الثلاثاء 23 أبريل / أبريل 2024

عزمي بشارة يجيب.. أي تأثير لنتائج الانتخابات الإسرائيلية وما دلالاتها؟

عزمي بشارة يجيب.. أي تأثير لنتائج الانتخابات الإسرائيلية وما دلالاتها؟

Changed

حلقة خاصة من "تقدير موقف" تستضيف المفكر العربي د. عزمي بشارة لتقديم قراءة في نتائج الانتخابات الإسرائيلية
اعتبر بشارة في حديث لـ"العربي" أن الانتخابات الإسرائيلية كشفت عن متغيّر جديد يكمن في الجمع بين التطرف الديني والتطرف الصهيوني القومي.

اعتبر مدير "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، المفكّر العربي الدكتور عزمي بشارة أن الانتخابات التشريعية الإسرائيلية أظهرت تغيّرًا داخل تركيبة الأحزاب اليمينية، مشيرًا إلى أن المتغيّر الجديد هو صعود الأحزاب الدينية الصهيونية، وتصهين الأحزاب اليهودية الأرثوذكسية.

وتطرق الدكتور بشارة، في حلقة من برنامج "تقدير موقف"، عبر شاشة "العربي"، إلى واقع الأحزاب العربية داخل الخط الأخضر في الانتخابات الأخيرة، معتبرًا أن مشاركة هذه الأحزاب في ائتلاف الحكومة الإسرائيلية، هو "كسر للثقافة السياسية الفلسطينية".

خارجيًا، لفت المفكر العربي إلى أن التحالف الإسرائيلي الأميركي لا يمكن أن يتغير مع تغيّر الأشخاص في الحكم، متوقعًا أن يتشدد نتنياهو في سياساته ضد طهران، ومستبعدًا في الوقت نفسه أن يؤثر وصوله إلى الحكم على اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل.

تغيّرات في اليمين الإسرائيلي

وشرح بشارة في لقائه مع "العربي" تأثيرات نتائج الانتخابات على الداخل الإسرائيلي، مشيرًا إلى أنها أظهرت تغيّرًا عند اليمين المتطرف في تل أبيب، كما كشفت أن اليسار الصهيوني يذوب ويتلاشى من المشهد.

وأوضح بشارة أن ارتفاع عدد مقاعد معسكر زعيم الليكود بنيامين نتنياهو إلى 64 مقعدًا لا يعني صعود اليمين في إسرائيل، بقدر ما يعني حصول تغيّرات داخل تركيبة هذه القوى المتطرفة.

وأشار إلى أن الانقسامات داخل معسكر اليمين سببها شخصية نتنياهو، وليس السياسة بشكل عام، مضيفًا أن الأحزاب اليمينية المعارضة لنتنياهو، والتي يترأسها نفتالي بينيت وأفيغدور ليبرمان وغدعون ساعر؛ تعارض شخص نتنياهو وليس الفكر اليميني.

وإذ لفت إلى أن هؤلاء كانوا مدراء لمكتب نتنياهو في السابق؛ اعتبر أن ذلك يدل على أن المشكلة تكمن في شخصيته المنفّرة للغاية. وأضاف: نتنياهو شخص يحب السلطة، وهو على استعداد لاستغلال الجميع للوصول إليها.

خطر الصهيونية الدينية

وفي ما يخص التحالف الذي سيشكل الحكومة بقيادة نتنياهو ويمثل طرفاه الليكود والأحزاب الدينية المتطرفة، فقد رأى فيه بشارة "لقاءً واعيًا بذاته بين الصهيونية والدين"، مشيرًا إلى أن المتغيّر الجديد في إسرائيل هو صعود الأحزاب الدينية الصهيونية، وتصهين الأحزاب اليهودية الأرثوذكسية.

وأضاف: سياسة اليسار الصهيوني قائمة على تحويل الأمن إلى ثقافة الدولة، إضافة لتطابق مفهوم دولة إسرائيل مع الأرض التوراتية، وهو ما جعلها تتلاقى مع الصهيونية الدينية.

وشدّد بشارة على أن الخطورة اليوم تكمن في تجمع التطرف الديني مع التطرف الصهيوني القومي، حيث هناك صهيونية تديّنت ومتدينين تصهينوا.

وأوضح أن الحركات الأرثوذكسية لم تكن مهتمة بالصهيونية، بل كان يهمها فقط عيش حياة دينية، لكن اليوم، وبسبب الواقع السياسي في الداخل الإسرائيلي؛ فقد تصهين شباب هذه الحركة وباتوا في عداد اليمين المتطرف الذي يشكّل خطرًا على الفلسطينيين وعرب الداخل.

بن غفير وسياسة الاستفزاز

من جهة أخرى، تطرق بشارة إلى فكرة وصول المتطرف إيتمار بن غفير إلى السلطة، مشيرًا إلى أن هذا الشخص استفزازي ولديه أكثر من 60 قضية جنائية، وهو يعادي أي وجود للعرب في إسرائيل، ويرفض التنازل عن أي شبر من الأرض لصالح الفلسطينيين، كما أنه شارك في التحريض على اغتيال رئيس الوزراء الأسبق إسحاق رابين.

