الأربعاء 17 أبريل / أبريل 2024

واشنطن لا تخير أحدًا بينها وبين بكين.. ما دلالات زيارة بلينكن إلى الرياض؟

واشنطن لا تخير أحدًا بينها وبين بكين.. ما دلالات زيارة بلينكن إلى الرياض؟

Changed

فقرة ضمن "الأخيرة" تسلط الضوء على دلالات زيارة أنتوني بلينكن إلى الرياض (الصورة: غيتي)
أكد بلينكن أن بلاده لا تطلب من أحد الاختيار بين الولايات المتحدة والصين، مضيفًا أنها تحاول ببساطة إظهار فوائد شراكتها والأجندة المتوافق عليها التي تقدمها.

شدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس الخميس، من الرياض على أن واشنطن لا تخير أحدًا بينها وبين وبكين، ساعيًا إلى إظهار جبهة موحدة مع السعودية، حليف بلاده الإستراتيجي، رغم الخلافات بينهما.

وبرز دور بكين، خصم واشنطن، في الشرق الأوسط في مارس/ آذار الماضي، عندما رعت اتفاقًا مفاجئًا بين الرياض وطهران، خصمها اللدود، على استئناف العلاقات بين أبرز قوتين إقليميتين في الخليج، بعد سبع سنوات من القطيعة.

وفي ختام زيارة للسعودية استمرت 3 أيام، وهدفت إلى تعزيز العلاقات مع المملكة النفطية الثرية، أكد بلينكن في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السعودي، "أننا لا نطلب من أحد الاختيار بين الولايات المتحدة والصين" مضيفًا: "نحاول ببساطة إظهار فوائد شراكتنا والأجندة المتوافق عليها التي نقدمها".

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في الرياض
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في الرياض - وسائل التواصل

من جانبه، قلل وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان من أهمية التحليلات التي تفيد بأن بلاده تتقرّب من بكين على حساب العلاقة مع واشنطن. وقال: "لا تزال لدينا شراكة أمنية قوية مع الولايات المتحدة يتم تجديدها بشكل يومي تقريبًا"، رغم ترجيحه تنامي التعاون مع الصين.

ومؤخرًا، توترت العلاقات الأميركية السعودية بسبب رفض أكبر مصدر للنفط في العالم المساهمة في تخفيف ارتفاع أسعار الطاقة بعد الهجوم الروسي لأوكرانيا.

وأضاف الوزير السعودي: "نحن جميعًا قادرون على إقامة شراكات والتزامات متعددة".

تشكيك أميركي بشأن الأسد

وحاول بلينكن التخفيف من حدة نقاط خلافية أخرى خصوصًا بشأن النظام السوري، بعد إعادته إلى جامعة الدول العربية مؤخرًا، وتطبيع الرياض العلاقات مع دمشق.

وأكد بلينكن أن بلاده لا تؤيد إعادة سوريا إلى محيطها العربي، لكنها توافق على الأهداف المتمثلة بالعمل على آلية سلام والتصدي لظهور تنظيم "الدولة" من جديد، والسماح بالوصول إلى المساعدات الإنسانية ومواجهة تهريب المخدرات.

وقال: "يجب أن أعترف بأننا نشك في استعداد (رئيس النظام السوري بشار) الأسد لاتخاذ الخطوات اللازمة، لكننا نتفق مع شركائنا هنا حول ماهية هذه الخطوات، وعلى الأهداف النهائية".

ودافع بن فرحان عن دعوة الأسد إلى القمة العربية التي انعقدت الشهر الماضي في جدة، فقال: إن "الوضع الذي كان قائمًا لم يكن مجديًا، إنما كان يخلق عبئًا متزايدًا على دول المنطقة وعلى الشعب السوري".

