الثلاثاء 15 تموز / يوليو 2025
Close

37 مليون هارب إلى الأمل.. هل يمكن احتواء أزمة اللجوء في العالم؟

37 مليون هارب إلى الأمل.. هل يمكن احتواء أزمة اللجوء في العالم؟ محدث 20 حزيران 2025

شارك القصة

لجأ السوريون إلى أكثر من 130 دولة جراء الحرب- غيتي
لجأ السوريون إلى أكثر من 130 دولة جراء الحرب - غيتي
الخط
رصدت الأمم المتحدة 123.2 مليون نازح في العالم في نهاية 2024 بينهم 36.8 مليون لاجئ وذلك نتيجة للاضطهاد أو الصراع أو العنف أو انتهاكات حقوق الإنسان.

تُعدّ أزمة اللجوء العالمية إحدى أكثر القضايا الإنسانية تعقيدًا وإلحاحًا في عصرنا الراهن. فبينما تتوالى الأزمات والصراعات يجد الملايين من البشر أنفسهم مرغمين على ترك ديارهم بحثًا عن الأمان المفقود وراء الحدود. ويحفل سجل اللجوء بقصص إنسانية مؤلمة لأفراد وعائلات شردتهم الحروب أو الاضطهاد أو الكوارث الطبيعية أو الفقر المدقع. 

وفي اليوم العالمي للاجئ، الذي يصادف 20 يونيو/ حزيران من كل عام، تطلق الأمم المتحدة دعوة للعمل والتعاطف مع اللاجئين حول العالم. وتحتفي بقوة وشجاعة الأشخاص الذين أُجبروا على الفرار من أوطانهم هربًا من الصراعات أو الاضطهاد، تحت شعار "التضامن مع اللاجئين". وتقول الأمم المتحدة: "لا يسعى اللاجئون إلى إحسان بل إلى الفرص".  

واللاجئ هو شخص فرّ من وطنه بسبب "خوف مُبرَّر من الاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية مُعيَّنة أو رأيه السياسي"، وفقًا لاتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951. ويلجأ العديد من اللاجئين إلى المنفى هربًا من آثار الكوارث الطبيعية أو التي من صنع الإنسان.

اتفاقية اللاجئين لعام 1951

يُعدّ اللاجئون من بين أكثر الفئات ضعفًا في العالم. وتساعد اتفاقية اللاجئين لعام 1951 وبروتوكولها لعام 1967 على حمايتهم. وهما الصكان القانونيان العالميان الوحيدان اللذان يغطيان صراحة أهم جوانب حياة اللاجئ. ووفقًا لأحكامهما، يستحق اللاجئون، كحد أدنى، نفس معايير المعاملة التي يتمتع بها غيرهم من الرعايا الأجانب في بلد معين، وفي كثير من الحالات، نفس معاملة المواطنين.

تستضيف البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل 73% من لاجئي العالم - غيتي
تستضيف البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل 73% من لاجئي العالم - غيتي

تتضمن اتفاقية عام 1951 عددًا من الحقوق، كما تُسلّط الضوء على التزامات اللاجئين تجاه بلدهم المضيف. ويُعدّ مبدأ عدم الإعادة القسرية حجر الزاوية في اتفاقية عام 1951. ووفقًا لهذا المبدأ، لا ينبغي إعادة اللاجئ إلى بلد يواجه فيه تهديدات خطيرة لحياته أو حريته. ولا يجوز للاجئين الذين يُعتبرون، لأسباب معقولة، خطرًا على أمن البلد، أو الذين أُدينوا بارتكاب جريمة خطيرة للغاية، ويُعتبرون خطرًا على المجتمع، المطالبة بهذه الحماية.

نحو 37 مليون لاجئ

ورصدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في نهاية 2024، 123.2 مليون نازح في العالم بينهم 36.8 مليون لاجئ، وذلك نتيجة للاضطهاد أو الصراع أو العنف أو انتهاكات حقوق الإنسان أو الأحداث التي تخل بالنظام العام بشكل خطير.

ويعيش 67% منهم وغيرهم من الأشخاص المحتاجين إلى الحماية الدولية في بلدان مجاورة لبلدانهم الأصلية.

ولجأ نحو 69% منهم من خمس دول هي فنزويلا (6.2 مليون) وسوريا (6 مليون) وأفغانستان (5.8 مليون) وأوكرانيا (5.1 مليون لاجئ) وجنوب السودان (2.3 مليون). 

