الثلاثاء 23 أبريل / أبريل 2024

يعود تاريخه إلى الحرب الأهلية الأميركية.. ماذا نعرف عن منطاد التجسس؟

يعود تاريخه إلى الحرب الأهلية الأميركية.. ماذا نعرف عن منطاد التجسس؟

Changed

تقرير لـ"العربي" يرصد استعراض الصين قدراتها العسكرية، وتحذيراتها لواشنطن من التدخل في تايوان (الصورة: تويتر)
يعتبر استخدام مناطيد التجسّس ممارسة شائعة تعود إلى منتصف القرن الماضي، ومن المرجّح أن يزداد استخدامها في المستقبل.

أكدت الصين، اليوم الجمعة، أنها "تتحقّق" من تقارير أميركية حول تحليق منطاد تجسّس صيني فوق الولايات المتحدة، محذّرة من أي "مغالاة" بهذا الخصوص.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نيغ، خلال مؤتمر صحفي: "نتحقق من ذلك، وإلى حين اتضاح الوقائع، لن تفيد الاستنتاجات المجتزأة والمغالاة".

وأفادت وزارة الدفاع الأميركية بأنها تتعقّب منطاد تجسس صينيًا يحلق على ارتفاع عال فوق الولايات المتحدة منذ يومين، قبل رحلة مقررة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين إلى بكين في 5 و6 من الشهر الحالي.

وتُعتبر ولاية مونتانا الأميركية، التي تم رصد المنطاد في سمائها، مركزًا لقواعد جوية حساسة وصواريخ نووية إستراتيجية موجودة في منشآت تحت الأرض.

وبعد ساعات قليلة من الإعلان الأميركي، أكدت كندا أنها رصدت منطادًا يشتبه في أنه يقوم بمهام تجسس فوق أراضيها.

وبعكس الولايات المتحدة، أحجمت أوتاوا عن ذكر الصين.

وتصاعد التوتر بين بكين وواشنطن في الآونة الأخيرة، في ظل خلافات حول تايوان، وسجل الصين في مجال حقوق الإنسان، ونشاطها العسكري في بحر الصين الجنوبي.

ما هي مناطيد التجسّس؟

وتُعد مناطيد التجسس من معدّات التجسس؛ على سبيل المثال كاميرا معلقة في منطاد يحلّق فوق منطقة معينة، تحمله تيارات الرياح. وقد تشتمل المعدات المرفقة بالمنطاد على رادار وتعمل بالطاقة الشمسية.

وتعمل المناطيد عادة على ارتفاع يتراوح بين 24 ألف متر و37 ألف متر (80 ألف إلى 120 ألف قدم)؛ وهو ارتفاع أعلى بكثير من الحركة الجوية التجارية حيث لا تطير الطائرات على ارتفاع يزيد عن 12 ألف متر.

متى استُخدمت لأول مرة؟

يعتبر استخدام مناطيد عالية الارتفاع للتجسس والمهام العسكرية الأخرى، ممارسة شائعة تعود إلى منتصف القرن الماضي.

وأوضح جون بلاكسلاند، أستاذ دراسات الأمن الدولي والاستخبارات في الجامعة الوطنية الأسترالية، لصحيفة "الغارديان" البريطانية، أنه تمّ استخدام مناطيد التجسّس لأول مرة في ستينيات القرن التاسع عشر أثناء الحرب الأهلية الأميركية.

وقال إن رجال الاتحاد كانوا يحاولون حينها جمع معلومات حول نشاط الكونفدرالية بعيدًا. وأرسلوا إشارات عبر رمز مورس أو "قطعة ورق مربوطة بحجر".

وخلال الحرب العالمية الثانية، حاول الجيش الياباني إطلاق قنابل حارقة على الأراضي الأميركية باستخدام مناطيد مصمّمة للتحليق في التيارات الهوائية النفّاثة. ولم تتضرر أهداف عسكرية، لكن العديد من المدنيين قتلوا عندما تحطّم منطاد في غابة أوريغون.

منطاد ياباني مع قنابل مثبتة به عُثر عليه بالقرب من كانساس في 23 فبراير 1945
منطاد ياباني مع قنابل مثبتة به عُثر عليه بالقرب من كانساس في 23 فبراير 1945- موقع "انسايدر"

وبعد الحرب العالمية الثانية مباشرة، بدأ الجيش الأميركي باستكشاف استخدام مناطيد التجسس على ارتفاعات عالية، مما أدى إلى سلسلة من المهام واسعة النطاق تسمى مشروع "جينيتريكس".

