أعلن الكرملين، اليوم الخميس، أن كييف ستشارك في مفاوضات السلام لإنهاء النزاع "بطريقة أو بأخرى"، وذلك غداة إجراء الرئيس الأميركي دونالد ترمب اتصالين هاتفيين منفصلين برئيسي روسيا وأوكرانيا.
وأمس الأربعاء، اتفق ترمب وبوتين على بدء محادثات "فورًا" لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وذلك في اتّصال هاتفي أعاد خلط الأوراق بعد 3 سنوات من الحرب، وأعلن إثره الرئيس الأميركي أنه سيلتقي سيّد الكرملين.
وقال ترمب عبر منصّته الاجتماعية تروث سوشال: إن روسيا والولايات المتحدة ستبدآن المفاوضات بشأن أوكرانيا "فورًا"، مشيرًا إلى أنه أجرى مكالمة "طويلة ومثمرة جدًا" مع نظيره الروسي.
الكرملين: أوكرانيا ستشارك في مفاوضات السلام
وفي مقابلة مع التلفزيون الرسمي، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف: "بطريقة أو بأخرى، طبعًا، ستشارك أوكرانيا في المفاوضات. سيكون هناك في الوقت نفسه مسار لحوار ثنائي روسي أميركي، ومسار يتصل بالتأكيد بمشاركة أوكرانيا".
وأعلن الكرملين أنه لم يتم اتخاذ "أي قرارات" بشأن توقيت ومكان الاجتماع بين فلاديمير بوتين ودونالد ترمب، مضيفًا أن التحضير لقمة بين الرئيسين قد يستغرق "أشهرًا".
وقال بيسكوف: "حتى الآن لم يتم اتخاذ أي قرارات، لا على مستوى العمل ولا على أعلى مستوى... بالطبع، سيستغرق الأمر وقتًا للتحضير لمثل هذا الاجتماع. قد يكون أسابيع، وقد يكون شهرًا، وقد يكون أشهرًا عدة".
وأشار الكرملين اليوم الخميس إلى أنه "معجب بموقف ترمب بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا".
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أعلن أنه بحث هاتفيًا مع نظيره الأميركي "فرص التوصل إلى سلام" في أوكرانيا.
وكتب زيلينسكي على منصة إكس: "تحدثنا طويلًا عن فرص التوصل إلى سلام"، لافتًا إلى أن الرئيس ترمب شاركه "تفاصيل حديثه مع بوتين".
وتعهد الرئيس الأميركي الذي لم يكشف عن خطته بشأن أوكرانيا، إنهاء "مجازر" الحرب بسرعة، بما في ذلك الضغط على كييف التي حصلت على مساعدات عسكرية بمليارات الدولارات من واشنطن في عهد سلفه الديمقراطي جو بايدن.
"وضع حد" للرئيس الروسي
وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه يريد التوافق على موقف مع واشنطن لـ"وضع حد" للرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل إجراء أي مفاوضات مع روسيا.
وغداة إجراء الرئيس الأميركي دونالد ترمب اتصالين منفصلين مع رئيسي أوكرانيا وروسيا، قال زيلينسكي: إن "الاجتماعات بين أوكرانيا وأميركا تشكل أولوية بالنسبة إلينا. وفقط بعد اجتماعات مماثلة، بعد إعداد خطة هدفها وضع حد لبوتين، أعتقد انه سيكون أمرًا منصفًا التحدث إلى الروس".
وتحدّث ترمب أيضًا مع زيلينسكي في اتصال وصفه الأخير بأنه "مهم" وتطرق إلى مختلف المسائل.
لكنه قال الخميس إنه بينما يعتقد أن أوكرانيا أولوية بالنسبة إلى ترمب، إلا أن تحدث الرئيس الأميركي مع بوتين أولًا يعد أمرًا "غير لطيف".
وأفاد الرئيس الأوكراني أيضًا بأن ترمب أبلغه بأنه كان يرغب بالتحدث إليهما في الوقت ذاته، من دون توضيح سبب عدم قيامه بذلك.