ولفت إلى أن بن غفير أنشأ جمعية لمراقبة البناء غير المرخص عند الفلسطينيين للإبلاغ عنهم، وفق خطة منهجية لعدم توسع المناطق السكنية للعرب.

أما زعيم معسكر الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش الذي يطالب بتولي وزارة الدفاع، فيقدّم بحسب بشارة، صورة عن التعصّب الديني الأعمى الذي يطالب بإخضاع المجتمع لتعليمات الشريعة اليهودية.

وإذ أشار إلى خطورة هذه الشخصيات بسبب استخدام العنف وسياسة التضييق على الفلسطينيين، لفت أيضًا إلى وجود أوساط إسرائيلية تعي خطورة هؤلاء.

ونبّه إلى أن البرنامج الحقيقي لهذا اليمين المتطرف هو البحث عن كل فرصة متاحة لتهجير الفلسطينيين والعرب.

وأضاف بشارة أن العائق أمام نمو هذه الجماعة هو المقاومة الفلسطينية بالدرجة الأولى، إضافة إلى وجود أوساط مدنية في إسرائيل لن تقبل بالتطرف الديني في المؤسسات. ورأى أن معسكر الصهيونية الدينية سيواجه تحديات داخلية، خاصة في سعيه إلى إملاء توجهاته الدينية على المجتمع "العلماني" في إسرائيل، والتدخل في قوانين الأحوال الشخصية، "عبر إحداث ثورة قضائية تعلي من شأن أحكام الشريعة اليهودية على حساب القوانين الوضعية"، والعمل على تجريد المحكمة العليا من صلاحيات مراقبة القوانين التي يصدرها الكنيست والنظر في دستوريتها، فالأحزاب الأرثوذكسية الدينية تريد حياة بموجب الدين اليهودي.

كما لفت إلى أن هذه الفئة من اليمين المتطرف لا يمكنها أن تتزايد في إسرائيل بشكل عام، لأن علاقتها طفيلية بالمؤسسات الأساسية في إسرائيل، المتمثلة بالمؤسسات التكنولوجية والبنية الاقتصادية للدولة، وهي فئة غير منتجة وتعيش على مخصصات هذه المؤسسات.

نتنياهو والحياة السياسية في إسرائيل

وأكد بشارة أن المهم بالنسبة لنتنياهو اليوم هو تأمين النواب الـ64، لتأمين الأكثرية والبدء في عملية التفاوض على المناصب الحكومية.

ولفت إلى أن نتنياهو اليوم أصبح أكثر كذبًا ويمينية وصلابة بمواقفه العدائية، خصوصًا في ظل اشتداد تحالفه مع المستوطنين.

وإذ أشار إلى أن نتنياهو كان "ظاهرة" بالنسبة للحياة السياسية الإسرائيلية في السابق، نظرًا لخلفيته الثقافية التي اكتسبها بعد قضائه وقتًا من حياته في أميركا؛ رأى أنه اليوم لم يعد استثناءً، لأن الفكر السياسي الإسرائيلي بات شبيهًا لمثيله في أوروبا أو أميركا من حيث استخدام الشعبوية.

وقارن في هذا السياق بين أدوات الشعبوية في أميركا وأوروبا، من حيث التركيز على المسلمين والمهاجرين والأجانب، وبين أدواتها في إسرائيل، من حيث التركيز على الفلسطينيين.

وشدد بشارة على أن اليمين واليمين المتطرف لن يفوّتا اليوم فرصة إنجاح الائتلاف، خصوصًا بعد تجارب الجولات الانتخابية الأربع السابقة. وإن لم ينجح الائتلاف فثمة خيار آخر وهو اليمين المتطرف المعارض لنتنياهو ممثلًا في يائير لابيد والجنرالات، لأن الخلاف بين أطراف اليمين ليس حول جوهر السياسات، وقوى اليمين تعتبر أن نتائجها الحالية فرصة تاريخية ينبغي ألّا تفوّت.

اعتبر بشارة أن البرنامج الحقيقي لليمين المتطرف في إسرائيل هو البحث عن كل فرصة متاحة لتهجير الفلسطينيين والعرب
اعتبر بشارة أن البرنامج الحقيقي لليمين المتطرف في إسرائيل هو البحث عن كل فرصة متاحة لتهجير الفلسطينيين والعرب

المشاركة العربية في الانتخابات

وحول مشاركة الأحزاب العربية في الانتخابات التشريعية الإسرائيلية، اعتبر بشارة أن نسبة المشاركة في التصويت، التي بلغت 53%، تُعدّ منخفضة، رغم أنها جاءت أعلى من الانتخابات السابقة حيث بلغت 45%، مشيرًا إلى أن عرب الداخل لم يستغلوا كل إمكاناتهم للتأثير من أجل قضاياهم.