وتفيد وثائق حكومية بأن المشروع قام بنقل مناطيد للتصوير فوق أراضي الاتحاد السوفيتي خلال الخمسينيات من القرن الماضي.

من جهته، قال كريغ سينغلتون، الخبير الصيني في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، لوكالة "رويترز"، إن الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي استخدما هذه المناطيد على نطاق واسع خلال الحرب الباردة، وكانت وسيلة منخفضة التكلفة لجمع المعلومات الاستخباراتية.

بدورها، ذكرت الغارديان" أن الولايات المتحدة أعادت إحياء الفكرة في السنوات الأخيرة، لكنها تميل إلى استخدام المناطيد على الأراضي الأميركية فقط.

لماذا يتمّ استخدام مناطيد التجسس بدلًا من الأقمار الصناعية؟

أوضح بلاكسلاند أنه "على مدى العقود القليلة الماضية، كانت الأقمار الصناعية هي الحل للتجسّس، إلا أنه بعد اختراع الليزر أو الأسلحة الحركية لاستهداف الأقمار الصناعية، بدأ الاهتمام مجددًا بالمناطيد"، مضيفًا أنها "لا تقدّم المستوى نفسه من المراقبة المستمرة مثل الأقمار الصناعية، ولكنها أسهل في الاسترداد، وأرخص بكثير في الإطلاق".

من جانبها، أوضحت كلية القيادة الجوية والأركان التابعة للقوات الجوية الأميركية، في تقرير عام 2009، أن المناطيد تتميّز بالقدرة على مسح المزيد من الأراضي من ارتفاع منخفض، والقدرة على قضاء المزيد من الوقت فوق منطقة معينة لأنها تتحرك ببطء أكثر من الأقمار الصناعية.

وذكرت دراسة أُجريت عام 2005 لصالح معهد أبحاث القوة الجوية التابع لسلاح الجو الأميركي، أنه "لا يتم توجيه المناطيد بشكل مباشر، ولكن يمكن توجيهها تقريبًا إلى منطقة مستهدفة عن طريق تغيير الارتفاعات لالتقاط تيارات رياح مختلفة".

ما هو هدف الصين؟

يعتقد بلاكسلاند أن الصين ربما هدفت إلى الإمساك بالمنطاد، مع الأخذ بالاعتبار نقطتين أساسيتين، هما:

أولًا- إحراج الولايات المتحدة، حيث قال: "من الصعب التفكير كيف كان من الممكن أن يظنوا أنه لن يتم اكتشافه. فالمجال الجوي الأميركي يخضع للمراقبة عن كثب، من قبل سلطات الطيران المدني، والقوات الجوية، وقوة الفضاء".

ثانيًا- جعل الولايات المتحدة تدرك أن الصين تُواكب سرًا تقنيتها وتُكرّرها. وفي هذا الإطار، أشار بلاكسلاند إلى أن "وكالات الأمن الصينية بارعة في التقليد". وأضاف: "إنهم جيدون جدًا في تحديد ماهية التكنولوجيا، ثم يسعون إلى تكرارها".

إلى ذلك، اعتبر ألكسندر نيل، المحلل الأمني في مركز أبحاث منتدى المحيط الهادئ في هاواي، في حديثه لوكالة "رويترز"، أن المنطاد سيكون مصدر توتر جديد في العلاقات الصينية-الأميركية، مرجّحًا أن يكون ذا قيمة استخباراتية محدودة مقارنة بالعناصر الأخرى الموجودة تحت تصرف الجيش الصيني الحديث، من أقمار التجسس والأقمار الصناعية العسكرية التي تعتبر أكثر أهمية وفعالية لمراقبة الولايات المتحدة.

وعمّا يمكن توقّعه في المستقبل، قال بلاكسلاند: "لا يوجد حدّ لنوع التكنولوجيا التي يمكن لصقها في الجزء السفلي من المنطاد"، مضيفًا أنه نظرًا لأن الفضاء أصبح الآن مزدحمًا ومتنازعًا عليه، تمّ اللجوء مجددًا إلى مجال الغلاف الجوي العلوي باعتباره أداة مهمة للمراقبة الدولية والتجسّس التي يبدو أنها عادت إلى الصدارة".

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close