروز، مما أدى إلى مقتل عنصر أمن وإصابة آخرين بجراح.
6. التمدد الإسرائيلي داخل الأراضي السورية
سيطرت قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد سقوط نظام الأسد على المنطقة العازلة بين الجولان المحتل وباقي الأراضي السورية، حيث يبلغ طولها نحو 75 كم، ويتراوح عرضها بين 200 متر و10 كيلومترات، وذلك رغم خضوعها لمراقبة الأمم المتحدة، لتنهار بذلك اتفاقية فض الاشتباك عام 1974.
وتضم هذه المنطقة العديد من القرى، أبرزها: طرنجة، وجباثا الخشب، وأوفانيا، ومدينة البعث، والحميدية، والقنيطرة، وبئر العجم، وبريقه، والأصبح، والرفيد، والصمدانية الغربية، والقحطانية.
تضاريس هذه المنطقة جبلية، ويهيمن عليها في الشمال جبل الشيخ الإستراتيجي، حيث يعد أعلى منطقة مرتفعة في سوريا، ويطل على العاصمة دمشق ويبعد عنها نحو 40 كم فقط، وقد احتلته إسرائيل مؤخرًا وأنشأت موقعين عسكريين على قمته.
وشهدت هذه المنطقة إقامة قواعد عسكرية ومنشآت سكنية ومرافق حيوية، مما يعكس نية إقامةٍ طويلة المدى.
تحقيق يرصد التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية - برنامج "مهمة صحفية"
7. توغّلات داخل أراضٍ سورية
أصبحت الأراضي السورية المحاذية والقريبة من الجولان المحتل بيئةً خصبةً لإسرائيل، تصول وتجول فيها حيث تشاء، فتتوغل في عدة قرى وبلدات تابعة لمحافظة القنيطرة جنوب سوريا، ثم تتعداها إلى الحدود الإدارية بينها وبين محافظة درعا، ثم تداهم قرًى تابعة لمحافظة درعا.
هذه التوغلات تقع داخل المنطقة العازلة وخارجها وتستغرق عادةً عدة ساعات، وتهدف غالبًا إلى نزع السلاح من الأهالي ومصادرته، ويرافقها مجموعة انتهاكات أخرى.
نقاش حول التوغل الإسرائيلي في سوريا وتداعياته على السيادة الوطنية والاستقرار الإقليمي - حوارات دمشق
8. إخلاء وتشريد
رافقت عمليات التوغل الإسرائيلية التالية لسقوط نظام الأسد مطالبات إسرائيلية بإخلاء منازل وقرى، مما أدى إلى موجات نزوح للأهالي، كما دمّرت قوات الاحتلال عدّة منازل واحتلت أخرى خلال توغلاتها في محافظة القنيطرة.
وشهدت بلدة الحرية عودة السكان إلى منازلهم في 18 ديسمبر/ كانون الأول بعد تهجيرهم منها، بينما هناك مخاوف من أن تؤدي التوغلات الإسرائيلية المتكررة وما يرافقها من انتهاكات إلى دفع القاطنين في تلك المناطق إلى تركها.
جيش الاحتلال الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء لتهجير سكان بلدة الحرية بريف القنيطرة من منازلهم
9. مداهمات وتفتيش
توغّل قوات الاحتلال الإسرائيلي داخل الأراضي السورية يرافقه أحيانًا مداهمات لمنازل الأهالي وتفتيشها بحثًا عن السلاح.
وفي هذا السياق، داهمت دورية عسكرية إسرائيلية فجر 4 يونيو/ حزيران عددًا من المنازل خلال توغلها في بلدة جباثا الخشب بريف القنيطرة وقامت بتفتيشها قبل أن تنسحب من البلدة.
وترافق عمليات التفتيش في أحيان كثيرة عبث وتخريب وسرقة لمحتويات المنازل، مما يثير خوفًا وقلقًا في نفوس السكان.
10. الاستيلاء على قدرات عسكرية
كشف جيش الاحتلال الإسرائيلي في 15 يناير/ كانون الثاني أن قواته استولت على أكثر من 3300 قطعة سلاح وغنائم أخرى، من بينها دبابتان و70 قنبلة يدوية و165 صاروخ وقذيفة و20 صاروخًا مضادًّا للطائرات ونحو 1500 قذيفة صاروخية الدفع (آر بي جي)، وذلك منذ سقوط نظام الأسد.
يضاف إلى ذلك استيلاؤه على 60 قطعة من معدات المراقبة و570 قطعة إلكترونية من بينها أجهزة كمبيوتر واتصال.
11. احتجاز وتحقيق
مارست قوات الاحتلال الإسرائيلي سياسة الاحتجاز بحق عدة أشخاص داخل الأراضي السورية في حوادث متفرقة طوال الأشهر الستة الماضية، ويتبع ذلك عادةً إجراء تحقيقات مع المحتجزين ثم الإفراج عنهم.