ولفت زيلينسكي أيضًا إلى أنه قال لترمب: إن "روسيا ستهاجم أوكرانيا مرة أخرى على الأرجح في غياب الضمانات الأمنية".
أوروبا تحذر ترمب من أي اتفاق "خلف ظهرها"
إلى ذلك، حذر الأوروبيون الخميس من أن أي اتفاق سلام يتم التفاوض عليه من دون مشاركة بروكسل وكييف سيبوء بالفشل.
من جهتها، أكدت واشنطن على لسان وزير الدفاع بيت هيغسيث خلال اجتماع وزاري لحلف شمال الأطلسي في بروكسل، أن هذه المفاوضات لن تكون بأي حال من الأحوال "خيانة" لأوكرانيا.
وفي الساعات الأخيرة، أبدت الدول الأوروبية شكوكًا كبيرة في هذه المسألة، حتى أن مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أجرت مقارنة بين اليوم وعام 1938، عندما أدت اتفاقية ميونيخ إلى ضم جزء من تشيكوسلوفاكيا إلى ألمانيا بقيادة هتلر.
وقالت: إن "محاولات الاسترضاء هذه دائما تفشل".

كما حذر رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا الخميس من أن السلام في أوكرانيا يجب أن يكون أكثر من مجرد "وقف إطلاق نار بسيط"، وذلك ردًا على قرار موسكو وواشنطن بدء مفاوضات لإنهاء الحرب.
وقالت كالاس الخميس: "أي حل سريع سيكون أشبه بصفقة قذرة رأيناها سابقًا في مينسك على سبيل المثال"، مشيرة إلى أنه لا يمكن التفاوض على أي شيء "خلف ظهور" الأوروبيين أو الأوكرانيين، تحت طائلة "الفشل".
وأدت اتفاقات مينسك التي تم التوصل إليها قبل 10 سنوات إلى وقف إطلاق النار في أوكرانيا، لكنها تعرضت لانتهاكات متكررة إلى أن هاجمت روسيا البلاد في فبراير/ شباط 2022.
من جانبه، قال المستشار الألماني أولاف شولتس: إنه يرفض أي "سلام مفروض" على كييف.
وفي صدى لموقف برلين، انتقدت كالاس أيضًا إستراتيجية ترمب التفاوضية، تمامًا كما فعل وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس في وقت سابق. وتساءلت: "لماذا نعطيهم كل ما يريدونه قبل أن تبدأ المفاوضات؟".
ومن بين الخطوط الحمراء المختلفة التي عرضتها إدارة ترمب الأربعاء، أعلنت الولايات المتحدة أن طرح ضم أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي غير واقعي، وكذلك الأمر بالنسبة لعودة هذا البلد إلى حدوده قبل عام 2014، أي مع شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في ذلك العام.
واعتبر الأميركيون أيضًا أن الأوروبيين باتوا مسؤولين عن تقديم الجزء الأكبر من الدعم لكييف.
وكان لإعلان الإطلاق "الفوري" لمفاوضات السلام بشأن أوكرانيا والخطاب الواضح لوزير الدفاع الأميركي الجديد الذي طالب فيه الأوروبيين بتولي زمام المبادرة، وقع صاعق في مقر الحلف في بروكسل.
وقال وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو: إن "هذه لحظة حقيقة كبرى" بالنسبة إلى مستقبل حلف شمال الأطلسي.
وأضاف: "يقولون إنه التحالف العسكري الأهم والأكثر قوة في التاريخ. هذا صحيح تاريخيًا، لكن السؤال الحقيقي هو: هل سيبقى كذلك بعد 10 أو 15 عامًا؟".
وحاول بيت هيغسيث تبديد هذه الشكوك الخميس، مؤكدًا أن دونالد ترمب هو "أفضل مفاوض على هذا الكوكب" والوحيد القادر على ضمان سلام "دائم" في أوكرانيا.