الجمعة 18 نيسان / أبريل 2025
Close

إفريقيا.. لن تستيقظ غدًا

إفريقيا.. لن تستيقظ غدًا محدث 12 آذار 2025

Changed

شارك القصة

تحتاج إفريقيا إلى تعزيز وحدتها الداخلية من خلال تحالفات إقليمية تتيح لها التفاوض من موقع قوة - غيتي
تحتاج إفريقيا إلى تعزيز وحدتها الداخلية من خلال تحالفات إقليمية تتيح لها التفاوض من موقع قوة - غيتي
الخط
مع عودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية، لا يبدو أن مستقبل القارة السمراء سيكون ورديًا في الآجال القريبة وهو المعروف عنه ازدراؤه لدول القارة.

عندما كان رئيس جنوب إفريقيا السابق ثامبو مبيكي يرافع بحماس أمام الحاضرين في القمة الإفريقية عام 2003، لتعزيز سيادة دول القارة، والاعتماد على ذاتها، وعدم تحويل القارة إلى ساحة معارك للقوى العظمى، وقتها؛ يذكر أحد الصحفيين الحاضرين أن دبلوماسيًا فرنسيًا علّق ساخرًا بصوت خافت: "إفريقيا.. غدًا ليس هو اليوم السابق"، وهي الترجمة الحرفية للعبارة الفرنسية التي تعني "...ليس قبل وقت طويل"، أي أنه أمام إفريقيا طريق طويل للتحول إلى لاعب فاعل ومؤثر في موازين القوى العالمية.

نشوة الدبلوماسي الفرنسي آنذاك وهو يعلّق بنبرة ساخرة، قد تبدو مبررة، لأن الوجود الفرنسي وقتها كان قويًا في إفريقيا، خلافًا للواقع الحالي، حيث يشهد النفوذ الفرنسي تراجعًا كبيرًا في مستعمراتها السابقة، بعدما ألغت دول عدّة تعاونها الأمني والدفاعي مع باريس، ليقتصر وجودها العسكري حاليًا على قاعدتين في الغابون وجيبوتي.

ورغم التعليق اللئيم والساخر؛ إلا أن الدبلوماسي الفرنسي كان محقًا إلى أبعد الحدود، فالقارة السمراء لم تخرج من النفق رغم خروج فرنسا وتراجع نفوذها في أكثر من دولة إفريقية. لم تعد إفريقيا مجرد ساحة للصراعات الجيوسياسية للقوى الكبرى، بل تحولت إلى "بيادق" بيد القوى الكبرى المتنافسة، ورغم محاولات بعض العواصم الإفريقية الحفاظ على مساحة للمناورة، إلا أنها وجدت نفسها تخرج من الحضن الفرنسي إلى الجناح الروسي، في صورة دول الساحل الإفريقي، مثل مالي والنيجر وصولاً إلى ليبيا.

علاقات متوترة بين ترمب والدول الإفريقية

ومع عودة دونالد ترمب إلى الرئاسة الأميركية، لا يبدو أن مستقبل القارة السمراء سيكون ورديًا في الآجال القريبة وهو المعروف عنه ازدراؤه لدول القارة في ولايته الأولى، وكان اهتمامه بإفريقيا شبه منعدم، إذا استثنيا مصر وكينيا ودولا أخرى أنغلوفونية.

واقتصرت سياسة ترمب تجاه القارة على البرغماتية البحتة، مرتكزة على التجارة و مكافحة الإرهاب، لكنه لم يسعَ في الوقت نفسه إلى تطوير سياسات طويلة الأمد. ولم يزر أي دولة إفريقية خلال عهدته الأولى، حتى إنه أهان بعض الدول الإفريقية، مخلّفًا وراءه زوبعة دبلوماسية عندما وصف بعض الدول الإفريقية بالحثالة عام 2018.

ترمب بقي وفيًا لطبعه، حيث واصل السياسة نفسها، في إفريقيا مع عودته إلى البيت الأبيض، لصالح أولويات أخرى، في وقت، تواصل الصين تعزيز وجودها من خلال الاستثمارات الضخمة.

تحتاج إفريقيا إلى تعزيز وحدتها الداخلية من خلال تحالفات إقليمية تتيح لها التفاوض من موقع قوة. فالاعتماد على واشنطن أو بكين أو روسيا أو أي دولة أخرى قد يقيد خياراتها المستقبلية، خصوصًا في ظل التحولات السريعة التي يشهدها النظام العالمي.

فمباشرة بعد توليه سدة الحكم وقّع ترمب قرارات مهمة، أبرزها تعليق تمويل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية التي كانت تمثل أحد أبرز أعمدة النفوذ الأميركي في القارة السمراء، من خلال تمويل مشاريع تنموية في قطاعات الصحة والتعليم.

ويقول متخصّصون إنّ هذا القرار سيفتح الباب على مصراعيه لبكين التي تسير بخطى واثقة في مجال استثماراتها في إفريقيا عبر مبادرة "الحزام والطريق"، أو كما تسميه "طريق الحرير الجديد"، والقائم على تمويل مشاريع ضخمة في سكك الحديد والموانئ والطاقة؛ لتصبح الصين حاليًا الشريك التجاري الأول للقارة الإفريقية.

