أكد وزير الدفاع السوري اللواء المهندس مرهف أبو قصرة في حوار خاص مع التلفزيون العربي، أن الفصائل المسلحة في سوريا ستنخرط في الجيش السوري تحت مظلة وزارة الدفاع.
ومنذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، تعمل الإدارة السورية الجديدة على إعادة هيكلة مؤسسات الدولة، وفي طليعتها القوات المسلحة.
وفي حديثه للتلفزيون العربي، شدد أبو قصرة على ضرورة دخول المكوّن الكردي وكل الفصائل الأخرى في الجيش السوري بشكل مؤسساتي، مشيرًا إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه الضباط المنشقون في بناء الجيش السوري الجديد.
وكشف الوزير أن مكافحة تنظيم الدولة لا تزال أولوية لدى الإدارة السورية، لافتًا إلى أن جزءًا من المفاوضات مع قوات سوريا الديمقراطية يشمل استلام السجون التي تحتجز عناصر التنظيم.
إلى ذلك، أكد وزير الدفاع السوري أن إلغاء التجنيد الإلزامي جاء لإعادة بناء الثقة بين الجيش والشعب، مشددًا على أن سوريا لن تشكل خطرًا أو مصدر تهديد لأي أحد.
وأضاف الوزير أبو قصرة أن مراكز التسوية لعناصر من نظام الأسد لا تلغي عملية المحاسبة القانونية اللاحقة، بل هي تثبيت للوضع القائم بهدف ضمان عدم انتشار الفوضى.
التوحيد العسكري تحت المظلة المؤسساتية
في حديثه للتلفزيون العربي، قال أبو قصرة: استطعنا تحقيق استقرار نسبي بعد سقوط النظام السابق، وهو ما وصفه بـ"الإنجاز الكبير"، لافتًا إلى تحسّن الأمن في البلاد يومًا بعد يوم.
وأشار وزير الدفاع السوري إلى أولوية نقل حالة الفصائل أو الوحدات العسكرية في كل التراب السوري باتجاه وزارة الدفاع. وأكد أن الفصائل المسلحة لم يطرح عليها تسليم سلاحها، بل الانخراط في وزارة الدفاع السورية.
وفيما لفت إلى أن هذا الانخراط سيتم وفق آلية مؤسساتية وقانونية، أشار إلى تجاوب الفصائل.
وشدد الوزير أبو قصرة على ضرورة أن ينخرط المكوّن الكردي وجميع الفصائل الأخرى في الجيش السوري تحت المظلة المؤسساتية، وليس كجسم مستقل.
وأكد أنّ المفاوضات لا تزال قائمة مع قوات سوريا الديمقراطية، وتتولاها الرئاسة، نافيًا وجود توجيه من الرئاسة حتى الآن باستخدام ورقة القوة العسكرية لمعالجة هذا الملف. وجزم أنّ حلّ هذا الملف سيكون عند الإدارة السورية الجديدة حصرًا.
وبشأن الضباط المنشقين، أعرب عن رغبة في تفعيل دورهم في الجيش السوري بطريقة قانونية، شارحًا أنه سيكون لهم دور أساسي في إعادة بناء القوات المسلحة.
وفيما يتعلق بالمقاتلين الأجانب الذين تمّت ترقيتهم، أوضح وزير الدفاع أنّ أعداد هؤلاء قليلة، وقد قدموا تضحيات وساهموا في إسقاط النظام السابق، مشيرًا إلى أنهم على درجة عالية من الوعي والالتزام بالسياسة العامة للإدارة الجديدة.
إعادة بناء الثقة بالقوات المسلحة
إلى ذلك، أوضح الوزير مرهف أبو قصرة أن إلغاء التجنيد الإلزامي كان سببه نفور السوريين من الجيش نظرًا للجرائم التي ارتكبها في ظلّ النظام السابق.
وأشار في لقائه مع التلفزيون العربي، إلى ضرورة إعادة بناء الثقة بين الشعب والقوات المسلحة قبل إعادة النظر في هذا الموضوع في المستقبل.
