الإثنين 15 أبريل / أبريل 2024

هدنة جديدة تدخل حيز التنفيذ في السودان.. هل تختلف عن سابقاتها؟

هدنة جديدة تدخل حيز التنفيذ في السودان.. هل تختلف عن سابقاتها؟

Changed

فقرة ضمن "الأخيرة" تسلط الضوء على الهدنة الجديدة في السودان (الصورة: غيتي)
دخلت هدنة جديدة لمدة 24 ساعة بين طرفي الصراع في السودان حيز التنفيذ، حيث يلتزم الطرفان بموجبها بوقف شامل للعمليات العسكرية.

دخلت هدنة جديدة بين الجيش وقوات الدعم السريع حيز التنفيذ صباح السبت في السودان، حيث أبقى سكان آمالهم متواضعة حيالها بعدما خرق الطرفان كل الاتفاقات السابقة، ولم يتيحا لهم فرصة التقاط الأنفاس في نزاع يقترب من شهره الثالث.

ومنذ بدء المعارك في 15 أبريل/ نيسان بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، أبرم الجانبان أكثر من اتفاق لوقف إطلاق النار، سرعان ما كان يتم خرقها.

ودخلت الهدنة حيز التنفيذ رسميًا عند الساعة السادسة (04:00 توقيت غرينتش)، على أن تستمر لـ24 ساعة فقط.

وأفاد سكان في الخرطوم وكالة "فرانس برس" في وقت مبكر السبت، بأن الوضع الميداني كان هادئًا، وهو أمر غالبًا ما يكون معتادًا في هذا الوقت.

وقال محمود بشير الذي يقطن وسط ضاحية بحري بشمال العاصمة: "هدنة يوم واحد أقل من طموحنا. نتطلع إلى إنهاء شامل لهذه الحرب اللعينة".

من جهته، قال عصام محمد عمر الذي هجّر من منزله وسط الخرطوم إلى ضاحية أم درمان: "هدنة لا تخرج قوات الدعم السريع من منزلنا الذي أخرجونا منه قبل ثلاثة أسابيع لا تعني لي شيئًا".

وكما سابقاتها من الاتفاقات، تهدف الهدنة الجديدة بشكل أساسي إلى تأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المقدّر عددهم بنحو 45 مليون نسمة، ويحتاج أكثر من نصفهم إلى مساعدات في بلد كان أصلًا من الأكثر فقرًا في العالم، قبل النزاع الراهن.

وأودى النزاع بأكثر من 1800 شخص، حسب مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد). إلا أن الأعداد الفعلية للضحايا قد تكون أعلى بكثير، بحسب وكالات إغاثة ومنظمات دولية.

ووفق المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، تسبّب النزاع بنزوح حوالي مليوني شخص، بينهم أكثر من 476 ألفًا عبروا إلى دول مجاورة.

هدنة لـ24 ساعة

وجاء الإعلان عن الهدنة الجديدة في بيان مشترك سعودي-أميركي، أعرب فيه الطرفان اللذان يقودان منذ أسابيع وساطة بين المتحاربين، عن خيبة أملهما من فشل كل محاولات التهدئة.

وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان الجمعة، إن الرياض وواشنطن "تتشاركان مع الشعب السوداني حالة الإحباط من عدم الالتزام بالهدن السابقة، وعليه تم اقتراح هذه الهدنة لتيسير وصول المساعدات الإنسانية، وكسر حالة العنف والمساهمة في تعزيز تدابير بناء الثقة بين الطرفين مما يسمح باستئناف مباحثات جدة".

وأعلن الوسيطان الأسبوع الماضي تعليق المباحثات بعد قرار الجيش الانسحاب منها. لكنهما حضّا طرفي النزاع على إبرام اتفاق جديد، وأكدا بقاء ممثلَي الجانبين في جدة على رغم تعليق المفاوضات المباشرة.

وحذّرا من أنه "في حال عدم التزام الطرفين بهذه الهدنة، فسيضطر المسيّران إلى تأجيل محادثات جدة".

