الأربعاء 9 تموز / يوليو 2025
Close

5 خيارات لتدمير منشأة فوردو.. كيف سيؤثر التدخّل الأميركي على مسار الحرب؟

5 خيارات لتدمير منشأة فوردو.. كيف سيؤثر التدخّل الأميركي على مسار الحرب؟ محدث 21 حزيران 2025

شارك القصة

ما هي خيارات تل أبيب وواشنطن لضرب منشأة فوردو الإيرانية؟
ما هي خيارات تل أبيب وواشنطن لضرب منشأة فوردو الإيرانية؟- Air National Guard
الخط
يتمثّل التحدي الذي يواجهه ترمب الآن في الموازنة بين مخاوفه من احتمال الانجرار إلى صراع جديد في الشرق الأوسط ورغبته في نزع سلاح إيران.

يختبر العالم حاليًا واحدًا من أكبر الصراعات في الشرق الأوسط التي تُهدّد بتدحرج الأمور إلى حرب إقليمية أو عالمية أوسع، مع تهديد واشنطن بالتدخّل في المواجهة غير المسبوقة بين إسرائيل وتل أبيب التي اندلعت في 13 يونيو/ حزيران الحالي.

وشنّت تل أبيب عداونها على إيران بزعم القضاء على القدرات النووية والصاروخية لإيران، بعد أن فشلت المفاوضات التي عقدتها إدارة الرئيس دونالد ترمب مع طهران في التوصّل إلى اتفاق نووي جديد.

وألحقت تل أبيب العديد من الخسائر بالمنشآت النووية الإيرانية، بينما تبقى منشأة فوردو الهدف الأساسي لكل من إسرائيل والولايات المتحدة.

وفي هذا الإطار، ألمح السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة يحيئيل ليتر إلى خيارات تدرسها تل أبيب لتدمير منشأة فوردو.

وقال ليتر لقناة" إيه بي سي نيوز" الأحد الماضي، إنّ لدى إسرائيل "العديد من الخيارات الطارئة" التي ستمكّنها من التعامل مع فوردو، مضيفًا: "لا يعتمد كل شيء على الإقلاع والقصف من بعيد".

ورغم أنّ الرئيس الأميركي أرجأ قراره بالتدخّل المباشر في الحرب عبر استهداف منشأة فوردو، إفساحًا في المجال أمام المفاوضات، إلا أنّ هذا الخيار "متاح خلال الأسبوعين المقبلين" وفقًا له.

ومع تصاعد فرص التدخّل الأميركي في الحرب، تبرز التساؤلات حول خيارات تل أبيب وواشنطن لضرب منشأة فوردو، وتداعيات ذلك على فرص إنهاء الحرب، وعمّا إذا كان انخراط واشنطن بالحرب أمر جيّد بالنظر إلى تاريخها السابق في المنطقة.

ما هي خيارات استهداف منشأة فوردو النووية الإيرانية؟

يُشير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) إلى خمسة خيارات على الأقل لتدمير منشأة فوردو، وإن كان سيكون لجميعها درجات متفاوتة من التأثير على البرنامج النووي الإيراني، إلى جانب مخاطر فريدة من نوعها للتصعيد وردّ الفعل الدولي.

1- قنبلة "GBU-57" والدعم الأميركي

تسعى إسرائيل إلى جرّ إدارة ترمب إلى الحرب مع إيران، بسبب حاجتها إلى قنبلة "جي بي يو 57" (GBU-57) الخارقة للتحصينات من أجل تدمير منشأة فوردو.

فالولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي تمتلك هذه القنبلة، والوحيدة التي تمتلك مقاتلة الشبح "بي 2" (B-2 Spirit) القادرة على حمل هذه القنبلة التي يبلغ وزنها 13 طنًا.

لكنّ استخدام القنبلة "GBU-57" يحمل الكثير من المخاطر.

وقد شكّكت مجلة "ايكونوميست" بامكانية نجاح قنبلة "جي بي يو 57" بتدمير منشأة فوردو، بسبب معضلتين أساسيتين هما: الخرسانة فائقة الأداء، والدقّة.

