دخلت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ وقت طويل ميدان الإبادة الجماعية، لا يضبطها خط أحمر، ولا يقابلها فعل يردّ الجريمة التي تلوح بزيادة وتيرتها.
وفي هذا الإطار، قال رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي إيال زامير، إنّ الجيش مستعد لتوجيه ضربة قاضية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، مشيرًا إلى استعداد تل أبيب لزيادة وتيرة العمليات وشدّتها إذا تطلّب الأمر.
وفي الوقت الذي تنفّذ فيه إسرائيل مشاريع عسكرية تُحاكي اجتياحًا بريًا لجغرافيا تُشبه لبنان، تستمرّ طائراتها ومسيراتها بتنفيذ اغتيالات في لبنان لشخصيات مختلفة.
يأتي هذا بعد أيام من استهداف إسرائيلي للضاحية الجنوبية في قلب بيروت، مع تحميل دائم للحكومة اللبنانية مسؤولية التصعيد الذي يحدث.
ولا تغفل إسرائيل عن سوريا، فتلوّح تل أبيب بالاستعداد لحماية الدروز، على وقع أوضاع أمنية متردّية في جرمانا وصحنايا في ريف دمشق.
وحذّر وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس، من أنّ تل أبيب ستردّ بقوة إذا فشلت الحكومة السورية في حماية الأقلية الدرزية.
وقال كاتس في بيان: "إذا استؤنفت الهجمات على الدروز وفشل النظام السوري في منعها، فستردّ إسرائيل بقدر كبير من القوة".
وفي ظل اهتزاز الثقة بين المكوّنات السورية، يُطالب حكمت الهجري أحد الزعامات الدينية الدرزية في سوريا، بـ "الحماية الدولية"، بينما تُحذّر دمشق من نتائج الدعوات إلى التدخّل الخارجي على وحدة البلاد.
سعي لهيمنة كاملة على الإقليم
وفي هذا الإطار، أوضح إمطانس شحادة الباحث في مركز مدى الكرمل، أنّ إسرائيل تستغلّ الأوضاع الحالية في الإقليم بدعم أميركي، من أجل إعادة ترتيب الأوراق في المنطقة بحيث ترضخ الدول سياسيًا وبشكل كامل لها.
وقال شحادة في حديث إلى "التلفزيون العربي" من حيفا، إنّ تل أبيب تُريد فرض هيمنتها كاملًا على المنطقة أي أن يتحوّل الشرق الأوسط أو على الأقل الدول المُحيطة بها، إلى منطقة نفوذ إسرائيلية، بمعنى أن لا يكون هناك أي تحرك بخلاف مصالح إسرائيل أو قد يُشكّل خطرًا في المستقبل.
وأوضح أنّ مصالح إسرائيل في المنطقة متعدّدة، منها الاقتصادية والإستراتيجية، والمائية.
وأكد أن إسرائيل تسعى لإنهاء القضية الفلسطينية بشكل كامل، وقبول وجود تل أبيب في المنطقة بشكل طبيعي، مشيرًا إلى أنّها تعمل على ضمّ الضفة وغزة، مع ترتيبات عسكرية وسياسية وهيمنة على غرار إقامة مناطق عازلة في جنوب لبنان وسوريا.
إسرائيل تستثمر بالفراغ الأمني في سوريا
بدوره، اعتبر عمر إدلبي الباحث في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، أنّ إسرائيل تعتبر أنّ هناك فراغًا أمنيًا واسعًا وهشاشة سياسية في الداخل السوري بعد سقوط نظام الأسد، وعدم الوصول إلى مرحلة بناء الدولة السورية الجديدة.
وقال إدلبي في حديث إلى "التلفزيون العربي" من دمشق، إنّ تل أبيب تعمل على المحورين الأمني والعسكري في إستراتيجيتها تجاه سوريا، موضحًا أنّ المحور الأمني أنجزته على نطاق واسع من خلال تدمير القدرات العسكرية للجيش السوري ومعظم تحصيناته ومنشآته التي كان بالإمكان ترميمها وإعادة تأسيسها.
أما في المسار العسكري، فرأى أنّ الاحتلال الإسرائيلي يستثمر في الصراعات الداخلية والتأثير السياسي فيها، من خلال التواصل بشكل مباشر أو غير مباشر مع قيادات محلية.
ورغم ذلك، أوضح أن هناك رفضًا واسعًا من أطياف سورية عديدة لهذا التواصل أو التدخّل الإسرائيلي في الشؤون السورية.
ورأى إدلبي أن إسرائيل تُدرك أن المواجهة العسكرية مع سوريا قادمة لا محالة، لأسباب موضوعية أبرزها احتلال الأراضي السورية ناهيك عن أنّ وجودها على الحدود السورية شاذ لا يُمكن أن يقبل به الشعب السوري.
إسرائيل تريد استباحة كل الشرق الأوسط
من جهته، شرح رضوان عقيل الكاتب والباحث السياسي اللبناني، أنّ إسرائيل تريد استباحة كل الأراضي في الشرق الأوسط وليس فقط في الضفة وغزة ولبنان وسوريا.
وقال عقيل في حديث إلى "التلفزيون العربي" من بيروت، إنّ تل أبيب تسعى إلى القضاء على المقاومة في لبنان واستباحة الفضاء اللبناني ككل تحت ذريعة "الدفاع عن النفس".
وأوضح أنّ لبنان يعتمد حاليًا الدبلوماسية في تعامله مع الاحتلال الإسرائيلي، بينما تسعى تل أبيب إلى فرض واقع جديد في لبنان لا يتمثّل فقط بالقضاء على قدرات "حزب الله" بل بالوصول إلى تطبيع للعلاقات.