الأربعاء 17 أبريل / أبريل 2024

يفتك بطلاب المدارس.. "قصر النظر" جائحة العصر

يفتك بطلاب المدارس.. "قصر النظر" جائحة العصر

Changed

شرح الاختصاصي في طب وجراحة العيون طارق الآلوسي قصر النظر وأسبابه وعلاجه (الصورة: إيكونوميست)
تشير الأدلة العلمية إلى أن التعرّض المنتظم لضوء النهار الساطع أمر حيوي في التحكم بشكل صحيح في نمو عيون الأطفال، وأن قلة الضوء تؤدي إلى طول وقصر النظر.

على الرغم من نجاح دول العالم في التغلّب بشكل شبه كامل على أمراض فتاكة على غرار الكوليرا والملاريا والسل، إلا أنها تواجه أمراضًا جديدة مرتبطة بأنماط الحياة العصرية.

وإذا كان الطعام الرخيص والغني بالسعرات الحرارية قد قضى على المجاعة في العالم الغني، إلا أنه يشجع على الإصابة بمرض السكري. وإذا كانت الوظائف المستقرة، والوظائف المكتبية أقل صعوبة من العمل اليدوي، إلا أنها تعزّز السمنة وأمراض القلب.

وكشفت صحيفة "إيكونوميست" أنه حتى التعليم ليس دائمًا سلعة خالية من الشوائب، حيث تحوّل "قصر النظر" لدى الطلاب إلى "وباء العصر".

وأشار الاختصاصي في طب وجراحة العيون طارق الألوسي في حديث إلى "العربي" من الرباط إلى أن السبب الرئيس لقِصر النظر يعود إلى عدم قدرة العين على جعل الصورة المرئية ثابتة ومركزة على سطح الشبكية.

انتشار مذهل في آسيا

وأوضحت المجلة أنه على مدى العقود القليلة الماضية، شهدت منطقة شرق آسيا ارتفاعًا كبيرًا في معدل "قصر النظر"، حيث أشارت مجموعة متزايدة من الأدلة إلى أن السبب الرئيسي وراء ذلك هو التعليم، خاصة أن الأطفال يقضون أجزاء كبيرة من اليوم في فصول دراسية مضاءة بشكل خافت نسبيًا.

وقبل فترات الازدهار الاقتصادي التي بدأت في الستينيات كان "قصر النظر" غير شائع في شرق آسيا، أما الآن فيكاد يكون منتشرًا في كل مكان بين الفئات العمرية الصغيرة.

ففي هونغ كونغ وسنغافورة وتايبيه، يعاني أكثر من 80% ممن أنهوا دراستهم من "قصر النظر".

أما في سول، فيعاني 9 من بين كل 10 شبان صغار من قصر النظر. وأظهرت بيانات من مناطق صينية بعيدة، مثل جوان جو في الجنوب، ومنغوليا في الشمال، معدلات تصل إلى حوالي 80% أيضًا.

الغرب ليس محصنًا

وذكرت الصحيفة أنه إذا كانت منطقة شرق آسيا هي مركز الوباء، فإن الدول الغربية ليس محصنة، إذ تشير الدراسات إلى معدلات إصابة بقصر النظر تتراوح بين 20% و 40% في أوروبا، وهي نسبة أعلى من الوضع الطبيعي للأمور، و59% في الفئة العمرية بين 17 إلى 19 عامًا في الولايات المتحدة.

وأكدت المجلة أن قصر النظر قد لا يكون أسوأ الأمراض التي يعانيها الإنسان، لكنّه بالتأكيد ليس مرضًا حميدًا، مشيرة إلى ارتفاع تكلفة النظارت الطبية والعدسات اللاصقة، خاصّة بالنسبة للعائلات التي تكافح من أجل قوت يومها؛ كما أنه يتسبّب بأمراض العيون الأخرى في منتصف العمر، التي يمكن أن يتسبّب بعضها في فقدان البصر غير القابل للعلاج.

وتشعر الحكومات في آسيا بقلق متزايد بشأن الآثار المترتبة على الصحة العامة لأجيال كاملة نشأت وهي تعاني من قصر النظر.

وتشير الأدلة العلمية إلى أن التعرّض المنتظم لضوء النهار الساطع أمر حيوي في التحكم بشكل صحيح في نمو عيون الأطفال، وأن قلة الضوء تؤدي إلى طول وقصر النظر.

ويعتقد الباحثون أن هذا يفسّر سبب ارتفاع معدلات الإصابة بقصر النظر في آسيا، حيث يؤدي التركيز الثقافي القوي على قيمة التعليم إلى أيام دراسية طويلة، وفي كثير من الأحيان، دروس خصوصية في فترة ما بعد الظهر والمساء، ما يترك القليل من الوقت لأشعة الشمس.

قد تتمكّن قطرات العين الخاصة، وكذلك النظارات والعدسات اللاصقة الذكية، من إبطاء تطوّر قصر النظر بمجرد أن يبدأ، لكن الوقاية خير من التخفيف.

ولذلك يقترح العلماء إجراءً رخيصًا ومباشرًا، يكمن في ضرورة بقاء الأطفال خارج قاعات الدراسة، أي في الهواء الطلق لأوقات طويلة.

وأظهرت سلسلة من التجارب المشجعة، التي أجري العديد منها في تايوان، أن منح أطفال المدارس وخاصة تلاميذ التعليم الابتدائي مزيدًا من الوقت في الخارج يمكن أن يقلل معدلات الإصابة بقصر النظر. وبالفعل، استطاعت تايوان عكس الارتفاع المستمر منذ عقود في معدلات قصر النظر.

كما نجحت دول مثل فنلندا والسويد في تصنيفات التعليم العالمية مع اتباع نهج أقل كثافة في التعليم.

وأضافت المجلة أن العمل الجماعي للحكومات يمكن أن يحلّ المشكلة مع طمأنة الآباء القلقين بأن قضاء أبنائهم وقتًا أقل في الفصل الدراسي "لن يكون كارثيًا" على تعليمهم، مع تركيز التعليم في قاعات الدراسة على سنوات المراهقة، كما أن البقاء لأوقات طويلة في الملاعب مثلًا يمكن أن يحل مشكلات أخرى مرتبطة بعصرنا الحالي مثل السمنة.

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close