السبت 24 مايو / مايو 2025
Close

وسط حالة من عدم اليقين.. ماذا يعني انخفاض أسعار النفط؟

وسط حالة من عدم اليقين.. ماذا يعني انخفاض أسعار النفط؟

شارك القصة

يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية
يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية- رويترز
الخط
إنّ احتمال اندلاع حرب تجارية بسبب الرسوم الجمركية والمناخ العام من عدم اليقين قد يؤدي إلى تعميق معاناة الدول المنتجة للنفط.

تستعدّ الدول المنتجة للنفط لرحلة صعبة هذا العام، مع انخفاض حاد في الأسعار إلى أدنى مستوياتها في أربع سنوات، وهو ما يُنظر إليه باعتباره العلامة الأولية المثيرة للقلق على الاضطرابات الوشيكة.

وفي الدول المنتجة للنفط، قد يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية، وأحيانًا الاضطرابات السياسية، مع تقليص الحكومات للإنفاق.

ويقول المحللون إنّ احتمال اندلاع حرب تجارية بسبب الرسوم الجمركية والمناخ العام من عدم اليقين قد يؤدي إلى تعميق معاناة المنتجين.

وفي هذا الإطار، يرى غريغوري برو المُتخصّص في الجغرافيا السياسية للنفط والغاز في مجموعة "أوراسيا"، في حديث لصحيفة "نيويورك تايمز"، أنّ "الانخفاض الحاد في الأسعار والتقلّبات العامة ترسل إشارة قوية للغاية مفادها أنّ الاقتصاد العالمي سوف يتعرّض للاضطراب هذا العام، وهذا سوف يُترجم إلى انخفاض الطلب على النفط".

الدول المُنتجة الغنية قادرة على استيعاب الصدمة

في وقت سابق من هذا العام، استقرّ سعر النفط الخام القياسي عند حوالي 73 دولارًا للبرميل، وهو سعر مرتفع بما يكفي لتغطية ميزانيات معظم الدول المنتجة.

لكن بعض الدول على غرار السعودية والإمارات، تبني خططها التنموية الطموحة على سعر لا يقلّ عن 90 دولارًا للبرميل، وفقًا للمحللين.

وخصّص البلدان مئات المليارات من الدولارات لمشاريع عملاقة سعيًا لتنويع اقتصاداتهما بعيدًا عن النفط. ورغم أنّ السعودية تُغطي تكاليف برنامجها التنموي "رؤية 2030" من خارج ميزانيتها السنوية، إلا أنّ مشروع مدينة نيوم الضخمة والمستقبلية يعتمد على عائدات النفط.

وللحفاظ على هذه الخطط في ظل انخفاض الأسعار، يتعيّن على هذه الدول الخليجية الغنية إما سحب الأموال من صناديقها الاحتياطية الضخمة أو الاقتراض، وفقًا لمحللين.

وأوضح المحلّلون أنّ السعودية والإمارات والكويت تتمتّع جميعها بإمكانية الوصول بسهولة إلى الائتمان الدولي، ويُمكنها الحفاظ على ذلك لسنوات، ومن غير المرجّح أن يشعر مواطنوها بتداعيات الأمر.

ماذا عن إيران والعراق؟

وفي إيران، أدت العقوبات الدولية إلى تقليص عدد مشتري النفط الإيرانيين. كما أن طلب الصين على النفط الإيراني تراجع بشكل ملحوظ في ظل تباطؤ اقتصادي.

وفي الأشهر الأخيرة، فرضت الإدارة الأميركية عقوبات على اثنين من مصافي تكرير صغيرة مستقلّة معرّضة للعقوبات.

ولجذب المشترين، يُرجّح المحللون أن تُقدّم إيران خصومات كبيرة.

وتتفاوض إيران مع واشنطن بشأن مستقبل برنامجها النووي؛ وأي اتفاق قد يُخفف العقوبات. لكنّ هذا مستبعد هذا العام.

