وسط إدانة أممية لمضايقتهم.. محامو تونس يواصلون احتجاجاتهم
أدانت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان "ترهيب ومضايقة" السلطات في تونس للمحامين، بعد حملة توقيفات واسعة طالت عددًا منهم، إضافة إلى معلقين سياسيين وناشطين حقوقيين.
واعتبرت المتحدثة باسم المفوضية رافينا شامدساني، أن التوقيفات ودهم مقر نقابة المحامين "تقوّض سيادة القانون وتنتهك المعايير الدولية المتعلقة بحماية استقلال المحامين ووظائفهم".
وأضافت: "تشكل هذه الأعمال أشكالاً من الترهيب والمضايقة".
ونقلت عن المفوض فولكر تورك حضه "السلطات على احترام وحماية حريات التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي، كما هي مكفولة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتونس طرف فيه".
حملة توقيفات في تونسوعلى مدى الأيام الماضية، أوقفت السلطات التونسية شخصيات من المجتمع المدني مثل الناشطة المناهضة للعنصرية سعدية مصباح، وعددًا من المحامين بالإضافة إلى معلقين سياسيين في المحطات الإذاعية والتلفزيونية.
وتظاهر مئات المحامين والناشطين من منظمات المجتمع المدني الخميس للتنديد بتراجع الحريات في بلد يعتبر مهد ما عُرف بموجة "الربيع العربي".
وأتى تحرك المحامين احتجاجًا على عملية توقيف بالقوة طالت زميلتهم والمعلقة السياسية سنية الدهماني أثناء لجوئها إلى "دار المحامي".
كما أوقف زميلها مهدي زقروبة الإثنين من "دار المحامي" وتم نقله للمستشفى بشكل عاجل ليل الأربعاء الخميس، بعد تعرضه للضرب أثناء الاحتجاز وفقدانه الوعي، بحسب العديد من المحامين. ونفت السلطات الاعتداء على المحامي.
من جهته، ندّد الرئيس التونسي قيس سعيّد الخميس بـ"التدخل السافر" في شؤون بلاده عقب انتقادات دولية لحملة التوقيفات الواسعة، معتبرًا أن احتجاز هؤلاء هو أمر "قانوني".
وأكد أن ما حصل أخيرًا "لا يتعلّق أبدًا بسلك المحاماة بل بمن تجرّأ وحقّر وطنه في وسائل الإعلام بل ورذّله وبمن اعتدى بالعنف على ضابط أمن"، حسب تعبيره.
وتوجه منظمات حقوقية تونسية ودولية انتقادات شديدة إلى نظام سعيّد، مؤكدة أنه "يقمع الحريّات في البلاد". لكن الرئيس التونسي يكرر أن "الحريّات مضمونة".
وعلى صعيد آخر، شدد تورك، بحسب المتحدثة، على ضرورة "دعم سيادة القانون والإفراج عن المحتجزين تعسفًا، بمن في ذلك الذين احتجزوا بسبب الدفاع عن حقوق المهاجرين ومكافحة التمييز العنصري"، وضمان حقوق "جميع المهاجرين، ويجب وقف خطاب الكراهية المعادي للأجانب".
وأكدت شامدساني أن تورك قلق للغاية "من تزايد استهداف المهاجرين في تونس، ومعظمهم من جنوب الصحراء، فضلًا عن المنظمات والأفراد العاملين في مساعدتهم. كما نشهد في الوقت نفسه تصاعدًا في استخدام الخطاب العنصري الذي يجرد المهاجرين السود والتونسيين السود من إنسانيتهم".
انتفاضة المحامين في تونسوجاء غضب المحامين في تونس، الذين لم يكونوا إلى وقت قريب من الغاضبين، بعد ما عدوه انتهاكًا لمقارهم، وتضييقًا عليهم، وتعذيبًا مقصودًا لحق أحد زملائهم.
واعتبر المحامي يوسف المحواشي "الاعتداء على محام من أجل حرية التفكير، وحرية التعبير أمر غير مقبول"، مضيفًا أن "جريمة التعذيب لا تسقط بمرور الزمن، ولن نتهاون في استرجاع حق زميلنا".
وسيواصل المحامون نهج الاحتجاج أمام قصر العدالة، حيث حيل بينهم وبين الصحافة، وقالوا إن السلطة مستبدة، واتهموها بإعادة إنتاج الخوف وبالسعي إلى إرساء الدكتاتورية، في مزاعم تنفيها السلطة كليًا، إذ لا مواجهة مطلقًا مع المحاماة التي كرس لها دستور البلاد الضمانات، كما جاء على لسان الرئيس قيس سعيّد.
وفي حديث لـ"العربي" يقول المحامي مالك بن عمر: "الخط النهائي والأخير للشعب التونسي للدفاع عن الحقوق والحريات هي المحاماة، هناك محاولة واضحة لاستهداف القطاع لمحاولة تركيعه ربما، ولكن هذه الاستفاقة وقعت ربما متأخرة، ولكن على الأقل هناك استفاقة للمحامين لمنع كل محاولة لتركيع المحاماة".
إلى ذلك، لم يقنع خطاب السلطة المحتجين، فوجدوا في ملاحقة عدد من المحامين استهدافًا للقطاع كاملًا، كما أن الخط البياني لسلوك السلطة يهدف في إطاره العام، بحسب متابعين، إلى تضييق مضطرد على جميع الأجسام المدنية الوسيطة.
وألقى عميد المحامين الكرة في مربع الرئيس ليسمع من الجميع لا من طرف دون غيره، وحتى يستجيب الرئيس أو تزول التضييقات، فإن غضبهم لا يزال قائمًا، بحسب ما نقل مراسل "العربي" خليل كلاعي.