ومن المؤشرات التي ترجح استمرار العلاقة المتوترة بين ترمب ودول القارة الإفريقية، هو صدامه مع جنوب إفريقيا، عندما شنّ هجومًا حادًا على حكومة بريتوريا، متهمًا إياها بالتمييز ضد المزارعين البيض؛ في خطاب يعكس تأثره بالخطاب اليميني في الولايات المتحدة، وخطاب المناهضين لحزب المؤتمر الوطني .

هذا الهجوم ردت عليه جنوب إفريقيا بتعزيز شراكاتها مع بكين وموسكو، في إطار تحالف دول مجموعة "بريكس" الذي يمثل بديلا جيوسياسيا للدول التي تبحث عن علاقات خارج المحور الغربي.

مع عودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية، لا يبدو أن مستقبل القارة السمراء سيكون ورديًا في الآجال القريبة - غيتي
مع عودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية، لا يبدو أن مستقبل القارة السمراء سيكون ورديًا في الآجال القريبة - غيتي

هل يمكن للقارة السمراء إعادة رسم قواعد اللعبة؟

لعلّ السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: هل يمكن للقارة السمراء إعادة رسم قواعد اللعبة بدلاً من الاكتفاء بلعب دور المتلقي للدعم والمساعدات والمتأثر بسياسات الدول الكبرى؟!

التحدي الحقيقي الذي يواجه القادة الأفارقة اليوم؛ يكمن في مدى قدرتهم على تحويل هذا النفوذ المحتمل إلى قوة تفاوضية فعلية.

فبالنظر إلى المشاكل والصراعات التي تعاني منها الدول الإفريقية، كالحرب في السودان والنزاع في إثيوبيا وغياب الاستقرار في منطقة الساحل، والصراع في جمهورية الكونغو الديموقراطية، وغيرها من الأزمات المتفاقمة؛ كلها مؤشرات تؤكد أن ليل إفريقيا لن ينجلي غدًا والتحول لن يحدث في المدى القريب على الأقل.

رغم سياسات ترمب الانعزالية وصعود النفوذ الصيني، تبرز فرصة أمام القارة لإعادة تحديد علاقتها بالعالم على أسس جديدة، وبدل البحث عن محور الاصطفاف على قادتها أن يحددوا مصائر بلدانهم بعيدا عن النفوذ الخارجي.

في المقابل، تمتلك الدول الإفريقية أوراقًا إستراتيجية يمكن استغلالها، بدءًا من الموارد الطبيعية الهائلة، مرورًا بالسوق الاستهلاكية المتنامية، وصولاً إلى التحالفات الإقليمية؛ مثل الاتحاد الإفريقي الذي أثبت نجاعته في إيجاد حلول في بعض النزاعات في القارة.

في النتيجة، تحتاج إفريقيا إلى تعزيز وحدتها الداخلية من خلال تحالفات إقليمية تتيح لها التفاوض من موقع قوة. فالاعتماد على واشنطن أو بكين أو روسيا أو أي دولة أخرى قد يقيد خياراتها المستقبلية، خصوصًا في ظل التحولات السريعة التي يشهدها النظام العالمي.

ورغم سياسات ترمب الانعزالية وصعود النفوذ الصيني، تبرز فرصة أمام القارة لإعادة تحديد علاقتها بالعالم على أسس جديدة، وبدل البحث عن محور الاصطفاف على قادتها أن يحددوا مصائر بلدانهم بعيدا عن النفوذ الخارجي.

المصادر

خاص موقع التلفزيون العربي
سياسة - فلسطين

شارك القصة

Share
العدوان الإسرائيلي على غزة
أستأنفت إسرائيل ضرباتها الجوية الكثيفة وهجومها البري على قطاع غزة بعد هدنة استمرت شهرين- رويترز

دعت حركة حماس المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري وفعل أقصى الضغوط اللازمة لإنهاء الحاصر الذي يشتد يومًا بعد يوم على قطاع غزة.

سياسة - تونس

شارك القصة

Share
احتجاجات قضية التآمر على أمن الدولة في تونس
يحاكم في القضية 40 شخصية سياسية بتهم "التآمر على أمن الدولة وتكوين وفاق إرهابي له علاقة بالجرائم الإرهابية" - غيتي

يطالب المحتجون بجلسة حضورية للمتهمين في قضية التآمر على أمن الدولة في تونس، والتي يحاكم فيها 40 شخصية سياسية.

سياسة - أميركا

شارك القصة

Share
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو
تضغط الولايات المتحدة من أجل تحقيق السلام في أوكرانيا، في وقت ترفض الدول الأوروبية التنازل لروسيا - غيتي

تسعى الولايات المتحدة إلى التوصل إلى اتفاق بشأن الحرب على أوكرانيا، وتواصل ضغطها على حلفائها الأوروبيين لتحذو حذوها فيما يخص الاتفاق مع روسيا.