كما استضافت إيران وتركيا وكولومبيا وألمانيا وأوغندا أكثر من ثلث اللاجئين وغيرهم من الأشخاص المحتاجين إلى الحماية الدولية في العالم.

وتستضيف البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل 73% من لاجئي العالم وغيرهم من المحتاجين إلى الحماية الدولية. وقد منحت البلدان الأقل نموًا اللجوء لـ23% من إجمالي اللاجئين، بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. 

كما ولد بين عامي 2018 و2024، ما معدله 337,800 طفل لاجئ سنويًا. وبحلول نهاية عام 2024، من بين 123.2 مليون نازح قسرًا، من المتوقع أن يكون 49 مليونًا (40%) من الأطفال دون سن 18 عامًا. كما أُبلغ عن بيانات لنحو 4.4 مليون شخصٍ عديم الجنسية يقيمون في 101 دولة، فيما يُقدَّر أن الرقم العالمي الحقيقي أعلى بكثير.

عبر أكثر من مليون شخص من أوكرانيا إلى الدول المجاورة في المنطقة جراء الهجوم الروسي- غيتي
عبر أكثر من مليون شخص من أوكرانيا إلى الدول المجاورة في المنطقة جراء الهجوم الروسي- غيتي

وبالمقارنة مع عقد مضى، تضاعف العدد الإجمالي للاجئين تحت ولاية مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ليصل إلى 36.8 مليون لاجئ بنهاية عام 2024.

وانخفض عدد اللاجئين الأفغان والسوريين في عام 2024، وارتفع عدد الفنزويليين اللاجئين (370,200) أو غيرهم من المحتاجين إلى حماية دولية (5.9 مليون)، بنسبة 2% عن العام السابق.

أوروبا وجهة اللجوء الأولى

لا تزال أوروبا من بين المناطق التي تضم أكبر عدد من النازحين عالميًا، إذ تستضيف 13.2 مليون لاجئ، منهم أكثر من 6.2 مليون لاجئ من أوكرانيا. وبحلول منتصف عام 2024، كانت ألمانيا وتركيا من بين الدول التي تضم أكبر عدد من اللاجئين وطالبي اللجوء، إذ استضافتا أكثر من 3 ملايين و3.3 مليون لاجئ على التوالي.

وفي عام 2024، وصل 199 ألف لاجئ إلى أوروبا عبر البحر، وقد قتل أو اختفى نحو 3530 شخصًا. ومنذ بداية عام 2025، ووصل إلى أوروبا 61262 لاجئ، بينهم 58570 لاجئ وصلوا عبر البحر، فيما توفي أو قتل 517 شخصًا، بحسب الأمم المتحدة.

فبسبب الجوع والفقر المدقع وتزايد خطر تغير المناخ، بالإضافة إلى العنف والصراع والاضطهاد، لا يترك للناس أي خيار سوى الفرار. وكثيرًا ما يُجبرون على البحث عن ملجأ في بلدان أخرى حيث قد يواجهون المزيد من التمييز ومشاكل مماثلة ناجمة عن عدم القبول.

وتشير منظمة "أوكسفام" إلى أن النساء والفتيات يتأثرن أكثر من غيرهن، فهن أكثر عرضة لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي، بينما تكون النساء اللاجئات أكثر عرضة للعنف الجنسي بمرتين.

وصل 199 ألف لاجئ إلى أوروبا عبر البحر في عام 2024-  غيتي
وصل 199 ألف لاجئ إلى أوروبا عبر البحر في عام 2024- غيتي

الأزمة السورية

وفي عام 2015، سجّلت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين 16,1 مليون لاجئ حول العالم. وخلال السنوات العشر الماضية، تضاعف هذا العدد تقريبًا. فقد شهد العقد الماضي أحداثًا دفعت بموجات من اللجوء. 

فجراء الحرب في سوريا، لجأ اللاجئون السوريون إلى أكثر من 130 دولة، لكن الغالبية العظمى منهم - أكثر من 5 ملايين - يعيشون في دول مجاورة، مثل تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر. وتستضيف تركيا أكبر عدد من اللاجئين السوريين: 2.8 مليون.

ويعيش حوالي 92% من اللاجئين الذين فروا إلى الدول المجاورة في مناطق ريفية وحضرية، بينما يعيش حوالي 5% فقط في مخيمات اللاجئين. مع ذلك، فإن العيش خارج مخيمات اللاجئين لا يعني بالضرورة النجاح أو الاستقرار. ويعيش أكثر من 70% من اللاجئين السوريين في فقر، مع محدودية الوصول إلى الخدمات الأساسية والتعليم وفرص العمل، وفرص ضئيلة للعودة إلى ديارهم، بحسب الأمم المتحدة. 