كما أنّ التدخّل الأميركي المباشر على خط الصراع يُشكّل خطرًا حاسمًا آخر يتمثّل في تعرّض القوات الأميركية والسفارات والمصالح الإقليمية للخطر، خاصّة وأنّ طهران هدّدت صراحة باستهدافها.

كما أنّ مثل هذا التدخّل قد يُحفّز جهات فاعلة رئيسية أخرى على التدخّل، ما يُهدّد بالتصعيد إلى ما هو أبعد من إيران.  ولطالما عرضت روسيا حليفة إيران، أن تلعب دورًا في تفكيك البرنامج النووي الإيراني، من خلال الحصول على مخزونها من اليورانيوم المخصّب.

2- استمرار الضربات الإسرائيلية على منشأة فوردو

صحيح أنّ إسرائيل لا تمتلك قنبلة "GBU-57"، لكنّها تحوز على قنبلتي "GBU-28" و"BLU-109"، اللتين تتمتعان بقدرات اختراق تسمح لهما باختراق الأهداف.

واستخدمت تل أبيب قنبلة "GBU-28" في الضربة الأولى التي شنّتها على منشأة فوردو في بداية العدوان، لكن من دون إحداث أضرار جسيمة للمنشأة. كما استخدمت قنبلة "BLU-109" في الحرب على لبنان عام 2024.

لا تستطيع القنابل الإسرائيلية الوصول إلى عمق كافٍ لتدمير منشأة فوردو
لا تستطيع القنابل الإسرائيلية الوصول إلى عمق كافٍ لتدمير منشأة فوردو- نيويورك تايمز

لكن تبيّن أنّ هاتين القنبلتين لا تستطيعان الوصول إلى عمق كافٍ لتدمير منشأة فوردو، وبالتالي تقتصر الأضرار التي يُمكن أن تلحقها على المداخل أو المخارج فوق الأرض وأنظمة التهوية، من دون أن تتمكنا من تدمير منشأة فوردو بالكامل.

وبالتالي، من المحتمل أن تكون منشأة فوردو قادرة على استئناف أنشطة التخصيب في مرحلة ما في المستقبل، وأن تُصبح مركزًا لأنشطة نووية أخرى تأثّرت بالضربات الإسرائيلية، مثل استضافة مخزون إيران النووي الذي يُعتقد أنّه موجود في أصفهان.

من وجهة النظر الأميركية، من الفوائد المحتملة لهذا السيناريو إبعاد الولايات المتحدة عن الدعم العسكري المباشر لإسرائيل وتجنّب التدخّل في المنطقة.

3- العمل التخريبي

لإسرائيل تاريخ طويل وناجح نسبيًا في استخدام التخريب لعرقلة البرنامج النووي الإيراني. وكانت إسرائيل مساهمًا رئيسيًا في هجوم "ستوكسنت" (Stuxnet) الإلكتروني على منشأة نطنز عام 2010، من خلال نشر البرمجيات الخبيثة.

وفي عام 2020، اغتالت إسرائيل العالم النووي الإيراني الرائد محسن فخري زاده باستخدام مدفع رشاش يتمّ التحكّم فيه عن بُعد. كما شملت جهود التخريب الأخرى استخدام سيارات مفخّخة ودراجات نارية مسلحة لاغتيال شخصيات عسكرية ونووية بارزة في إيران.

وهناك على الأقل ثلاث طرق يمكن لإسرائيل أن تستخدمها لتدمير منشأة فوردو بوسائل غير تقليدية، وهي:

  1. قطع إمدادات الكهرباء عن منشأة فوردو على غرار ما فعلته تل أبيب في منشأة نطنز الأسبوع الماضي، والذي كاد وفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن يتسبّب في خروج أجهزة الطرد المركزي عن السيطرة وجعلها غير صالحة للعمل.
  2. شنّ هجوم إلكتروني مماثل لفيروس "ستوكسنت"، لكنّ من المرجّح أن تكون إيران قد اتخذت الاحتياطات اللازمة لتجنّب وقوع هجمات مماثلة في المستقبل.
  3. عملية تخريب ميدانية، تتضمّن إنزال قوات "كوماندوز" في موقع منشأة فوردو بطائرة هليكوبتر واقتحام المنشأة ثم تفجيرها.

