حذّرت دراسة علمية واسعة نشرتها المجلة البريطانية لطب العيون، من أنّ أكثر من طفل من بين ثلاثة أطفال ومراهقين حول العالم يُعانون من قصر النظر، حيث من المتوقّع أن يصل عدد حالات قصر النظر في جميع أنحاء العالم إلى أكثر من 740 مليون حالة بحلول عام 2050.
وعزّزت هذه الدراسة الدعوات إلى تقليل وقت استخدام الشاشات وزيادة النشاط البدني وخصوصًا للأطفال، بعدما أصبحت مشكلة كبيرة في السنوات الأخيرة، وفقًا لصحيفة "الغارديان" البريطانية.
ما هو قصر النظر؟ وكيف يتمّ تشخيصه؟
قصر النظر هو حالة طبية تُصيب العين، حيث لا يستطيع الشخص رؤية الأشياء البعيدة بوضوح.
وأوضحت الدكتورة أنيغريت دالمان نور، استشارية طب عيون الأطفال في مستشفى مورفيلدز للعيون، أنّ الآباء أو المعلمين هم أول من يرصد قصر النظر عند الأطفال لأول مرة، وذلك حينما يمسك الطفل الأشياء بالقرب من الوجه ليراها بشكل أفضل أو يجلس بالقرب من التلفاز، أو لا يُمكنه قراءة الكتابة على الصبورة إلا عندما يجلس في مقدمة الفصل الدراسي.
من جهته، ذكر البروفيسور كريس هاموند استشاري طب عيون الأطفال في مؤسسة "غايز آند سانت توماس"، التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، أنّ تشخيص قصر النظر يتمّ من قِبل أخصائي العيون عبر فحص الرؤية والقياس لتحديد النظارات المناسبة للشخص.
وقال هاموند: "قد يحتاج الأطفال دون السادسة من العمر، إلى قطرات لتوسيع العين من أجل الحصول على تشخيص دقيق لمعرفة ما إذا كانوا يعانون من قصر أو طول النظر. وغالبًا لا يحتاج الأطفال الأكبر سنًا إلى هذه القطرات".
ما هو علاج قصر النظر؟
على الرغم من أنّ العلاج المباشر لقصر النظر هو ارتداء النظارات أو العدسات اللاصقة لتصحيح الرؤية، إلا أنّ الأمر غالبًا ما يزداد سوءًا مع تقدّم العمر.
وفي هذا الإطار، قال هاموند: "يزداد خطر حدوث مشاكل تُهدّد البصر على المدى الطويل مع التقدّم في العمر كثيرًا، خاصّة عندما يحدث قصر النظر عند الأطفال قبل سنّ العاشرة".
وأشار إلى أنّ نمو مقلة العين (السبب المؤدي إلى قصر النظر) يتباطأ خلال المراهقة ويتوقّف بشكل تام بين سن الـ20 والـ25.
وعن العلاجات، قال: "هناك علاجات حاليًا تُحاول التحكّم في تطوّر قصر النظر مثل استخدام عدسات خاصة في النظارات أو العدسات اللاصقة اللينة ثنائية التركيز أو العدسات اللاصقة الصلبة التي يتم ارتداؤها ليلًا (تقويم القرنية)".
وقال أخصائي قصر النظر هافين شاه لصحيفة "الغارديان"، إنّ خيارات العلاج "كان لها تأثير كبير في إبطاء معدل تغيّر قصر النظر".
ما هو الرابط بين قصر النظر والشاشات؟
وأوضح شاه أنّ تركيز الطفل بعينيه على الأشياء من مسافة قريبة "يزيد من معدل تطوّر قصر النظر، مضيفًا أنّ المخاطر قد تشمل أيضًا القراءة أكثر من اللازم وحمل الكتب بالقرب من العيون.
أما هاموند، فكشف أنّه بصرف النظر عن وجود تاريخ عائلي لقصر النظر، فإن عوامل الخطر الرئيسية هي كثرة العمل عن قرب وعدم قضاء وقت كاف في الهواء الطلق.
كما أشارت العديد من الدراسات إلى أنّ "الإغلاقات خلال وباء كوفيد 19، والزيادة الكبيرة في الوقت المخصّص لاستخدام الأطفال للشاشات وتراجع المدة التي يقضونها في الهواء الطلق، تسبّب في ارتفاع كبير في عدد الأطفال الذين يعانون من قصر النظر".
ما هي التحديات التي يُواجهها الأطباء في علاج قصر النظر؟
بالنسبة لشاه، تتمثّل التحديات الرئيسية في زيادة الوعي بهذه الحالة بين الآباء وتغيير أنماط حياة الأطفال، إضافة إلى زيادة الوعي بالخيارات المختلفة لإدارة قصر النظر، بدلًا من علاجه فقط.
وأضاف أنّ "التحدي الآخر هو أنّ الإصابة بقصر النظر تزيد من خطر الإصابة بأمراض العين لدى البالغين، بما في ذلك انفصال الشبكية، والزرق (الماء الزرقاء)، وإعتام عدسة العين".
بينما قالت نور إنّ أسلوب حياتنا الحضري المتزايد يمثل أيضًا تحديًا في علاج قصر النظر، مشيرة إلى أنّ الأطفال الصغار لديهم فرصة متدنية للتعرّض لأشعة الشمس وقضاء الوقت في الهواء الطلق، رغم أنّ التعرض لأشعة الشمس الخارجية يؤخر ظهور قصر النظر ويبطئ تطوره.
وقال هاموند: "هناك حاجة إلى مواصلة البحث في عوامل الخطر والعلاجات الأحدث الأكثر فعالية، حيث إنّ العلاجات الحالية لا تؤدي إلا إلى إبطاء تطوّر قصر النظر بنحو 50% إلى 60% في المتوسط".
ما هي الخطوات لمنع الأطفال من الإصابة بقصر النظر؟
يوصي هاموند بأن يتعرّض الأطفال لـ14 ساعة أسبوعيًا خارج المنزل إما للرياضة أو الترفيه، وتجنّب استخدام الأطفال دون العامين للشاشات، بحيث يقتصر الأمر على ساعة واحدة يوميًا حتى سنّ الخامسة، ثم ساعتين يوميًا حتى سن 12 عامًا".
وعند استخدام الشاشات والقراءة، يوصي هاموند بـ"تشجيع الأطفال على أخذ فترات راحة كل 20 دقيقة، والقيام ببعض الأنشطة العائلية المشتركة في الهواء الطلق".
وإذا كان هناك تاريخ عائلي في قصر النظر، فيجب إجراء فحص للعيون سنويًا.