وسط الحرب على غزة، عمل الدكتور البيطري سيف الدين على علاج الحيوانات المصابة والمتروكة وسط دمار غزة. إلا أنّ وحشية الاحتلال لم تُوفّر العيادة المتنقّلة، حيث أغار جيشه عليها في 13 مارس/ آذار الماضي، ودمّر المعدّات والأدوية بينما نجت الحيوانات.
لكنّ ذلك لم يمنع سيف الدين من العمل على جمع أدوات جديدة لازمة لاستئناف العمليات البيطرية للحيوانات وبالأخص الحمير.
وقال سيف الدين، رئيس فريق الأطباء البيطريين المتنقّل التابع لمنظمة "الملاذ الآمن للحمير" في غزة، وهي منظمة بيطرية بريطانية غير حكومية تقدّم الرعاية للحيوانات في غزة، لصحيفة "الغارديان" البريطانية: "سلبنا الهجوم كل الأدوات التي نستخدمها لإنقاذ الأرواح".
وتابع: "كان القصف اختبارًا لهدفنا ورسالتنا وصمودنا"، مضيفًا أنّ النجاة كانت بداية صراع آخر حيث بدأنا من الصفر لايجاد الأدوات اللازمة لإنقاذ الحيوانات التي ما زالت بحاجة إلينا، ولن نتخلّى عنها أبدًا".
عالج سيف الدين أكثر من 7000 حمار وآلاف الحيوانات الأخرى في عيادته المتنقّلة، منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
"شريان حياة"
وتُشكّل الحمير شريان حياة للعديد من الفلسطينيين في غزة، حيث دمّرت الحرب البنية التحتية والسيارات، في حين أنّ حصار الاحتلال للأراضي الفلسطينية يجعل من الصعب العثور على الوقود للنقل.
وقد سدّت الحمير هذه الفجوة، حيث استُخدمت لنقل البضائع والأشخاص خلال بحثهم اليومي عن الطعام والماء والوقود، أو للوصول إلى المستشفيات، ونقلهم مع أمتعتهم في كل مرة تُصدر فيها قوات الاحتلال أوامر إخلاء.
وقال سيف الدين: "هذه الحمير هي الخيط الأخير الذي يربط الناس بالخدمات الأساسية التي يحتاجون إليها بشدة، وأنقذت بعضها أرواحًا إذ استُخدمت لنقل الحوامل إلى المستشفيات للولادة، وحمل الجرحى إلى برّ الأمان. إنّها تُعطي من دون مقابل".
واصل فريق "الملاذ الآمن للحمير" عمله على الرغم من الغارة الجوية، والتحديات الأخرى التي سبقتها بما في ذلك غارات قريبة من العيادة وحواجز الطرق، والمكافحة من أجل العثور على الطعام أو المأوى.
وتتنقّل العيادة في أنحاء غزة، وتتواجد في مناطق مختلفة في أيام محدّدة، حتى يتمكّن أصحاب الحيوانات الجريحة من إحضارها لتلقّي العلاج.
كما يقوم الفريق بتمشيط الأماكن المدمرة بحثًا عن الحيوانات المتبقية، ويستقبل مكالمات من أصحاب الحمير المريضة والمصابة، ويستجيب لطلبات إنقاذ الحيوانات حتى من المناطق الأكثر خطورة.
كما أنّ عملية العلاج دقيقة، حيث يُعامل كل حيوان بعناية ثم يُعطى العلاج المناسب، سواءً لجرح أو كسر في أحد الأطراف أو سوء تغذية. وفي النهاية، ينتظرون على أمل أن يتعافى الحيوان بمواردهم المحدودة.
وبينما يعتمد الفريق على العلم، فإنّ المعدات البسيطة التي يمتلكها لعلاج الحيوانات تعني أن الفريق يعتمد أيضًا على قوة الإرادة.
وقال سيف الدين: "عندما نساعدهم لا ننقذ حياةً فحسب، بل نحافظ على رابطٍ مقدسٍ بين البشر والحيوانات. نُبقي الأمل حيًا".