أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع مرسومَيْن يقضيان بتشكيل هيئتين وطنيتين إحداهما للعدالة الانتقالية والأخرى للمفقودين.
وجاء المرسومان الرئاسيان بعد مناشدات شعبية ودعوات من منظمات حقوقية لتطبيق مبدأ العدالة الانتقالية ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات خلال حكم نظام الأسد.
وينص المرسوم الرئاسي رقم 19 على تشكيل هيئة مستقلة تحمل اسم "الهيئة الوطنية للمفقودين"، تتمتع بشخصية اعتبارية، واستقلال إداري ومالي، وممارسة عملها في جميع أنحاء البلاد.
أما المرسوم رقم 20 فينص على تشكيل هيئة مستقلة تحمل اسم "الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية"، تتمتع بشخصية اعتبارية واستقلال إداري ومالي، وتمارس عملها في جميع أنحاء البلاد.
"خطوة في الاتجاه الصحيح"
ويعتقد أستاذ العلوم السياسية في جامعة دمشق جمعة السهو، أن هناك ضمانات عدة يجب أن تتمتع بها هيئة العدالة الانتقالية، تكمن في انتقاء من يمثل هذه الهيئة، وأن تتكون من أشخاص ذوي خبرة ونزاهة ويشهد لهم بالكفاءة، وتوفير ضمانات تتعلق بحماية الشهود عند تقديم المتهمين للمحاكمة.
ويتابع السهو في حديثه إلى التلفزيون العربي من دمشق، أنه يجب توفير ضمانات لإجراء محاكمات عادلة للمتهمين، مؤكدًا أن هذه استحقاقات كبيرة يجب على الدولة توفيرها من أجل ضمان نجاح عمل هذه الهيئة.
ويؤكد أن تشكيل الهيئة خطوة في الاتجاه الصحيح، إلا أنها يجب أن تستكمل بإجراءات كثيرة، منها: تشكيل لجان للسلم الأهلي، "من أجل سبر الأسس التي ستقوم عليها العدالة الانتقالية، وتحديد أي التجارب التي تتبعها والقوانين التي ستطبقها".
ويوضح أن الرئاسة والحكومة السورية كانت تتعرض لضغوط شعبية هائلة قد تكون هي ما دفعها إلى استصدار هذا المرسوم في هذا الوقت.
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية أنه سوف يتم انتقاء قضاة في نهاية هذا المسار يشهد لهم بالنزاهة والكفاءة من أجل القيام بالتحقيقات والمحاكمات في مجال العدالة الانتقالية، مشددًا على ضرورة التمييز بين تهيئة الأرضية من أجل تشكيل هيئة العدالة الانتقالية وبين بدء الممارسات والمحاكمات.
"اتخاذ مثل هذا القرار كان ينبغي أن يأخذ بعض الوقت"
من ناحيته، يرى رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني أن الانتقال إلى مرحلة جديدة يستوجب وضع أسس للعدالة والسلم الأهلي، وأن تكون هناك معايير للعدالة الانتقالية وأن يراعي تشكيل الهيئة المبادئ الأساسية القانونية.
ويذكر أن التجارب أثبتت أن "الهيئات التي تشكل عبر مراسيم لا تتمتع بشمولية كاملة"، مردفًا: "كان يجب أن تشكل الهيئة عن طريق مجلس تشريعي، وهو ما لم يشكل بعد".
ويتابع في حديثه إلى التلفزيون العربي من الدوحة، أن الرئاسة استعجلت في تشكيل الهيئة، بينما كانت تقوم ببعض الخطوات التي تصب في إطار العدالة الانتقالية قبل تشكيلها، مثل ملاحقة كبار المجرمين وعمليات إصلاح القضاء والمؤسسات، على حد قوله.
ويلفت إلى أن المرسوم نص على استقلالية الهيئة، بينما تم تعيين رئيسها بمرسوم رئاسي، ولا نعرف حتى الآلية التي اتبعت لترشيح رئيس الهيئة.
ويجزم عبد الغني أن اتخاذ مثل هذا القرار كان ينبغي أن يأخذ بعض الوقت، وأن تسبقه مشاورات وإشراك للخبرات ومؤسسات المجتمع المدني.