وبحسب بشارة، أثبتت نتائج القوائم العربية أن خيار المشاركة في الائتلاف الحكومي لم يحقّق شيئًا، عكس ما كان يتوقعه المدافعون عنه، لأن التمييز في إسرائيل بنيوي، بل أن هذه المشاركة قادت إلى نتائج عكسية، حيث استخدم اليمين المتطرّف الرافض للعرب في دعايته ورقة المشاركة في حكومة بينيت ولابيد، وهو ما تجسّد في رد فعل عنيف وعنصري من الشارع الإسرائيلي أدى إلى رفع نسبة اليمين.

وأضاف بشارة: هناك أحزاب عربية ضاقت ذرعًا بالنضال في ظل التطبيع العربي، واعتبرت أن التغيير يجب أن يكون من الداخل، لكن للأسف هذه الأحزاب خسرت القضية الفلسطينية ولم تستطع أن تحصل على حقوق الفلسطينيين.

واعتبر بشارة أن مشاركة الأحزاب العربية في ائتلاف الحكومة الإسرائيلية هو كسر للثقافة السياسية الفلسطينية.

ولفت إلى أن الخلاف بين القوائم العربية بدأ عندما رغبت الحركة الإسلامية في الانضمام إلى الائتلاف الحكومي، ومن ثم اتجهت الأحزاب اليسارية والقوى الأخرى نحو هذا التوجه أيضًا فانقسمت كذلك وتحولت إلى كتلتين.

خطوط حمراء لعرب الداخل

وأكد بشارة أن الأفضل بالنسبة للأحزاب العربية هو عدم التوصية بأي رئيس حكومة، وعدم الخوض في تحالفات مقابل المساومة على القضايا الكبرى، مشددًا على أن الانضمام إلى ائتلاف صهيوني فيه "كسر أخلاقي" للقضية.

وتساءل بشارة: كيف يمكن لأحزاب عربية أن تشارك في ائتلاف إسرائيلي يهوّد الأقصى؟ وكيف يمكن لأحزاب عربية أن تتحالف مع هذا الفكر؟

وإذ اعتبر أن هناك خطوطًا حمراء لا يجب تجاوزها، أكد أن الحركة الوطنية الفلسطينية في الداخل بدأت تتصاعد، و"التجمع الوطني الديمقراطي" حصل على نسبة أصوات جيدة يمكن التعويل عليها في المستقبل.

وأضاف: بعض العرب في الداخل لا يعرف أن قضية فلسطين هي هويتنا وهي قضية أخلاقية متعلقة بثقافتنا، والمطلوب هو الصمود فقط دون التنازل عن حقوق المواطنة.

وأكد أن التمسك بالصمود والنضال سيؤدي إلى تحصيل المزيد من الحقوق وليس التنازل عن المواقف، علمًا بأن فلسطينيي الداخل حصلوا على حقوق كثيرة وتطورت أوضاعهم من دون المشاركة في الحكومات الإسرائيلية بل عبر خوض النضال والدخول في البرلمان الذي كان تسوية لا بدّ منها.

الضفة الغربية والانتخابات الإسرائيلية

من جهة أخرى، تناول بشارة موضوع واقع السلطة الفلسطينية عقب الانتخابات الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن الوضع الذي وصلت إليه السلطة الفلسطينية مزر، إذ لم تعد الحكومات الإسرائيلية مستعدة للجلوس مع هذه السلطة.

وتوقّع أن يستمر نتنياهو بالضغط على السلطة الفلسطينية في ظل وجود العنصريين في حكومته.

أما عن الضفة الغربية، فاعتبر بشارة أن الوضع فيها سيبقى متفجرًا، مؤكدًا أن ما نعيشه اليوم هو "شبه انتفاضة" في ظل السلطة.

ورأي بشارة أن "نتنياهو لن يظهر أي مرونة في الحكم، وبالتالي ذاهبون في المناطق المحتلة إلى التصعيد".

السياسة الخارجية

على صعيد السياسة الخارجية للحكومة الجديدة، أشار بشارة إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن بات اليوم أضعف من السابق، بغض النظر عن نتائج الانتخابات النصفية. لكنه اعتبر في المقابل أن تقدم نتنياهو وتراجع الحزب الديمقراطي لن يكون له تأثير جذري على العلاقة بين واشنطن وتل أبيب.

وإذ أشار إلى وجود غضب عند يهود أميركا من نتنياهو الداعم للجمهوريين، إلا أنه اعتبر أن "التحالف الإسرائيلي الأميركي لا يمكن أن يتغير مع تغيّر الأشخاص في الحكم".

ورأى بشارة أن "الاتفاق النووي مع إيران بات بعيدًا اليوم"، متوقعًا أن يعمد نتنياهو إلى استكمال مسار من سبقوه في استغلال هذا الملف وتشديد السياسات الإسرائيلية ضد طهران.

أما في موضوع ترسيم الحدود مع لبنان، فاستبعد بشارة أن يتأثر هذا الملف بوصول نتنياهو إلى السلطة، مشيرًا إلى أن "ما جرى هو اتفاق مقبول في إسرائيل رغم الكلام الانتخابي الشعبوي".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close