الثلاثاء 22 نيسان / أبريل 2025
Close

هلع تحت الأرض وموت فوقها.. ملاجئ سكان الفاشر السودانية محفورة بأيديهم

هلع تحت الأرض وموت فوقها.. ملاجئ سكان الفاشر السودانية محفورة بأيديهم

شارك القصة

ملجأ في السودان
تتعرض الفاشر من حين لآخر لقصف قوات الدعم السريع التي تسعى للسيطرة على المدينة لتكمل سيطرتها على ولاية دارفور - غيتي
الخط
قصفٌ يحصد أرواح مدنيين من حين لآخر جعل حياة أهالي الفاشر في الملاجئ تحت الأرض أكثر أمنا من على سطحها، على الرغم من الهلع المستمر والجوع لذي يعانونه.

تحتضن السيدة نفيسة مالك أطفالها الخمسة في حفرة ضيقة لحمايتهم من القذائف التي تسقطها قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر المحاصرة في إقليم دارفور غربي السودان.

وبجوار منزلها حُفر مدخل الملجأ الصغير، ودُعِّم بقطع من الخشب والحديد، في حين تحيط أكياس الرمل بمدخله للحماية من شظايا القذائف.

ولحماية أنفسهم من المدفعية والطائرات المسيّرة، اضطر آلاف السكان إلى حفر ملاجئ على عجل تحت المنازل والمحلات التجارية وحتى المستشفيات.

وفي حي أولاد الريف، اعتقد محمد إبراهيم (54 عامًا) أثناء بداية حصار الفاشر في مايو/ أيار 2024 أن الاختباء تحت الأسرّة سيكون كافيًا، ويقول: "لكن بعض المنازل لم تسلم وفقدنا جيرانًا كما أن الأصوات تجعل الأطفال في حالة هلع".

ووفق ما قاله لوكالة فرانس برس فقد حفر محمد ملجأً في حديقته من أجل حماية عائلته.

مستشفيات تحت الأرض

وتمكن مختبر جامعة ييل الأميركية من رصد "أضرار مركزة" في مدينة الفاشر بسبب القصف والحرائق والغارات الجوية، مستخدمًا في ذلك بيانات الأقمار الاصطناعية في تتبع النزاع السوداني.

وأصبحت أسواق المدينة المحاصرة شبه مهجورة، في حين بدأت الأسر بتقنين الطعام، ونقلت المستشفيات عملياتها إلى تحت الأرض.

وفي المستشفى السعودي، أحد آخر المرافق الطبية العاملة في المدينة، حفر الموظفون ملجأً في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وعندما بدأ القصف، نقل الجراحون المرضى على وجه السرعة إلى الملجأ الذي يهتز في كل انفجار مع المعدات.

وقال طبيب لوكالة فرانس برس طالبًا عدم كشف هويته: "نستخدمه وسط القصف كغرفة عمليات نضيئها من هواتفنا".

وفي وقت باتت فيه المدينة على شفا مجاعة، يعاني المدنيون من الجوع وانعدام السبل لتوفير الغذاء.

ويقول التاجر أحمد سليمان لوكالة فرانس برس: "أصبح نقل البضائع شبه مستحيل. حتى لو خاطرت، ستضطر لدفع رشاوى عند نقاط التفتيش، ما يرفع الأسعار، بينما يفتقر معظم المدنيين إلى الموارد".

وفي شمال دارفور، يواجه نحو مليوني شخص انعدامًا شديدًا للأمن الغذائي، ويعاني 320 ألف شخص بالفعل من المجاعة، وفق تقديرات الأمم المتحدة.

وأعلنت الأمم المتحدة المجاعة في 3 مخيمات للنازحين حول مدينة الفاشر، ومن المتوقع أن تنتشر إلى خمس مناطق أخرى من بينها الفاشر بحلول مايو/ أيار المقبل.

حاضنة شعبية حول الجيش

وبالنسبة للجيش السوداني، يعدّ دعم السكان المحليين أمرًا حاسمًا في الفاشر، وخصوصًا من قبائل الزغاوة الفاعلة في التجارة والسياسة الإقليمية والتي عانت من العنف العرقي على أيدي قوات الدعم السريع.

وقدمت شخصيات من قبيلة الزغاوة، من بينها حاكم دارفور مني مناوي ووزير المالية جبريل إبراهيم، دعمها للدفاع عن المدينة بعد أن ظلت على الحياد في بداية الحرب.

وتشكل مجموعات مناوي وإبراهيم المسلحة الجزء الأكبر من "القوات المشتركة" المتحالفة مع الجيش.

وتقول المحللة السياسية السودانية خلود خير لوكالة فرانس برس: "بالنسبة للزغاوة، يُمثل سقوط الفاشر تهديدًا وجوديًا. يخشون أن تنتقم قوات الدعم السريع منهم لتخليهم عن حيادهم في حال سيطرت على المدينة".

لكن الجيش وحلفاءه يواجهون معضلة أنه أمام خيارين، وهما: إما الاحتفاظ بالمدينة بتكلفة عالية وإما التنازل عن معقل استراتيجي.

وترى خلود خير أن هذا "وضع معقّد. السيطرة على الفاشر تستنزف الموارد، لكن خسارتها ستكون كارثية".

وتعد عاصمة ولاية شمال دارفور، منطقة محصّنة يسيطر عليها الجيش السوداني، وهي المدينة الكبرى الوحيدة في إقليم دارفور التي لا تزال خارج سيطرة قوات الدعم السريع.

وكانت الفاشر عاصمة سلطنة الفور التي تأسست في القرن الثامن عشر، وتعني "مجلس السلطان" في اللهجة العربية السودانية.

وأصبح لها أهمية استراتيجية اليوم، فقوات الدعم السريع تسعى للسيطرة عليها لتستكمل بذلك سيطرتها على كامل دارفور، لتصبح حينها في موقع قوة في مواجهة الجيش الذي يسيطر على شرق وشمال السودان.

تابع القراءة

المصادر

أ ف ب
تغطية خاصة