وأبرز هذه الأحداث احتجاز فريق التلفزيون العربي خلال تغطيته الصحفية داخل بلدة الحميدية جنوب محافظة القنيطرة، في 8 يناير/ كانون الثاني، وتعرّضه للضرب العنيف والتحقيق لساعات طويلة، وتكسير هواتفهم ومصادرة معداتهم.
وأيضًا احتجاز طاقم إسعاف تابع للهلال الأحمر العربي السوري بمحافظة القنيطرة، في 15 فبراير/ شباط.
12. إطلاق رصاص على المتظاهرين
شهدت محافظة القنيطرة عدة مظاهرات للأهالي ضد التوغل والتمدد الإسرائيلي في سوريا، لتقابلها قوات الاحتلال بإطلاق الرصاص على المشاركين.
ورغم عدم تسجيل وقوع ضحايا، إلا أنها خلّفت عدة إصابات، كان أكبرها عند إطلاق قوات الاحتلال الرصاص على مظاهرة في بلدة سويسة بريف محافظة القنيطرة الجنوبي، في 25 ديسمبر/ كانون الأول، مما أدى إلى إصابة 5 مدنيين بجراح.
لحظة إطلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي النار على متظاهرين سوريين في قرية سويسة بريف القنيطرة
13. محاربة الأهالي بأرزاقهم
سعت قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى محاربة سكّان القرى السورية القريبة من الجولان المحتل بأرزاقهم.
فقد أطلقت قوات الاحتلال النار على قطيع أغنام قرب شريط فضّ الاشتباك على أطراف بلدة الرفيد بريف القنيطرة، في 12 مارس/ آذار، مما أدى إلى نفوق عدد منها.
واحتجزت عددًا من رؤوس الأغنام خلال توغلها في بلدة الرفيد وقرية العشة بريف القنيطرة، في 23 مارس/ آذار.
كما أحرقت أكثر من 50 دونمًا من أراض زراعية في بلدة كودنا بريف القنيطرة، في 15 مايو/ أيار، وجرفت أراضي زراعية عند اقتحامها بلدات العشة وأبو غارة ومزرعة الحيران وسرية الدبابات في ريف القنيطرة الجنوبي، في 8 يناير/ كانون الثاني.
وتتكرر هذه التصرفات وسط إلقاء قوات الاحتلال منشورات تحذّر من الاقتراب نحو خط البراميل الواقع بمحاذاة شريط فضّ الاشتباك (خط ألفا) أو التجول قرب المنطقة المحاذية له، إضافةً إلى وضع قوات الأمم المتحدة لافتات تحذّر من الأمر نفسه، مما يضيّق على رعاة الأغنام ويحرم المزارعين من الوصول إلى أراضيهم الواقعة ضمن تلك المنطقة.
14. إتلاف وثائق رسمية
تمركزت قوات الاحتلال الإسرائيلي داخل مبنيي المحافظة والمحكمة في القنيطرة بعد سقوط نظام الأسد، لتنسحب منهما في 2 فبراير/ شباط، لكنها قامت خلال ذلك بالعبث في محتويات المبنيين وإتلاف أوراق وملفات رسمية تخص المواطنين، إضافةً إلى تجميع حواسيب خاصة بالمبنيين وإحراقها.
15. استهداف الغطاء النباتي
ألحقت قوات الاحتلال الإسرائيلي أضرارًا بالغةً بالغطاء النباتي في محافظة القنيطرة، حيث أقدمت آليات تابعة لها في 8 يونيو/ حزيران على تنفيذ عمليات تجريف طالت أشجار صنوبر وسنديان من حراج الشحار في منطقة جباثا الخشب ضمن المناطق المحاذية للشريط الحدودي مع الجولان المحتل.
16. استهداف البنية التحتية
تسعى قوات الاحتلال الإسرائيلي عند توغلها في المناطق التابعة لمحافظة القنيطرة إلى إلحاق أكبر قدر من الأضرار في شوارعها.
وفي هذا السياق، اقتحمت عدة بلدات وقامت بتخريب أعمدة الكهرباء المنتشرة على جوانب الطرقات، بينما استهدفت آبار مياه واستولت على منابع مياه، مما يعيق وصولها للأهالي ويفاقم أزمة الجفاف.
17. انتهاك بنكهة "إنسانية"
ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي انتهاكًا تحت ذرائع إنسانية، وذلك بإرسالها مساعدات وإجلائها جرحى خلال الأشهر الماضية.
ويندرج ضمن ذلك إنزال معدات ومساعدات عبر مروحية عسكرية إسرائيلية في محافظة السويداء، في 2 مايو/ أيار، وإجلاء 5 مصابين دروز جدد من سوريا للعلاج بمستشفياتها، وفقًا لإذاعة الجيش الإسرائيلي.
كذلك منحت أهالي عدة قرى وبلدات في محافظة القنيطرة "مساعدات إنسانية"، إلا أنها تُقابل عادةً بالرفض، حيث أقدم أهالي بلدة الرفيد على حرق "معونات غذائية" قدمها لهم جيش الاحتلال قبيل انسحابه من البلدة في 24 مارس/ آذار.
