الإثنين 16 حزيران / يونيو 2025
Close

يستهدف الحركة المؤيدة للفلسطينيين في أميركا.. ما هو مشروع إستير؟

يستهدف الحركة المؤيدة للفلسطينيين في أميركا.. ما هو مشروع إستير؟

شارك القصة

مظاهرات في الولايات المتحدة تنديدًا بالعدوان الإسرائيلي على غزة
مظاهرات في الولايات المتحدة تنديدًا بالعدوان الإسرائيلي على غزة - غيتي
الخط
أصدرت "هيريتيج فاونديشن" ومقرها واشنطن، ورقة سياسية بعنوان "مشروع إستير" لتفكيك الحركة المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة.

في أواخر أبريل/ نيسان، أرسلت مؤسسة "هيريتيج فاونديشن" (Heritage Foundation) فريقًا إلى إسرائيل للقاء شخصيات نافذة في السياسة، بمن فيهم وزيرا الخارجية جدعون ساعر والأمن يسرائيل كاتس، والسفير الأميركي مايك هاكابي، لمناقشة مشروع "إستير".

وتشتهر هذه المؤسسة البحثية، ومقرها واشنطن، بقيادة مشروع 2025، وهو مخطط مقترح لولاية الرئيس دونالد ترمب الثانية، يدعو إلى إعادة تشكيل الحكومة الفيدرالية وتوسيع كبير للصلاحيات الرئاسية، حسب صحيفة "نيويورك تايمز".

وكان فريق هيريتيج في إسرائيل، جزئيًا، لمناقشة ورقة سياسية أخرى: "مشروع إستير"، وهو اقتراح المؤسسة لتفكيك الحركة المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة بسرعة، إلى جانب دعمها في المدارس والجامعات، والمنظمات التقدمية.

مشروع إستير

وفي أعقاب الاحتجاجات المتزايدة ضد الحرب الإسرائيلية على غزة، حدد مشروع إستير خطة لمحاربة "معاداة السامية" من خلال وصف مجموعة واسعة من منتقدي إسرائيل بأنهم "شبكة دعم إرهابية فعالة"، بحيث يمكن ترحيلهم، وسحب التمويل منهم، ومقاضاتهم، وفصلهم، وطردهم، ونبذهم، واستبعادهم بطريقة أخرى مما يعتبره "مجتمعًا مفتوحًا".

وحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، تصوّر مهندسو مشروع "إستير" نتائج ربما بدت آنذاك بعيدة المنال، ومنها إزالة المناهج الدراسية التي رأوا أنها تُناصر خطاب "دعم حماس" من المدارس والجامعات، وكذلك "المناهج الداعمة لأعضاء هيئة التدريس".

ووفقًا لهذا التصور أيضًا، ستُطهر منصات التواصل الاجتماعي من أي محتوى يُعتبر معاديًا للسامية، وستُحرم المؤسسات من التمويل العام، وسيتم إلغاء تأشيرات الطلاب الأجانب الذين دافعوا عن حقوق الفلسطينيين، أو ترحيلهم، حسب الصحيفة الأميركية.

وبمجرد تشكيل إدارة رئاسية متعاطفة، نصّت الخطة على: "سننظم صفوفنا بسرعة، ونتخذ إجراءات فورية لوقف النزيف، وتحقيق جميع الأهداف في غضون عامين".

مظاهرات في أميركا احتجاجًا على العدوان الإسرائيلي على غزة
مظاهرات في أميركا احتجاجًا على العدوان الإسرائيلي على غزة - غيتي

والآن، بعد أربعة أشهر من تولي الرئيس الأميركي دونالد ترمب منصبه، يستعد قادة "هيريتيج فاونديشن" للاحتفال بنصر مبكر، حسب صحيفة "نيويورك تايمز".

ومنذ تنصيبه، دعا البيت الأبيض وجمهوريون آخرون إلى اتخاذ إجراءات تبدو وكأنها تعكس أكثر من نصف مقترحات مشروع إستير، وفقًا لتحليل أجرته صحيفة "نيويورك تايمز"، بما في ذلك التهديدات بحجب مليارات الدولارات من التمويل الفيدرالي للجامعات ومحاولات ترحيل المقيمين القانونيين.

وفي مقابلات مع صحيفة التايمز - وهي أول تعليقات علنية لـ"هيريتيج فاونديشن" منذ تولي ترمب منصبه حول خطتها لتشكيل الرأي العام الأميركي تجاه إسرائيل - قال مهندسو مشروع إستير: إن "هناك أوجه تشابه واضحة بين خطتهم والإجراءات الأخيرة ضد الجامعات والمتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين على مستوى الولاية والمستوى الفيدرالي".

