تظاهر مئات المزارعين العراقيين في الديوانية جنوب وسط البلاد، السبت، ضد قرار الحكومة الساري منذ بضع سنوات، بتقليص المساحات المزروعة لضمان توفير المياه الصالحة للشرب على وقع الجفاف وتراجع مياه الأنهر.
وفي منطقة غماس بمحافظة الديوانية، تجمع مئات المزارعين من عدة محافظات لحثّ الحكومة على السماح لهم بزراعة أراضيهم، مطالبين بتعويضهم عن خسائرهم وإعادة توزيع المياه المخصصة للزراعة.
جفاف في العراق
ويشهد العراق، الذي يعد من الدول الأكثر تأثرًا بالتغير المناخي، منذ خمس سنوات جفافًا قاسيًا انعكس في قلة المتساقطات وارتفاع درجات الحرارة. كما تراجع مستوى نهري دجلة والفرات، اللذين يرويان بلاد الرافدين منذ آلاف السنوات.
وعرقلت موجات الجفاف الزراعة في بلد لا يزال يحاول التعافي من عقود من الحروب والفوضى، وحيث يُعدّ الأرز والخبز من المواد الغذائية الأساسية.
وأرغم الجفاف ونقص الأمطار السلطات على تقنين استخدام المياه وتقليص الأراضي الزراعية لتوفير مياه الاستخدام اليومي للسكان، لا سيما خلال فصل الصيف.
وقال المزارع محمود صالح، أحد المتظاهرين، "جئنا من أربع محافظات للمطالبة بحقوق الفلاحين والمزارعين وتعويضاتهم".
وأضاف صالح: "لقد وقع ظُلِم على الفلاح، ولن يسمحوا لنا بزراعة محصول الحنطة المقبل كما قطعوا عنا المياه".
بدوره، قال محمّد عموش الذي كان يزرع 100 دونم من الأرض قبل الجفاف،"حاليًا لا أحصل أي شيء، أطالب الحكومة بتعويض الفلاحين، الفلاح متضرر لا نستطيع زراعة أرضنا وأصبحت بورًا"، مضيفًا: "لم نعد نستطيع الزراعة، فقط (نتلقى) خسائر مادية. لقد تدمرنا".
وتمتد سهول العراق الخصبة تاريخيًا على جانبي نهري دجلة والفرات، لكن منسوب مياههما انخفض انخفاضًا حادًا في العقود الأخيرة.
وإلى جانب الجفاف، تُلقي السلطات باللوم على السدود في الدول المجاورة والتي تقلل من تدفق مياه الأنهر إلى العراق.
انخفاض مخزون المياه
وخلال الأسابيع الماضية، سجل نهر الفرات أدنى مستوياته لا سيما في جنوب البلاد، كما تراجع خلال الأشهر الماضية مخزون المياه في البلاد العراق إلى أدنى مستوياته.
ويتلقى العراق اليوم أقلّ من 35% من الحصة المائية التي يُفترض أن يستلمها من النهرين، وفق السلطات. كما أتت عقود من الحروب والأزمات على البنى التحتية في العراق الذي ما زال يعاني من سياسات مالية ضعيفة وغير فعالة.
وبات مخزون المياه في العراق في أدنى مستوياته منذ 80 عامًا بسبب موسم الأمطار الضعيف للغاية وانخفاض تدفق نهري دجلة والفرات.
وبحسب وزارة الموارد المائية العراقية فإن النقص في المياه أسوأ من عام 2024، وسيجبر السلطات على تقليص مساحة الأراضي الزراعية المزروعة.
وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة والجفاف المستمر منذ خمس سنوات على الأقل، تنتقد بغداد بانتظام السدود التي بنيت على النهرين في بلدي المنبع تركيا وإيران، والتي أدت إلى انخفاض كبير في مستوى النهرين اللذين يشكلان المصدر الأساسي للمياه في العراق.
ويعتمد الفلاحون في الحقول البعيدة من نهرَي الفرات ودجلة، على أنظمة ريّ حديثة تعمل بالرشّ وتقلّل من هدر المياه بما يصل إلى 50% وباتت منتشرة في أوساط مزارعي العراق منذ بضع سنوات.