أوكرانيا والسودان

وبعد بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022،  ونتيجةً للقصف العنيف والقتال، نزح 3.7 مليون شخص من ديارهم، وعبر 6.9 مليون شخص الحدود إلى الدول المجاورة في المنطقة، بما في ذلك بولندا والمجر ومولدوفا ودول أخرى حول العالم. وقد استقبلت بولندا أكبر عدد من اللاجئين الأوكرانيين، وتستضيف حاليًا ما يقرب من مليون لاجئ.

كما أدى النزاع في السودان بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو، إلى كارثة إنسانية هائلة، مع مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليون شخص. ودفعت الحرب آلاف السودانيين للجوء إلى دولة تشاد المجاورة، كما دفعت تشاديين سبق أن لجأوا إلى السودان هربًا من تمرّد مسلح في بلادهم، للعودة إليها.

وعلى الرغم من الصراع المستمر الذي بدأ في أبريل/ نيسان 2023، لا يزال السودان يستضيف عددًا كبيرًا من اللاجئين، بلغ إجمالي عددهم 837,966 اعتبارًا من 31 ديسمبر/ كانون الأول 2024، علمًا أنّ معظم هؤلاء اللاجئين من جنوب السودان (73.2%)، تليها إريتريا (15.8%)، ثم إثيوبيا (8.3%).

أوجد تغير المناخ أزمات نزوح في العالم- غيتي
أوجد تغير المناخ أزمات نزوح في العالم- غيتي

ومن بين اللاجئين، انتقل 266,149 لاجئًا إلى مناطق أكثر أمانًا داخل السودان. وبينما غادر 3.2 مليون لاجئ السودان إلى دول مجاورة، لا يزال السودان بلدًا مُرحِّبًا باللجوء، مع وصول 11,718 وافدًا جديدًا في عام 2024، معظمهم من إريتريا وإثيوبيا وجنوب السودان. ويُقيم 69% من اللاجئين في مخيمات، بينما يعيش 31% الباقون خارجها. تُشكِّل الإناث 51% من إجمالي اللاجئين، بينما يُشكِّل الذكور 49%.

وفي ميانمار، دفع تعرض أقلية الروهينا المسلمة في ولاية راخين للاضطهاد والعنف، ما يقرب من مليون شخص للفرار إلى بنغلاديش، حيث يعيشون في مخيمات مكتظة. وقد وصفت الأمم المتحدة الروهينغا بأنهم "الأقلية الأكثر تعرضًا للاضطهاد في العالم".

اللجوء جراء تغير المناخ

وبالنسبة للعديد من اللاجئين، يعد تغير المناخ دافعًا للنزوح، وهو العامل الذي يجعل بقاءهم على قيد الحياة أكثر صعوبة في مكان سكنهم. 

ويُقدر عدد النازحين سنويًا بسبب الكوارث المرتبطة بالمناخ بنحو 30 مليون شخص. في عام 2022، كانت 53% من جميع حالات النزوح الداخلي ناجمة عن الكوارث، مع ارتباط 98% منها بتغير المناخ، بحسب موقع "كونسرن وورلد وايد"

وتُعدّ الكوارث المفاجئة، بما في ذلك الأعاصير والزوابع وأمواج التسونامي والجفاف، من العوامل الرئيسية المؤثرة. ومع ذلك، ليست هذه هي الطريقة الوحيدة التي أثّر بها تغير المناخ على أزمة النزوح: فالمنفعة المركبة لتغير المناخ تعني أن الناس غادروا ديارهم أيضًا بسبب نقص المياه، وتزايد الجوع، وغيرها من العوائق أمام الموارد الطبيعية الضرورية.

وجعل تغير المناخ أجزاءً مكتظة من العالم غير صالحة للسكن. ففي بنغلاديش، التي يقع 75% من أراضيها تحت مستوى سطح البحر، أدى ارتفاع منسوب مياه المحيطات إلى اقتلاع 25.9 مليون شخص من جذورهم وتضررهم. 

وتشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2050، فإن ارتفاع منسوب مياه البحر سوف يغمر 17% أخرى من البلاد، مما يؤدي إلى نزوح 20 مليون شخص آخرين.

تابع القراءة

المصادر

موقع التلفزيون العربي / ترجمات