بدورها، قالت فيكتوريا كوتس، نائبة مستشار الأمن القومي السابقة لترمب ونائبة الرئيس في هيريتيج فاونديشن والمشرفة على مشروع إستير: "إن المرحلة التي نمر بها الآن هي البدء في تنفيذ بعض مسارات الجهود من حيث العقوبات التشريعية والقانونية والمالية لما نعتبره دعمًا ماديًا للإرهاب".

وقال مسؤولو هيريتيج: إنهم "لا يعرفون ما إذا كان البيت الأبيض، الذي لديه فرقة عمل خاصة به معادية للسامية، قد استخدم مشروع إستير كدليل إرشادي". ورفض مسؤولو الإدارة مناقشة الأمر. لكن روبرت غرينواي، مدير الأمن القومي في هيريتيج والمشارك في تأليف مشروع إستير، قال إنه "ليس من قبيل المصادفة أننا دعونا إلى سلسلة من الإجراءات بشكل خاص وعلني، وهي تحدث الآن".

نشأة مشروع إستير وأهدافه وتأثيره

ولطالما دعمت الإدارات الجمهورية والديمقراطية على حد سواء إسرائيل وموّلتها كحليف أساسي. وبُذلت جهود مشتركة بين الحزبين لمواجهة الانتقادات الموجهة لإسرائيل من خلال وصف مجموعة من الخطابات والتنظيمات الداعمة لحقوق الفلسطينيين بأنها دعم للإرهاب. 

لكن مشروع إستير يهدف إلى أبعد من ذلك، إذ يُساوي أفعالًا مثل المشاركة في الاحتجاجات الجامعية المؤيدة للفلسطينيين بتقديم "دعم مادي" للإرهاب، وهو مفهوم قانوني واسع النطاق قد يؤدي إلى السجن والترحيل وعقوبات مدنية وعواقب وخيمة أخرى.

وفي هذا الصدد، قال جوناثان جاكوبي، المدير الوطني لمشروع نيكسوس، وهي مجموعة مراقبة تعمل على مكافحة معاداة السامية: غيّر مشروع إستير هذا المفهوم بربطه أي شخص يعارض السياسات الإسرائيلية بـ"شبكة دعم حماس". لم يعد الأمر يتعلق بالأيديولوجيا أو السياسة؛ بل يتعلق بالإرهاب وتهديدات الأمن القومي الأميركي.

فيكتوريا كوتس نائبة الرئيس في هيريتيج فاونديش
فيكتوريا كوتس نائبة الرئيس في هيريتيج فاونديشن - صحيفة "بوليتيكو"

ويصف مركز هيريتيج "مشروع إستير" بأنه إستراتيجية وطنية رائدة لمكافحة معاداة السامية، لا تهدف إلى حجب الآراء، بل إلى تحميل من تعتبرهم من مؤيدي حماس، المصنفة كجماعة إرهابية، مسؤولية أفعالهم. 

لكن منتقدين، مثل جاكوبي، يقولون إن المركز البحثي يستغل المخاوف الحقيقية بشأن معاداة السامية لتعزيز أجندته الأوسع المتمثلة في إعادة تشكيل التعليم العالي جذريًا وسحق الحركات التقدمية بشكل عام.

ويركز مشروع إستير حصريًا على معاداة السامية لدى اليسار، متجاهلًا المضايقات والعنف المعادي للسامية من اليمين. وقد أثار انتقادات من العديد من المنظمات اليهودية وسط دعوات متزايدة لها للتصدي لإدارة ترمب.

واستندت هيريتيج إلى توصيات فرقة العمل لكتابة مشروع إيستير، الذي سُمي تكريمًا للملكة التوراتية التي يُحتفى بها لإنقاذها الشعب اليهودي.

بحلول صيف 2024، كانت هيريتيج قد وضعت إستراتيجية وطنية تهدف إلى إقناع الجمهور باعتبار الحركة المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة جزءًا من "شبكة دعم حماس" العالمية التي "تشكل تهديدًا ليس فقط لليهود الأميركيين، بل لأميركا نفسها".

وحددت الإستراتيجية الجماعات المناهضة للصهيونية التي نظمت احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين، مثل "الصوت اليهودي من أجل السلام" و"طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، لكن الأهداف المقصودة امتدت إلى أبعد من ذلك بكثير.

