الأحد 14 أبريل / أبريل 2024

واشنطن تحض تونس على تعزيز الديمقراطية.. تصعيد بين سعيّد واتحاد الشغل

واشنطن تحض تونس على تعزيز الديمقراطية.. تصعيد بين سعيّد واتحاد الشغل

Changed

نافذة إخبارية لـ"العربي" تناقش التصعيد الحاصل بين الرئيس التونسي واتحاد الشغل (الصورة: الرئاسة التونسية)
اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن الإقبال المنخفض للناخبين يعكس الحاجة الماسة للحكومة للانخراط في مسار جامع أكثر للمضي قدمًا.

دعت الإدارة الأميركية، أمس الاربعاء، تونس إلى تعزيز المشاركة الديمقراطية بعد مشاركة 11,4% فقط من الناخبين في الدورة الثانية من انتخابات مجلس النواب محدود الصلاحيات.

ورأى المتحدث باسم وزارة الخارجية فيدانت باتيل، في حديث للصحافيين، أن الإقبال المنخفض للناخبين على المشاركة في الانتخابات "يعكس الحاجة الماسّة للحكومة للانخراط في مسار جامع أكثر للمضي قدمًا".

لكنه، في الوقت نفسه، قال إنّ الانتخابات تمثّل "خطوة أخرى في مسار مهم، وأساسي لإعادة الضوابط والتوازنات الديمقراطية في البلاد".

وشهدت الدورة الثانية من التصويت التي أجريت الأحد، أدنى نسبة مشاركة منذ ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي.

وفي يوليو/ تموز 2021، جمّد الرئيس التونسي قيس سعيّد أعمال البرلمان، وأقال الحكومة، وانفرد بسلطات واسعة، في خطوة عارضتها غالبية القوى السياسية بوصفها "انقلابًا"، ولو رحّب بها في البداية بعض التونسيين الذين سئموا الأحزاب السياسية التي اعتبروها "فاسدة وغير فعّالة".

ودافع سعيّد عن انتخابات البرلمان الجديد، واصفًا الإقبال المنخفض بأنه "مؤشر على تراجع ثقة التونسيين في المؤسسة التشريعية".

تمديد حالة الطوارئ

والثلاثاء، قرّر الرئيس التونسي تمديد حالة الطوارئ في البلاد حتى نهاية العام الحالي 2023.

وفي عددها الصادر الثلاثاء نشرت الجريدة الرسمية (الرائد الرسمي) أمرًا رئاسيًا جاء فيه: "تمدد حالة الطوارئ في كامل تراب الجمهورية التونسية ابتداء من 31 يناير/ كانون الثاني 2023 إلى غاية 31 ديسمبر/ كانون الأول 2023".

وتمنح حالة الطوارئ وزارة الداخلية صلاحيات استثنائية، بينها: منع الاجتماعات، وحظر التجوال، وتفتيش المحلات، ومراقبة الصحافة والمنشورات والبث الإذاعي، والعروض السينمائية والمسرحية.

وتُطبّق هذه الصلاحيات من دون وجوب الحصول على إذن مسبق من القضاء، مما يثير انتقادات محلية ودولية متزايدة.

وقال الرئيس قيس سعيّد، خلال زيارة الثلاثاء إلى مقر ثكنة الحرس الوطني بالعوينة بالعاصمة تونس، إن "الحق النقابي مضمون بالدستور، لكن لا يمكن أن يتحول إلى غطاء لمآرب سياسيّة لم تعد تخفى على أحد".

وأضاف سعيد أنّ "من يتولّى قطع الطرق أو التهديد بذلك، لا يمكن أن يبقى خارج دائرة المساءلة".

وأمس الأربعاء، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية)، باعتقال الكاتب العام لنقابة شركة "تونس للطرق السيارة" أنيس الكعبي.

واعتقلت الشرطة التونسية الكعبي بسبب إضراب في محطات تحصيل الرسوم على الطرق السريعة، حسبما أفاد مسؤولون نقابيون الأربعاء، في إشارة تزيد احتمالات المواجهة المباشرة بين الرئيس التونسي واتحاد الشغل.