والعام الماضي، نفّذت إسرائيل عملية مماثلة بنجاح في سوريا، عندما دمّرت منشأة لإنتاج الصواريخ تابعة لـ"حزب الله" اللبناني.

ووفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، سبق أن عرضت تل أبيب على إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على هذه الخطة.

ومن المرجّح أن تكون تل أبيب قد وضعت خططًا إضافية أكثر تطورًا لتنفيذ عملية ناجحة في المستقبل.

ورغم أنّ هذا الخيار هو الأقل خطرًا للتصعيد الإقليمي، إلا أنّه يحمل مخاطر عالية ايضًا، إذ تُخاطر القوات الإسرائيلية بنشر قواتها على الأرض، نظرًا لوجود قواعد عسكرية إيرانية عديدة بالقرب من المنشأة، إضافة إلى أنّ المنشأة محصّنة بقوة ضدّ أي خرق بشري.

4- استخدام إسرائيل الأسلحة النووية

رغم أنّ إسرائيل قد لا تمتلك الأسلحة التقليدية اللازمة لتدمير منشأة فوردو، إلا أنّها تمتلك القدرة النووية على القيام بذلك، رغم نفيها علنًا امتلاك السلاح النووي.

وصرّح العديد من المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم رئيس الوزراء إسحاق رابين عام 1987، بأنّ إسرائيل لن تكون السبّاقة في إدخال الأسلحة النووية إلى المنطقة، وهو ما كرّره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وقد تُبدي إسرائيل استعدادها لاستخدام الأسلحة النووية أو تصعيد الصراع لتدمير منشأة فوردو، من خلال التلميح إلى هذه القدرات على أمل إجبار إيران على التراجع والعودة إلى المفاوضات.

مع ذلك، ينطوي الخيار النووي على مخاطر عديدة، أهمها مخاطر استخدام الأسلحة النووية واحتمالية العواقب الإنسانية والبيئية الكارثية، إضافة إلى التصعيد الإقليمي.

وفي هذه الحالة، قد تُواجه تل أبيب استنكارًا دوليًا كبيرًا، ما يُقوّض تحالفاتها وشراكاتها التي تُعدّ بالغة الأهمية لجيشها.

5- المسار الدبلوماسي

السيناريو الأخير يتمثّل في العودة إلى الحوار ومحاولة تفكيك البرنامج النووي الإيراني عبر الدبلوماسية، وهو الخيار المفضّل لدى غالبية المجتمع الدولي، بما في ذلك روسيا والصين، إلى جانب العديد من صانعي السياسات الأميركيين.

ولا يتعارض المسار الدبلوماسي مع الخيارات العسكرية المذكورة آنفًا، ومن المفترض أن يكون جزءًا من أي حل طويل الأمد للبرنامج النووي الإيراني.

وفي ضوء الأحداث الأخيرة، أبدت واشنطن نيّتها العودة إلى طاولة المفاوضات مع إيران، بالإضافة إلى انخراط طهران في محادثات مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي.

لكنّ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أكد في الوقت نفسه، أنّه لا يُمكن الحديث عن تفاوض في ظل استمرار العدوان على إيران.

وبينما كانت نقطة الخلاف في المفاوضات السابقة تدور حول إمكانية استمرار إيران في تخصيب اليورانيوم، يبدو من غير المرجّح أن يُغيّر العدوان الإسرائيلي آراء أي من الجانبين بشأن هذه القضية الحاسمة، بل وقد تدفعهما إلى مزيد من التشدّد في معارضتهما.

كيف ستردّ طهران على انخراط واشنطن بالحرب؟

بما أنّ التدخّل الأميركي في الحرب على إيران بات قاب قوسين أو أدنى، تبرز التساؤلات حول ردّ طهران.

ويتمثّل التحدي الذي يواجهه ترمب الآن في الموازنة بين مخاوفه من احتمال الانجرار إلى صراع جديد في الشرق الأوسط ورغبته في نزع سلاح إيران.

وفي هذا الإطار، رأى السفير الأميركي السابق دينيس روس أنّه إذا قرّرت إدارة ترمب استهداف الحد الأقصى لقدرة إيران على امتلاك الأسلحة النووية، "قد يتمّ احتواء الحرب".