وفي موادّها الترويجية للمانحين المحتملين، قدّمت هيريتيج مثالاً على هرم تعلوه "نخبٌ تقدميةٌ تقود الطريق"، والذي ضمّ مليارديرات يهودًا مثل المُحسن جورج سوروس وحاكم ولاية إلينوي جيه بي بريتزكر.

وأكّدت أن منظماتٍ خيريةً مثل مؤسسة تايدز وصندوق روكفلر براذرز تدعم "المنظومة البيئية" لمعاداة السامية. لاحقًا، أضافت مؤسسة هيريتيج أسماءَ من وصفتهم بالسياسيين "المُتحالفين" مثل السيناتورين بيرني ساندرز وإليزابيث وارن.

وتضمنت موادّ العرض، التي نُشرت لأول مرة في صحيفة "ذا فوروارد"، أهدافًا مثل إصلاح الأوساط الأكاديمية (وقف تمويل المؤسسات، ومنع بعض الجماعات المؤيدة للفلسطينيين من الوصول إلى الجامعات، وفصل أعضاء هيئة التدريس) والحرب القانونية (رفع دعاوى مدنية، وتحديد الأجانب المعرضين للترحيل). وشملت المبادرات الأخرى خططًا لحشد الدعم من جهات إنفاذ القانون على مستوى الولايات والمستوى المحلي، و"تهيئة ظروف غير مريحة" تمنع الجماعات من تنظيم الاحتجاجات.

مهندسو إستير

وصرحت كوتس بأن زميليها غرينواي ودانيال فليش شاركا في تأليف مشروع إستير.

وغرينواي، وهو مسؤول كبير سابق في مجلس الأمن القومي، أدار سابقًا معهد اتفاقيات إبراهيم للسلام، وهي منظمة غير ربحية أسسها جاريد كوشنر، وسعت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول أخرى في الشرق الأوسط.

وفليش محلل سياسات في المؤسسة، وقد كتب عن تجربته كيهودي أميركي خدم في الجيش الإسرائيلي.

واستفاد مشروع إستير أيضًا من لجنة استشارية خاصة ضمّت أعضاءً سابقين في مجلس الأمن القومي من إدارة ترمب الأولى، لم تُكشف عن هويتهم، على حد قول السيدة كوتس. وأضافت أن خبرتهم "أوجدت منتجًا أكثر إقناعًا" ومنحت الخطة "قوةً ومضمونًا أكبر بكثير مما كنا لنحصل عليه لولا ذلك".

وتحمل كوتس ثلاث درجات علمية في تاريخ فن عصر النهضة الإيطالي، وكانت تخطط لأن تكون أكاديمية محترفة حتى شعرت بعدم الارتياح لما وصفته بـ"نظرة عالمية معادية للغرب" في جامعتها الأم، جامعة بنسلفانيا.

وأدى تدوينها عن الدفاع الصاروخي إلى حصولها على وظيفة لدى وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد، ثم إلى أدوار مع سياسيين جمهوريين آخرين قبل انضمامها إلى فريق ترمب، وشغلها مناصب مختلفة في مجال الأمن القومي في إدارته الأولى.

قبل شهرين من السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أصبحت كوتس نائبة رئيس قسم في مؤسسة هيريتيج يُركز على السياسة الخارجية والأمن القومي. لكن اهتمامها بإسرائيل، وبمكافحة معاداة السامية، سبق هذا الدور بكثير، على حد قولها. وتعود جذوره إلى جدها، الذي شارك في "غزو يوم النصر" خلال الحرب العالمية الثانية. وقالت: "أنحدر من سلالة من صائدي النازيين".

وفي كتابها الصادر مؤخرًا بعنوان "معركة الدولة اليهودية"، كتبت كوتس، التي وصفت نفسها بأنها "مسيحية ومتدينة"، أن "القيم التوراتية التي ترتكز عليها حضارتنا لطالما عززت التحالف بين المسيحيين واليهود". 

لكنها قالت إن آراءها بشأن إسرائيل تستند إلى نهج "أميركا أولاً" الذي يعترف بدور إسرائيل في تعزيز المصالح الأمنية الأميركية في الشرق الأوسط. 

وأضافت أنها زارت إسرائيل كثيرًا لدرجة أنها "لا تعرف" عدد المرات التي زارتها فيها. ويضم مكتبها مجموعة من تماثيل رئيس الوزراء الإسرائيلي.

تابع القراءة

المصادر

ترجمات