صمم فريق من علماء فيزياء الحاسوب الكمي في جامعة "نيو ساوث ويلز" الأسترالية معالجا كميا على المقياس الذري لمحاكاة سلوك جزئي عضوي صغير، وحل التحدي الذي وضعه الفيزيائي النظري ريتشارد فاينمان منذ حوالي 60 عامًا.
ويمثل الإنجاز الذي حدث قبل عامين من الموعد المحدد، علامة رئيسية في السباق لبناء أول حاسوب كمي في العالم ويوضح قدرة الفريق على التحكم في الحالات الكمومية للإلكترونيات وذرات السيلكون بمستوى رائع لم يتحقق من قبل.
وفي ورقة بحثية نشرت في مجلة "نيتشر nature"، وصف الباحثون الأستراليون كيف تمكنوا من محاكاة التركيب وحالات الطاقة للمركب العضوي.
وتمامًا مثل أجهزة الحاسوب العادية الكلاسيكية، تستخدم أجهزة الكومبيوتر الكمومية ترانزستورات لتشفير المعلومات، ولكن ترانزستور الحاسوب الكمي يقع على نطاق ذري يصل إلى حجم ذرة واحدة.
ما هي أهمية الحاسوب الكمي؟
وفي هذا الإطار، يشرح الأستاذ الجامعي والباحث في علوم الفيزياء الدكتور وليد ملاعب، أن عمل الحاسوب المستخدم حاليًا قائم على مبدأ "binary operation" أو ما يعرف بالـ"one zero"، إذ إن المحول الرئيسي في هذا النوع هو مجموعة كبيرة من الترانزستورات تعمل كالمفتاح الكهربائي، موضحًا أنها في حال سمحت بمرور التيار الكهربائي فتسمى one، وفي حال منعت ذلك فيعني ذلك zero.
أما بالنسبة للحاسوب الكمومي فهو قائم على مبدأ مختلف تمامًا حسب ملاعب، حيث إنه يستخدم الدائرة الكهربائية على مقياس صغير جدًا وصولًا لدرجة الذرة، وأن حالة الذرات التي تعرف بالـ quantum state وارتباطها ببعضها super position، تفتح مجالاً أمام حالات أغنى ومتشعبة أكثير بكثير من مبدأ الحواسيب الكلاسيكية، ما يمكن هذه الحواسيب من العمل بفعالية أكبر مقارنة مع الحواسيب الأخرى.
وأضاف ملاعب في حديث لـ"العربي" أن سرعة الحواسيب الكمومية أسرع بكثير مقارنة بالأجهزة الموجودة حاليًا، ما يعني وجود عدة تطبيقات فيها، ومنها دراسة الفيزياء الكمية وفهمها بشكل أعمق، مما يعطي الإنسان فكرة أوضح عن الكون الذي يعيش فيه.
وأردف أن الحواسيب الكمومية ستساعد الإنسان أيضًا على دراسة وفهم المركبات الكيميائية في البروتين والحمض النووي والأدوية بشكل أوضح، كما ستعمل على كيفية استخدام وتوفير الطاقة في العالم بشكل فعال، وفهم التغيرات المناخية، كما أنها ستساعد في الدارسات الاجتماعية والاقتصادية والذكاء الاجتماعي، لافتًا إلى أن هذا النوع من الحواسيب صعب الاختراق.
وأشار ملاعب إلى أن تكلفة إنتاج هذا النوع من الحواسيب عالية جدًا بسبب التقنيات الموجودة داخله، والحاجة إلى تبريده وعزله عن المحيط بشكل كامل لتفادي أي أضرار قد تلحق به أو تعرضه للموجات الكهرومغناطيسية، مستبعدًا أن تتوفر هذه الأجهزة لدى الأشخاص العاديين.