مع تساقط الأمطار وبرودة الشتاء، تحتضن منال أبو ربيع حفيدتها داخل خيمة قماش مهترئة، يكسوها بقايا نايلون في محافظة شمال قطاع غزة.
ترتجفان سويًا من البرد، في وقت تفتقران فيه إلى ملابس مناسبة واحتياجات أساسية.
ويحاول مصطفى صبح أن يساعد عائلته في مواجهة متطلبات الحياة، بينما يُشكّل البرد مأساة أخرى تتسلّل إلى الخيمة من كل مكان، وهو ما دفع باقي أفراد الأسرة إلى الالتفاف حول نار أشعلوها ببقايا الورق.
كما تحوّل ملعب كرة قدم إلى مخيم مكتظّ بالخيام، تعيش فيه آلاف الأسر الفلسطينية التي هجرت من منازلها قسرًا.
كفاح من أجل الدفء
ويكافح معظم النازحين البالغ عددهم مليوني شخص، لحماية أنفسهم من الرياح والبرد والأمطار، وسط نقص في البطانيات والملابس الدافئة، مع القليل من الخشب لإشعال النار للتدفئة.
وأصبحت الخيام المصنوعة من الأقمشة المرقّعة التي تعيش فيها العائلات، بالية بشكل متزايد بعد أشهر من الاستخدام المكثّف.
ولا تملك شادية عيّادة، التي نزحت من مدينة رفح الجنوبية إلى منطقة المواصي الساحلية، سوى بطانية واحدة وزجاجة ماء ساخن لتحمي أطفالها الثمانية من البرد داخل خيمتهم الهشّة.
وفي كل مرة، تشعر عيّادة بالخوف من أنّ تقتلع الرياح خيمتها، أو أن يمرض أطفالها مع تدنّي درجات الحرارة خلال الليل إلى 4 درجات.
بدورها، قالت رضا أبو زرادة (50 عامًا) التي نزحت مع عائلتها من شمال غزة: إنّ البالغين يحضنون أطفالهم لإبقائهم دافئين داخل خيامهم الممزّقة والتي تفتقر للأبواب.
وقالت: "إننا نستيقظ متجمدين في الصباح، وأخشى أن أستيقظ ذات يوم لأجد أحد أطفالي متجمدًا حتى الموت".
"لن يصمدوا"
وتُحذّر الأمم المتحدة من أنّ النازحين الذين يعيشون في ملاجئ مؤقتة غير مستقرة، قد لا يتمكّنون من الصمود في فصل الشتاء.
وقالت الأمم المتحدة الثلاثاء الماضي: إنّ ما لا يقلّ عن 945 ألف شخص يحتاجون إلى إمدادات الشتاء، والتي أصبحت باهظة الثمن بشكل فاحش في غزة.
كما تخشى الأمم المتحدة أن ترتفع معدلات الإصابة بالأمراض المعدية، التي ارتفعت في الشتاء الماضي، مرة أخرى وسط ارتفاع معدلات سوء التغذية.
وقالت لويز ووتردج متحدثة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا": إنّ الوكالة كانت تُخطّط طوال العام لفصل الشتاء في غزة، لكنّ المساعدات التي تمكنت من إدخالها إلى القطاع "ليست قريبة حتى من أن تكون كافية للناس".
وخلال الأسابيع الأربعة الماضية، وزّعت "الأونروا" 6 آلاف خيمة في شمال غزة، لكنّها لم تتمكن من إيصال بعضها إلى أجزاء أخرى من القطاع الذي يشهد حربًا مستمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وأضافت ووتردج: "هناك حوالي 22 ألف خيمة عالقة في الأردن، و600 ألف بطانية و33 شاحنة محمّلة بالفرشات في مصر منذ الصيف، لأنّ الوكالة لا تملك موافقة إسرائيلية أو طريق آمن لإدخالها إلى غزة، ولأنّها اضطرت إلى تحديد الأولويات التي تشتد الحاجة إليها من المساعدات الغذائية".
وأضافت أنّ العديد من الخيام والبطانيات قد نُهبت أو تلفت بسبب الطقس والقوارض، نتيجة لعدم إدخالها.
بدورها، قالت ديون وونغ، نائبة مدير برامج لجنة الإنقاذ الدولية في الأراضي الفلسطينية المحتلة: إنّ اللجنة تُكافح من أجل إدخال الملابس الشتوية للأطفال لأنّ هناك "الكثير من الموافقات التي يجب الحصول عليها من السلطات المعنية"، في إشارت إلى الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضحت وونغ أنّ "قدرة الفلسطينيين على الاستعداد لفصل الشتاء محدودة للغاية".