وأضاف أن البنية التحتية للقوات المسلحة مدمرة بالكامل، كاشفًا عن وضع هيكلية أولية للنهوض بها. وفيما اعتبر أن الجيش أصبح للسوريين، أكد أنه يحق لكل أطياف المجتمع الانتساب إليه.
وقال إنّ التركيز في المرحلة الأولى سيكون على بناء القوة التنظيمية للقوات المسلحة، وخلق الحالة الإدارية الصحيحة لضبط القوات المسلحة، وكذلك على زرع عقيدة عسكرية تقوم على الدفاع عن الوطن وترميم الفجوة بين الشعب السوري والقوات المسلحة.

السياسة الداخلية والأمنية
وبالحديث عن التحديات الأمنية، أكد وزير الدفاع السوري للتلفزيون السوري أن البلاد تواجه بؤرًا تابعة لعناصر من نظام الأسد، تخلق حالة من البلبلة والفوضى، لكنّه شدّد على أنها لا تشكل خطرًا كبيرًا على الأمن.
من جهة أخرى، أشار أبو قصرة إلى أن مراكز التسوية لعناصر النظام السوري السابق لا تلغي عملية المحاسبة القانونية اللاحقة، بل هي تثبيت للوضع القائم بهدف ضمان عدم انتشار الفوضى.
وأكد أن من يثبت عليه ارتكاب قضايا جنائية وتعذيب للناس في السجون يجب أن يتم محاكمتهم عن طريق المؤسسات القانونية والقضائية.
وردًا على سؤال عن مكافحة تنظيم الدولة، قال أبو قصرة إن خطر تنظيم الدولة لا يزال قائمًا في سوريا.
وأشار إلى أن الوزارة تواصل العمل لمكافحة هذا التنظيم بكل الوسائل المتاحة، مشيرًا إلى التنسيق مع وزارة الداخلية.
وعن التهديدات الأمنية الأخرى، أوضح أبو قصرة أن هناك مخاطر أمنية تواجه البلاد تم التصدي لها بشكل فعّال، مع التأكيد على تسليم من يخلّ بالأمن للجهات القانونية المختصة.
وبشأن السجون، أكد أن جزءًا من المفاوضات الجارية مع قوات سوريا الديمقراطية يتضمن استلام وضبط السجون التي تحتوي على عناصر تنظيم الدولة.
العلاقات مع الجوار والعالم
وبالتوقف عند العلاقات مع الدول الإقليمية والدولية، أكد وزير الدفاع السوري أن بلاده لن تكون مصدر تهديد لأي دولة، ولن تشكّل خطرًا على أي دولة أخرى.
وأضاف أن دمشق تسعى لبناء علاقات متوازنة مع دول الجوار والمجتمع الدولي بشكل عام.
وقال: "نحن نطمح لتحقيق الاستقرار وإفساح المجال لإعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية وبناء القوات المسلحة بشكل جيد، وكذلك نطمح لتحقيق علاقات إيجابية تنمو وتتطور مع الدول العربية والأجنبية".
وبالحديث عن المواقف من التدخلات الخارجية، أشار إلى أن "إيران شاركت في إبادة الشعب السوري"، داعيًا طهران إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية وبناء علاقات دبلوماسية صحيحة مع الإدارة الجديدة.
وأكد الوزير أبو قصرة أن حماية المراقد الشيعية والمكونات الشيعية في سوريا هي مسؤولية القيادة السورية وفقًا للقوانين المحلية، لافتًا إلى أن سوريا هي من ستتولى هذه المهمة.
وفيما يتعلق بالقواعد الروسية، أوضح أبو قصرة أن الوجود الروسي في سوريا يقتصر الآن على قاعدتَي حميميم وطرطوس، بعد أن كان منتشرًا في جميع أنحاء سوريا، مشيرًا إلى أن ملف العلاقة مع روسيا ما يزال قيدَ التفاوض.