لكنّه أضاف في حديث لمجلة "بوليتيكو"، أنّه إذا اختارت الإدارة الأميركية القيام بهجمات أوسع نطاقًا ربما بهدف تغيير النظام، "فقد يشعر قادة إيران أنّ ليس لديهم ما يخسرونه، وبالتالي فانّ أفضل رهان لهم هو إظهار قدرتهم على إجبارنا على دفع ثمن باهظ".

وفي ظل هذه الظروف، توقّع على غرار كروكر، أن "يُهاجم الإيرانيون أهدافًا أميركية حول العالم، إضافة إلى منشآت النفط التابعة لحلفاء واشنطن في المنطقة، وإغلاق مضيق هرمز ما سيؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط، وهو أمر لا تريده إدارة ترمب".

من جهته، قال رايان كروكر الرئيس البارز في الدبلوماسية والأمن في مؤسسة "راند"، أنّ أمام إيران خياران رئيسيان، وهما: العودة إلى إلى المفاوضات مستعدةً للتنازل عن أي قدرة تخصيب، أو الردّ الذي قد يشمل إغلاق مضيق هرمز، أو شنّ هجمات على البنية التحتية للطاقة في الخليج العربي، أو شنّ هجمات على أهداف عسكرية ودبلوماسية أميركية في المنطقة، إما بشكل مباشر أو عبر ميليشيات تابعة لها.

وأضاف كروكر الذي شغل منصب السفير الأميركي في أفغانستان والعراق وباكستان وسوريا والكويت ولبنان في حديث لمجلة "بوليتيكو"، أنّ الردّ الإيراني سيُقابل بردّ أميركي هائل.

لكنّه أوضح أنّ السلاح الجوي وحده قد لا يقضي على قدرة إيران على إنتاج أسلحة نووية، إذ أنّ طهران تمتلك المعرفة اللازمة بالأسلحة النووية، ولا تستطيع إسرائيل ولا الولايات المتحدة قتل جميع العلماء النوويين.

وأكد أنّه لا يمكن وضع حدٍّ لقدرة إيران على امتلاك الأسلحة النووية، إلا من خلال "اتفاق قابل للتحقّق للتخلّي عن التخصيب النووي، وإلا سيتوسّع نطاق الصراع ويُعمّق عزم إيران على امتلاك الأسلحة النووية، مهما كلف الأمر".

هل التدخّل الأميركي في الحرب على إيران أمر جيّد؟  

في هذا الإطار، تؤكد مجلة "فورين بوليسي" أنّ مجرد النظر إلى تاريخ الحروب الأميركية في الشرق الأوسط والدول المجاورة خلال العقود الماضية، يكفي لـ"إثارة المخاوف".

وأوضحت أنّ التدخّلات الأميركية في العراق كانت باهظة الثمن من حيث الأرواح والأموال، وخلّفت وراءها بلدًا مُنهكًا لم ينهض من كبوته بعد. كما انتهى احتلال أميركا الطويل لأفغانستان بانسحاب مُذل، بعد أن حقّق أهدافًا أقل وتكبّد تكاليف أعلى؛ ناهيك عن أنّ تدخل الولايات المتحدة في ليبيا دمّر البلاد ودفعها إلى دوامة عنف وحرب أهلية يقودها أمراء الحرب، مع انتشار الأسلحة بحريّة في منطقة الساحل الأفريقي.

وذكرت المجلة أنّ الولايات المتحدة الملتزمة بالدفاع عن إسرائيل، "عانت من تراجع تدريجي في قدرتها على التمييز بين مصالحها الوطنية ومصالح أهم حلفائها التقليديين في الشرق الأوسط".

وأشارت إلى أنّ ذلك تجلّى بوضوح على مدار الإدارتين السابقتين في "فشل واشنطن في الضغط على إسرائيل بفعالية لإنهاء مذبحتها المستمرة للفلسطينيين في غزة، وتعدياتها وانتهاكاتها الواسعة النطاق للفلسطينيين في الضفة الغربية، بالإضافة إلى ضعف وتناقض جهود واشنطن في السعي لتحقيق حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني".

تابع القراءة

المصادر

موقع التلفزيون العربي
تغطية خاصة