18. تصريحات.. استفزازات وتهديدات
منذ سقوط نظام الأسد، يكاد لا يمر يوم إلا ويخرج فيه مسؤول إسرائيلي بتصريحات حول سوريا، حيث تتسم عادةً بالاستفزاز، وتحمل نبرة التهديد والوعيد في أحيان كثيرة.
ومثال ذلك تصريح وزير الأمن يسرائيل كاتس بأن تل أبيب لن تسمح لما سمّاه النظام الإرهابي الإسلامي في سوريا باستهداف الدروز، مشيرًا إلى أنه إذا قرر النظام السوري استهداف الدروز، فسوف تستهدفه إسرائيل.
وكذلك تهديده للرئيس السوري أحمد الشرع قائلًا: "عندما يفتح الجولاني (الشرع) عينيه في القصر الرئاسي في دمشق كل صباح، سيرى بأن الجيش الإسرائيلي يراقبه من قمة جبل الشيخ"، مضيفًا: "عندها سيتذكر أننا هنا وفي المنطقة العازلة جنوب سوريا من أجل حماية أهالي الجولان والجليل من تهديداته وتهديدات أصدقائه الجهاديين" على حد تعبيره.
تصريحات وزير الأمن الإسرائيلي بعد الهجوم على سوريا
19. عملية سرية في العمق السوري
أعلنت إسرائيل مؤخرًا عن تنفيذ جهاز الموساد عملية سرّية معقّدة داخل عمق الأراضي السورية، تمكّن خلالها من استعادة أغراض ومتعلّقات شخصية تابعة للجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين.
وكشفت إسرائيل أن هذه العملية "نُفِّذت بالتعاون مع جهاز استخبارات شريك إستراتيجي"، مؤكدةً تمكنها من "جلب الأرشيف السوري الرسمي الخاص بإيلي كوهين إلى إسرائيل، والذي يضمّ آلاف الوثائق والمواد التي احتفظت بها أجهزة الأمن السورية بسرّية تامة على مدى عقود".
وتمثّل هذه العملية نمطًا جديدًا من العمليات المغايرة للتوغلات في المناطق المحاذية للجولان السوري المحتل.
بعمليةٍ للموساد، إسرائيل تستعيد أرشيف جاسوسها إيلي كوهين من سوريا
20. توسيع الاستيطان في الجولان المحتل
لم تكتفِ إسرائيل باحتلالها الجولان السوري، وإنما قررت بعد سقوط نظام الأسد توسيع عمليات الاستيطان فيه.
فقد وافقت الحكومة الإسرائيلية في 15 ديسمبر/ كانون الأول الماضي على خطة لتوسيع المستوطنات الإسرائيلية في هضبة الجولان السورية المحتلة، قائلةً إنها تصرفت "في ضوء الحرب والجبهة الجديدة مع سوريا" ورغبة في مضاعفة عدد السكان الإسرائيليين في الجولان.
السرطان الإسرائيلي.. هل من سبيل إلى معالجته؟
رغم تجنّب الدولة السورية اتخاذ أي فعلٍ أو رد فعلٍ تجاه الانتهاكات الإسرائيلية سوى الإدانة والتنديد ومطالبة المجتمع الدولي بإيقافها، إلا أن إسرائيل واصلت تصرّفاتها العدائية ضد سوريا، وذلك رغم تطمينات الدولة السورية المتكررة بأنها لن تشكّل تهديدًا لإسرائيل، آخرها تأكيد وزارة الخارجية أن "سوريا لم ولن تشكل تهديدًا لأي طرف في المنطقة"، وذلك تعقيبًا على مزاعم إطلاق صاروخين من درعا باتجاه الجولان.
ويندرج ضمن ذلك أيضًا إبداء الرئيس السوري أحمد الشرع استعداده الانضمام إلى الاتفاقات الإبراهيمية والتطبيع مع إسرائيل، وفق تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب للصحفيين بعد لقائه معه في المملكة العربية السعودية، وهو ما يتقاطع مع دعوة ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى التصرف بعقلانية لحل أي مشكلة مع تركيا، تعقيبًا على توترات بين أنقرة وتل أبيب بشأن سوريا.
كل ذلك يوحي باحتمالية العودة إلى اتفاقية عام 1974 أو تطبيع العلاقات أو إيجاد تفاهمات يمكنها الحد من الانتهاكات الإسرائيلية ضد الدولة السورية أو إيقافها. لكن كلّ ما سبق يصطدم برغبة إسرائيل في التمدد والتوسّع وبسط السلطة والنفوذ وخلق الانقسامات والحروب حتى تتمكن من تنفيذ ما تريد متى تريد، لتترك هذه التصرفات سؤالًا جوهريًّا بلا إجابة مؤكدة، وهو: كيف السبيل لإيقاف الانتهاكات الإسرائيلية ضد الدولة السورية؟