الخميس 18 أبريل / أبريل 2024

أسئلة أخلاقية حول مستقبل ميتافيرس.. لمَ السباق على امتلاك هذه التقنية؟

أسئلة أخلاقية حول مستقبل ميتافيرس.. لمَ السباق على امتلاك هذه التقنية؟

Changed

يوضح العمري لـ "العربي" أن كبرى الشركات تتسابق على امتلاك تقنية ميتافيرس سعيًا منها إلى استقطاب الزبائن (الصورة: غيتي)
تعتبر كلمة "ميتافيرس" مصطلحًا لوصف العالم الرقمي، الذي يمكن أن يتفاعل معه المستخدمون في بيئة ثلاثية الأبعاد. ويُقال إن هذا العالم الافتراضي هو مستقبل الإنترنت.

يُعد "الميتافيرس" مستقبل العوالم، حيث يلتقي الافتراضي بالواقعي مشكلًا سلسلة من العوالم الافتراضية التي تضم تفاعلات لا حدود لها بين المستخدمين، من خلال "الآفتار" الخاص بكل واحد منهم.

وتعتبر كلمة "ميتافيرس" مصطلحًا لوصف العالم الرقمي، الذي يمكن أن يتفاعل معه الكثير من المستخدمين في بيئة ثلاثية الأبعاد. ويُقال إن هذا العالم الافتراضي هو مستقبل الإنترنت.

ويعود المصطلح إلى الروائي نيل ستيفنسون، الذي ابتكره عام 1992 في روايته "سنو كراش" (Snow Crash)، التي تخيّل فيها شخصيات افتراضية حية تلتقي في مبان ثلاثية الأبعاد وغيرها من بيئات الواقع الافتراضي.

معدات دخول "الميتافيرس"

ويمكن دخول عالم "الميتافيرس" عن طريق شراء نظارات الواقع الافتراضي. وكذلك تشمل معدات "الميتافيرس" أجهزة الحاسوب والهواتف الذكية والواقع المعزّز والواقع المختلط والواقع الافتراضي وتقنيات العالم الافتراضي.

ويعتمد احتياج المعدات على المكان، الذي يرغب المستخدم في الذهاب إليه أو الشبكة التي تتيح استخدامها؛ فإذا ما أراد شبكة فيسبوك يمكنه شراء واحدة من سماعات الرأس، التي يبلغ سعرها نحو 300 دولار.

ويُعد هذا الجهاز قائم بذاته، ولا يتطلب استخدام جهاز كمبيوتر، أو وحدة تحكم في الألعاب.

وبينما تصنع شركة "ميكروسوفت" سماعات الرأس "AR"، حيث تضع المعلومات الرقمية فوق العالم الحقيقي، تعمل شركات أخرى على تطوير أساليب لنظارات الواقع المعزز للعمل مع الهواتف.

ويأتي من بين أبرز الشركات التي تتعامل مع الميتافيرس شركة "ميتا"، وهي الشركة الرائدة الأولى التي اعتمدت على هذه التقنية، وشركة "ميكروسوفت" التي أعلنت عن خطط للاستحواذ على شركة تطوير الألعاب الرائدة "Activision Blizzard" مقابل 70 مليار دولار تقريبًا، حيث صرّحت أنها ستوفر الدعامات الأساسية لـ "ميتافيرس".

من ناحيتها، ستطلق شركة "آبل" نظارة تعمل بالواقع المعزّز، وسيتم مراعاة تقنية "المتيافيرس" وتأثيرها.

إلى ذلك، أعلنت كوريا الجنوبية أنها ستستثمر أكثر من 177 مليون دولار مباشرة في مشاريع "الميتافيرس" المختلفة، الأمر الذي يجعلها أولى الدول التي تستثمر في هذا المجال.

ويُتوقع أن يصل حجم الإيرادات العالمية من العالم الافتراضي إلى نحو 800 مليار دولار عام 2024. ويُنتظر أن تبلغ حصة صانعي الألعاب نحو 400 مليار دولار منها، ليتوزع الباقي على الترفيه الحي والمباشر ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، بحسب ما ذكرت منصة "بلومبيرغ".

"مسألة محض مالية"

ويشير أستاذ علم الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات حسين العمري، إلى أن كبرى الشركات تتسابق على امتلاك تقنية ميتافيرس سعيًا منها إلى استقطاب الزبائن، مؤكدًا أن المسألة مالية محضة.

ويقول في حديثه إلى "العربي" من وادي السيليكون، إن الميتافيرس ليس ثورة بمعناها الحقيقي، بل تطور لما هو موجود الآن.