من جهته، اعتبر اتحاد الشغل أن الاعتقال "يمثّل ضرًبا للعمل النقابي، وانتهاكًا للحقوق النقابية، وخرقًا للاتفاقيات الدولية المصادق عليها من قبل الدولة التونسية، ولما ورد في دستور الجمهورية التونسية من فصول تنصّ على احترام الحريات النقابية وحق الإضراب".

"عنصر رئيسي في العملية السياسية"

وفي هذا الإطار، يرى الصحافي في جريدة "الشعب" التابعة لاتحاد الشغل طارق السعيدي، أن ما جاء في خطاب سعيّد عن أن الحق الدستوري لا يمكن أن يتحول إلى مآرب سياسية، "غير دقيق على اعتبار أن الدور السياسي لاتحاد الشغل عبر كامل تاريخه كان دورًا سياسيًا".

ويعتبر السعيدي، في حديث إلى "العربي"، من تونس، أن المقصود من خطاب سعيّد "ربما أهداف وغايات حزبية"، لكنه أشار إلى أنّ الاتحاد لا يخدم أي مصلحة لأي حزب.

ويؤكد أن الاتحاد منذ تأسيس الدولة الوطنية حتى 2014، كان عنصرًا فاعلاً ورئيسيًا في العملية السياسية برمتها، بالإضافة إلى العملية التنموية بشكل شامل.

ويشير إلى أنّ "إنكار هذا الدور لا يستقيم، لأن الاتحاد لم يلعب دورًا حزبيًا خلال مسيرته، لكنه دائمًا ما يلعب دورًا سياسيًا، على اعتبار أنه لا يضع لنفسه مربعًا مطلبيًا بحتًا، بل يعالج السياسات منذ انطلاقه".

ويتابع السعيدي أن القائمين على السلطة اليوم وجزءًا كبيرًا من المجتمع التونسي، يعيش تحت الإرهاب الإعلامي الذي شوّه الحياة السياسية، وهو الآن يتجه لاتهام العمل النقابي، مما أدى إلى مشكلات ووضع الجميع تحت الضغط.

ويعتبر أن "الخطاب الذي تقوم به المنابر الإعلامية التونسية، هو خطاب متشنج، وبعضهم يتحمل مسؤولية في الضغط على جميع الفاعلين"، لافتًا إلى أن جزءًا كبيرًا من الإعلام لديه أجندة لا تخدم مصالح البلاد.

"التصعيد لا يخدم مصلحة البلاد"

من جهته، يرى عضو المكتب السياسي لـ"حركة الشعب" محمد المسيليني أن التصعيد الحاصل بين سعيّد و"اتحاد الشغل" لا يخدم مصلحة البلاد، وأن على الجميع التزام الهدوء في الخطاب بما في ذلك الرئيس، مشيرًا إلى أن حالة البلاد المتشنّجة لا تخدم تونس.

ويعرب المسيليني، في حديث إلى "العربي" من العاصمة تونس، عن اعتقاده بأن المستفيد الوحيد من التصعيد هي "حالة الفوضى التي يمكن أن تحصل".

ويعتبر أن الرئيس "لا يستطيع أن يقطع شعرة معاوية مع الاتحاد والمنظمات"، ويتمنى أن يكون المقصود بخطاب سعيّد التجاوزات التي قد تحصل، لأن دستور وتجارب وتاريخ تونس يضمن حق العمل النقابي وحق الإضراب، ولكن لا يضمن أن تتحوّل هذه المسائل إلى فوضى يمكن أن تعيق حياة الناس.

ويرى المسيليني أن أي دعوة إلى ضبط الأمور وتدخل مؤسسات الدولة من أجل الحفاظ على الأمن العام "مسألة مقبولة" في ظل القانون واحترام الحقوق والحريات، معربًا عن اعتقاده أن خطاب الرئيس لا يشمل "اتحاد الشغل".

إلا أنه أشار، في الوقت نفسه، إلى أن خطاب الرئيس "غير مجدٍ، ويشنّج الأمور"، مشددًا على أن المطلوب من سعيّد ومختلف الأطراف التي تريد أن تحافظ على استقلال البلاد، أن تتبع خطابًا أقل تشجنًا واتهامًا.

المصادر:
العربي - وكالات

شارك القصة

تابع القراءة
Close