ووضعت الدول العربية مسائل أساسية على طاولة النقاشات مع دمشق بينها أزمة اللجوء السوري خصوصًا في دول الجوار، ومكافحة تهريب المخدرات التي تُعد أحد أكبر مصادر القلق بالنسبة لدول خليجية وخصوصًا السعودية التي باتت سوقًا رئيسية لحبوب الكبتاغون المصنّعة بشكل رئيسي في سوريا.

واعتبر بن فرحان أن هذه المسائل تتطلب "حوارًا مع دمشق"، مضيفًا: "نعتقد أن هذا المسار يمكن أن يحقق نتائج، لم تحققها مسارات أخرى".

الوضع في السودان

وفي ما يخص السودان، أقر بن فرحان بأن المساعي السعودية الأميركية لوضع حدّ للنزاع لم تحقق "نجاحًا كاملًا" لأن الطرفين المتحاربين لم يلتزما، لكنه أكد أن التعاون مع الولايات المتحدة مستمر مع احتمال التوصل إلى "هدنة أخرى".

وكرر الوزير السعودي موقف بلاده الرافض للتطبيع مع إسرائيل بدون إيجاد حل للقضية الفلسطينية.

وتأمل الولايات المتحدة أيضًا أن تطبّع السعودية العلاقات مع إسرائيل، التي سبق أن طبّعت دول عربية عدة بينها الإمارات والبحرين علاقاتها معها عام 2020، بموجب اتفاقات رعتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.

وفي ملف حقوق الإنسان الذي يشكل نقطة خلاف أخرى بين واشنطن والرياض، رفض بن فرحان خضوع المملكة لأي "ضغط".

وبعيد وصوله الثلاثاء إلى جدة، أجرى بلينكن مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان "محادثة مفتوحة وصريحة" وأثار معه قضية حقوق الإنسان، وفق مسؤول أميركي طلب عدم الكشف عن اسمه.

300 مليون دولار

وجاءت تصريحات الوزيرين في ختام اجتماع وزاري للتحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة"، سعيا خلاله أيضًا إلى إظهار موقف موحد في ما يخص مكافحة الجهاديين.

وكان هدف الاجتماع جمع 601 مليون دولار لتمويل صندوق مخصص لإرساء الاستقرار في العراق وسوريا. وقد تم جمع 300 مليون دولار حتى الآن، وفق ما جاء في بيان مشترك.

وتعهدت الولايات المتحدة بتخصيص 148 مليون دولار لهذا الصندوق.

من جانبها، أعلنت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا أمام أعضاء التحالف الذي يضم 86 دولة، أن بلادها ستقدّم هذا العام نحو 93 مليون دولار لدعم الأعمال الإنسانية والاستقرار في العراق وسوريا.

كذلك، أعلنت بريطانيا العضو في التحالف الذي تأسس عام 2014 لمكافحة التنظيم، أنها ستقدم نحو 109 ملايين دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة، وفق بيان لوزارة الخارجية. ويترافق ذلك مع تخصيص 19,9 مليون دولار في العامين المقبلين، "للحاجات الإنسانية الملحّة" في سوريا.

ومنذ إعلان القضاء على "الخلافة" عام 2019، انكفأ التنظيم إلى مناطق ريفية ونائية. ورغم ذلك، لا يزال عناصره قادرين على شنّ هجمات دامية.

وفي مستهل الاجتماع، دعت واشنطن والرياض الدول الغربية إلى استعادة مواطنيها الذين قاتلوا في صفوف تنظيم "الدولة" وأفراد عائلاتهم المحتجزين في هذين البلدين.

واعتبر بن فرحان أنه "لأمر مخيب للآمال وغير مقبول إطلاقًا" أن بعض الدول الغنية والمتطوّرة لم تستعد مواطنيها بعد.

ويُحتجز عشرات آلاف الأشخاص بينهم أفراد عائلات جهاديين من أكثر من 60 جنسية، في مخيمي الهول وروج في شمال شرق سوريا اللذين يديرهما الأكراد، وفي سجون عراقية.