تجديد الثقة بالمبعوث الأممي

وتعاني الخرطوم التي كان يقطنها أكثر من خمسة ملايين نسمة قبل بدء المعارك، إضافة إلى مدن أخرى، من نقص في المواد الغذائية وانقطاع الكهرباء وتراجع الخدمات الأساسية.

وتأتي الهدنة غداة تجديد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ثقته بمبعوثه الألماني فولكر بيرتس، بعدما اعتبرته الحكومة السودانية شخصًا "غير مرغوب فيه".

وكانت الخارجية السودانية أكدت الخميس أن الحكومة أخطرت الأمين العام بإعلان بيرتس "شخصًا غير مرغوب فيه"، وذلك بعد امتناع المنظمة عن التجاوب مع طلب البرهان استبدال بيرتس إثر اتهامه بتأجيج النزاع.

ومدد مجلس الأمن الدولي مطلع يونيو/ حزيران لمدة ستة أشهر، مهمة "بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان" (يونيتامس)، وعلى رأسها بيرتس.

وكانت البعثة أنشئت في يونيو 2020 لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير. ومددت مهمتها بشكل سنوي لعام واحد.

وتكرر المنظمات الإنسانية التحذير من خطورة الوضع الإنساني في السودان، خصوصًا في الخرطوم وإقليم دارفور (غرب) حيث المعارك على أشدها.

ووفق ما تؤكد مصادر طبية، باتت ثلاثة أرباع المستشفيات في مناطق القتال خارج الخدمة. ويخشى أن تتفاقم الأزمة مع اقتراب موسم الأمطار الذي يهدد بانتشار الملاريا من جديد وانعدام الأمن الغذائي وسوء تغذية الأطفال.

وحذّر رئيس بعثة الصليب الأحمر المنتهية ولايته ألفونسو فردو بيريز من أن الوضع الصحي "قابل للانهيار في أي وقت" خصوصًا في الخرطوم وإقليم دارفور (غرب) الذي شهد نزاعًا داميًا على مدى عقدين.

ما الذي يميز  الهدنة الجديدة عن غيرها؟

وفي هذا الإطار، يستبعد أستاذ الدراسات الأمنية والإستراتيجية أسامة عيدروس، أن تكون الهدنة الجديدة مختلفة عن سابقاتها، موضحًا أن مثل هذه المفاوضات تكون حول ترتيبات أمنية.

ويضيف في حديث لـ"العربي" من استديوهات لوسيل، أن الترتيبات الأمنية تبدأ بكسر حدة العنف، وهذه العبارة وردت هذه المرة في بيان الميسرين الرياض وواشنطن، بحيث تبدأ المفاوضات بكسر حدة العنف، في هدنة محدودة يتم فيها تخفيف العدائيات بين الطرفين، وتسمح عادة بمرور المساعدات الإنسانية، ومراعاة حالات السكان.

ويشير إلى أن منبر جدة لن يصل إلى تحقيق سلام حقيقي على الأرض، بعد الاتفاق على هدنة لمدة 24 ساعة، بدون أي ضمانات، وإنما ببيان غاضب من المسيرين الولايات المتحدة والسعودية بأنهما سيجمدان منبر جدة للتفاوض إذا لم يلتزم الطرفان بالهدنة.

ويرى عيدروس أن الحديث عن المساعدات الإنسانية مجرد كلام دون عمل حقيقي، لأنه ليس هناك من طريقة لوصول المساعدات إلى الخرطوم مباشرة، بسبب تضرر المطار منذ بداية الصراع.

ويتابع أن هذه المفاوضات يمكن أن تصل إلى حلول إذا ناقشت القضايا الحقيقية لهذا الصراع، من خلال السؤال عن مصالح وهدف الدعم السريع من هذه الحرب، مشيرًا إلى أن هدف الجيش هو تحقيق وحدة الجيوش، وعدم تعددها ووحدة القيادة والسيطرة في الدولة.

المصادر:
العربي - أ ف ب

شارك القصة

تابع القراءة
Close