كما تُواجه إيران ضغوطًا متزايدة لخفض الإنفاق من خلال خفض دعمها المحلي للطاقة. لكنّ عندما قامت بهذه الخطوة عام 2019، اندلعت أعمال شغب مناهضة للحكومة.

وفي هذا الإطار، قال همايون فلكشاهي، المحلل في شركة الأبحاث "كبلر" للصحيفة الأميركية: "إن إبقاء أسعار الطاقة منخفضة للغاية أمر بالغ الأهمية بالنسبة للسلطات الإيرانية، لأنّها تُدرك أنّها ستكون معرّضة لخطر الانتفاضات وأعمال الشغب والمظاهرات بشكل كبير نسبيًا".

من جهته، يعتمد العراق على النفط في ما يُقدّر بنحو 80% من إيرادات الحكومة، لذا فإن انخفاض سعره سيُجبره على اتخاذ إجراءات مثل التوقّف عن دفع رواتب القطاع العام لفترات زمنية، وهي خطوة من المؤكد أنها ستُثير استياءً محليًا.

ولأنّ البلاد ليست خاضعة لعقوبات، يُمكنها الاقتراض دوليًا لتغطية فواتيرها، وإن كان ذلك مُكلفًا.

ليبيا ونيجيريا وفنزويلا

تُسيطر حكومتان على السلطة في ليبيا، تُدير إحداهما البنك الذي يستقبل مدفوعات النفط من الخارج، بينما تُسيطر الأخرى على حقول النفط.

ويرجّح محللون أنّ أي انخفاض في الأسعار، سيزيد التوترات بين الحكومتين في ظل تنافسهما على الإيرادات.

أما في نيجيريا، لا يزال الاقتصاد هشًا للغاية في مواجهة انخفاض عائدات النفط، التي يعتمد عليها لدعم أسعار الطاقة. ومن شأن مصفاة خاصة جديدة شارفت على الانتهاء، أن تُخفف من حدة مشاكل إمدادات الوقود التي قد تُشعل فتيل الاضطرابات السياسية.

وتُعدّ فنزويلا الدولة الأكثر تأثرًا بتقلّبات أسعار النفط، حيث انهار اقتصادها خلال انخفاض الأسعار بين عامي 2014 و2015.

وقد اعتمدت شركات القطاع العام، ورواتب الحكومة المُتضخّمة، بشكل كبير على أسعار النفط المرتفعة، لدرجة أنّ انهيارها أدى إلى اندلاع احتجاجات واسعة النطاق قمعتها الحكومة بعنف، وفقًا للمحلّلين.

وأسهمت المساعدة التي تلقّتها كاراكاس من روسيا وإيران في تخفيف التداعيات المحتملة هذه المرة.

ماذا عن روسيا؟

يُمثِّل دخل الطاقة نحو ثلث الميزانية الفيدرالية في روسيا، والتي تُقدّر على أساس سعر برميل النفط بنحو 70 دولارًا.

ومع العقوبات، خفّضت روسيا سعر برميل النفط بنحو 10 دولارات؛ ويُعادل سعر 60 دولارًا الحد الأقصى للسعر الذي فُرِض عليها عام 2022 بعد حربها على أوكرانيا.

وساهمت مبيعات النفط والغاز القوية وخاصةً إلى الصين والهند، في حماية المواطنين الروس العاديين من التداعيات الاقتصادية الكبيرة للحرب. إلا أنّ الكرملين قد استنفد بالفعل احتياطياته، ومن شأن أي انخفاض إضافي في الأسعار أن يجعل تمويل الحرب، وكل شيء آخر، أمرًا صعبًا.

وربما لا تزال موسكو تملك ما يكفي من الاحتياطيات النقدية للتغلّب على الصعوبات، لكن المحللين قالوا إنّ الأمر قد يكون مؤلمًا على المدى القصير.

تابع القراءة

المصادر

ترجمات