ولم تستعد غالبية الدول مواطنيها. وقد تسلمت دول قليلة عددًا كبيرًا من مواطنيها فيما اكتفت أخرى، خصوصاً الأوروبية، باستعادة عدد محدود من النساء والأطفال.

وقال بلينكن: إن "الإخفاق في استعادة المقاتلين الأجانب قد يؤدي بهم إلى حمل السلاح مرة جديدة".

ويأتي اجتماع التحالف غداة تأكيد بلينكن لكبار دبلوماسيي مجلس التعاون الخليجي أن واشنطن لا تزال "منخرطة بعمق" في الشراكات معهم.

دلالات الزيارات الأميركية للرياض

وفي هذا الإطار، يوضح مدير مركز دراسات الخليج في جامعة قطر محجوب الزويري، أن 3 مسؤولين أميركيين كانوا قد زاروا السعودية منذ مارس الماضي، والتي كان آخره زيارة بلينكن، مشيرًا إلى أن هذه الزيارات تأتي في ثلاثة سياقات مهمة، وهي إعلان عودة العلاقات الإيرانية السعودية، وخفض أسعار النفط بالتعاون مع روسيا، وعودة سوريا إلى الجامعة العربية.

ويضيف في حديث لـ"العربي" من استديوهات لوسيل، أن هذه القضايا أثارت قلق واشنطن، لذلك هي جاءت إلى الرياض لتحاول تفهم ما يجري، لافتًا إلى أن المؤتمر الصحافي لم يتعرض إلى هذه القضايا الثلاث على الإطلاق رغم أهميتها، وتعرض إلى تنظيم الدولة على الرغم من أنه وفق التقييمات الأمنية هو الأقل نشاطًا في هذه الأيام.

وبشأن الحديث عن تنظيم الدولة في المؤتمر، يرى الزويري أن التطرق لهذا الملف يهدف إلى إعادتنا إلى مربع التخويف وجعل الشركاء في وضع بأن هناك تهديًدا خلف الأبواب، وعليكم أن تذهبوا إلى واشنطن فهي لديها الحل، حسب قوله.

ويشير إلى أن السعودية غير معنية اليوم بالقراءة الأميركية، لا سياسيًا ولا اقتصاديًا، وكل السرديات الأميركية بالنسبة للرياض لم تعد مقبولة، مضيفًا أن المملكة تريد سردية بديلة من واشنطن، تعتمد على مبدأين أساسيين، أولًا أن السعودية قد تغيرت ويجب أن تتغير واشنطن نحوها، وثانيًا يجب أن تقبل واشنطن بالرؤية السعودية وبكلامها.

ويعرب الزويري عن اعتقاده بأن السعودية تسير في مسار واضح، وهو تصفير أزماتها الإقليمية باعتبار أن هذا التصفير سيقودها إلى التنمية الاقتصادية التي تريدها.

ويردف أن اللافت للأنظار هو حديث السعودية عن فلسطين الذي كان متراجعًا قليلًا في السياسة الخارجية السعودية، مشيرًا إلى أنه يعود اليوم بخطاب قوي وواضح تمامًا للعودة إلى إعلان بيروت عام 2002.

ويوضح الزويري أن الفرق الكبير في الإستراتيجية السعودية هذه الفترة أنها تتحدث عن أنها سياسة معتمدة على حسابات السوق، وليست بدوافع أو بحوافز سياسية، وهذا خطاب جديد، مبينًا أنها تقول لواشنطن إن هذا ليس له علاقة بعلاقتي بك، بل إن هناك حسابات في السوق، وهناك قضايا تتعلق بالسعر، ونحن يجب أن نلتزم بهذا، ويجب عليكم أن تحترموا هذه القواعد، وأنها ليست مرتبطة بنا، بل مرتبطة أيضًا بحلفاء آخرين.

المصادر:
العربي - أ ف ب

شارك القصة

تابع القراءة
Close