ويلفت إلى أن الشركات تريد نقل وسائل استقطاب العملاء والزبائن، سواء أكانوا أولئك الذين يستخدمون الألعاب الإلكترونية أو الذين يستعملون وسائل التواصل الاجتماعي، لكي تحتفظ بهم وتزيد دخلها.

وتعليقًا على وصف الميتافيرس بأنه إنترنت المستقبل، يعتبر أن الدعاية حول الموضوع أكبر بكثير مما هو عليه فعليًا، مشيرًا إلى أن المسألة هي عملية نقل من ثنائي الأبعاد إلى ثلاثي الأبعاد، ما يتيح تخيّل الأشياء على هذا النحو.

يجلب مبيعات أكثر

إلى ذلك، قد يكون لتطبيقات الميتافيرس فوائد عملية كثيرة لا سبيل لإنكارها، على غرار المساعدة في تنظيم العمل الإداري والدراسة والتعلم عن بعد أو الاستمتاع برفقة الأصدقاء والأقرباء، الذين تفصلنا عنهم مسافات طويلة أو المساهمة ببعض الألعاب وغيرها من التطبيقات العملية.

ويشير أحد الأبحاث إلى أن المحتوى ثلاثي الأبعاد يجلب مبيعات أكثر بنسبة 250%، كما هي الحال مع منتجات شركات مثل "أرتشيليك"، إذ بات المستخدمون يقضون وقتًا أطول في اكتشاف المحتوى ثلاثي الأبعاد.

وسيتيح "الميتافيرس" للعملاء زيارة المتاجر، التي لا يمكنهم الذهاب إليها، وسيتمكنون من التجول داخلها، مما يزيد من وقت بقاء العميل على الموقع.

ولا يقتصر الأمر على المتاجر والإعلانات التجارية، ففي عالم "الميتافيرس" يمكن شراء قطعة أرض أو تأجير الأرض لأحد الفنانين لإقامة حفل موسيقي عليها، أو ربما لتسكينها لإحدى الشخصيات الرقمية. ويُحسب كل "بيكسل" بمقدار من المال، فهناك قطع أرض رقمية بيعت بأكثر من 75 ألف دولار.

وقد أنشأت إحدى الشركات العاملة في مجال البرمجيات في الهند أول بنك في "الميتافيرس" لخدمة المؤسسات المالية والحكومات والأشخاص عن طريق القيام بزيارة افتراضية لبنكهم المفضل، والوصول إلى المعلومات المصرفية والاستفادة من المنتجات المصرفية المختلفة.

ويتوقع بيل غيتس أنه في غضون عامين إلى ثلاثة أعوام ستنتقل جميع الاجتماعات الافتراضية من عوالم ثنائية الأبعاد إلى عوالم ثلاثية الأبعاد في الميتافيرس.

الصورة ليست وردية تمامًا

على المقلب الآخر، يُنبه إلى أن الصورة عن عالم "الميتافيرس" وتطبيقاته ليست وردية بشكل كامل. وما يدعو للقلق هو أن التكنولوجيا لم تعد مجرد تقنيات وأدوات تستعمل في تحريك المعيشة، بل صارت ثقافة تحدّد علاقة الإنسان بالزمان والمكان وتملي عليه أشكال حضوره في العالم الطبيعي.

وتؤشر التكنولوجيا كما تتجسد في مشروع "الميتافيرس" على تجاوز العقل الإنساني لمرحلة الوجود الأصيل. ويحذر لذلك الخبراء من أن تكنولوجيا "ميتافيرس" وشبيهاتها ليست تكنولوجيا تسهل تواصل الإنسان مع الطبيعة وتكثف إحساسه بالحياة فيها، بقدر ما تزيده اغترابًا في عوالم اصطناعية.

بدورهم، يشير أطباء النفس إلى مضار عالم "الميتافيرس" على الصحة النفسية للبشر، إذ أنه لا بد من الشعور بالضغط الناتج عن الوجود في بعدين مختلفين ومحاولة مقاومة القدرات العاطفية والنفسية والمعرفية في كلا البعدين مما يسبّب القلق.

ويلفت باحثون أمضوا وقتًا في عالم "الميتافيرس" والواقع الافتراضي إلى أن مشاعر الكراهية والعنصرية لدى المستخدمين انتقلت إلى هذا العالم الجديد؛ بسبب فشل شركة "ميتا" في الحد من السلوك السيئ على شبكاتها الاجتماعية.

وتعرّضت إحدى الباحثات التي كانت تدرس عالم "الميتافيرس" لعملية تحرش واغتصاب افتراضيين بعد ارتدائها نظارة الواقع الافتراضي لأول مرة.

وتُطرح أسئلة أخلاقية وأخرى عملية بشأن مستقبل "الميتافيرس" ومدى رواجه لدى البشر، حيث يبقى الزمن كفيلًا بالإجابة عنها.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close