السبت 24 مايو / مايو 2025
Close

ما بعد زلزال اسطنبول.. و"رعب" انتظار الكارثة الكبرى

ما بعد زلزال اسطنبول.. و"رعب" انتظار الكارثة الكبرى

Changed

شارك القصة

ذاقت تركيا مرارًا مرارة الزلازل، حيث تعجّ ذاكرة أبنائها بمشاهد الدمار والموت والفقد - غيتي
ذاقت تركيا مرارًا مرارة الزلازل، حيث تعجّ ذاكرة أبنائها بمشاهد الدمار والموت والفقد - غيتي
الخط
لم تكن المدة التي استغرقها زلزال اسطنبول طويلة، لكنّها كانت كافية لخلق هذا الكم الهائل من الرعب، وإعادة طرح السؤال نفسه: متى موعد الزلزال الكبير المنتظر؟!

ما بعد زلزال اسطنبول ليس كما قبله. هو شعور يزداد حين تتجوّل في أزقة اسطبنول العتيقة، فترقب في عيون المارة ذلك الخوف الكامن الذي استفاق على عجل بعد الزلزال الذي ضرب المدينة قبل بضعة أيام. ما زال الناس هائمين على وجوههم في الحدائق العامة ينامون في خيام صغيرة أو داخل مركباتهم.

في حسابات الزمن لم تكن المدة التي استغرقها الزلزال طويلة. هي مجرد ثلاث عشرة ثانية، لكنّها كانت كافية - رغم عدم تسجيل خسائر بشرية ومادية - لخلق هذا الكم الهائل من الرعب وإعادة طرح السؤال الذي لا يفارق الأذهان: متى موعد الزلزال الكبير المنتظر؟!

سؤالٌ يُطرَح أيضًا مع الهزات الارتدادية التي لا تتوقّف منذ الزلزال - وها هي الأرض تهتزّ مجدّدًا وأنا أكتب هذه السطور-حيث تتنوّع شدّتها ما بين ثلاث وأربع وصولاً لخمس درجات، مع مراعاة الفواصل دائمًا. وتشير بيانات هيئة الإغاثة والطوارئ التركية إلى وقوع أكثر من 445 هزة ارتدادية (حتى ظهيرة يوم السبت)، وسط تقديرات باستمرارها في الأيام المقبلة.

اسطنبول "ليست مستعدّة" للكارثة

لطالما كان الانتظار هو الحالة النفسية الأصعب على الإطلاق, لاسيما حين يكون مقرونًا بتوقع حدوث كارثة إنسانية. يكاد يكون هذا حال نحو 16 مليون إنسان يعيشون في هذه المدينة التي بات جمالها ممزوجًا بلمسة حزن وذعر لا يفارقانها منذ حين.

يحدث كلّ هذا مع تأكيد علماء الزلازل وفي مقدمتهم البروفيسور ناجي غورور أن زلزال 23 أبريل/ نيسان سيعجّل من حدوث زلزال اسطنبول الكبير.

لكن، يدرك الجميع أن المدينة غير مستعدة لاستقبال مثل هكذا كارثة. ففي اسطنبول وحدها يوجد مليون ونصف مليون مبنى سكني غير مقاوم للزلازل بحسب الخبراء، 600 ألف منها بحاجة إلى هدم فوري وإعادة بناء.

ويقول رئيس جمعية التخطيط والتحول العمراني حسين كيلنتش أرسلان في حديث إلى وكالة الأناضول، إنه في حال وقوع زلزال بشدة 7 إلى 7.5 درجات على مقياس ريختر, فإن أكثر من 500 ألف مبنى سكني سيتعرض للأضرار. 

وعلى وقع هذا الرقم المخيف، يطالب الجميع بضرورة تحييد هذا الملف عن سجالات الحكومة والمعارضة، والعمل معًا ببرنامج ومشروع وطني للتقليل من آثار الزلزال المنتظر.

ما زال الناس هائمين على وجوههم في الحدائق العامة ينامون في خيام صغيرة أو داخل مركباتهم - غيتي
ما زال الناس هائمين على وجوههم في الحدائق العامة ينامون في خيام صغيرة أو داخل مركباتهم - غيتي

ذاكرة جمعية مليئة بمشاهد الموت

تاريخيًا، ذاقت تركيا مرارًا مرارة الزلازل، حيث تعجّ ذاكرة أبنائها بمشاهد الدمار والموت والفقد. 

كان آخر تلك المشاهد في السادس من فبراير/ شباط 2023، حين مات أكثر من 53 ألف شخص في الزلزال الذي ضرب مدن جنوبي تركيا، وكان مركزه مدينة كهرمان مرعش. أذكر جيّدًا حين وصلت إلى هناك برفقة فريق التلفزيون العربي، كيف وقفنا مذهولين وصامتين أمام المشهد؛ مدن بأكملها تحولت إلى أرض لا يُرى فيها سوى الخراب ولا يُسمع في جنباتها إلا الأنين.  

سبق ذلك زلزال إزمير في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2020، والذي راح ضحيته 117 شخصًا،وكذلك زلزال إيلازيغ في يناير/ كانون الثاني من العام نفسه (44 قتيلاً)، وزلزال فان في أكتوبر 2011 (604 قتلى) وزلزال بينغول في مايو/ أيار عام 2003 (177 قتيلاً) وزلزال أفيون قره حصار في فبراير/ شباط عام 2002 (44 قتيلاً) وزلزال كوجالي في أغسطس/ آب عام 1999 (17118 قتيلاً) إضافة إلى عشرات آلاف الضحايا الذين لقوا مصرعهم في عشرات الزلالزل التي ضربت تركيا منذ تأسيس الجمهورية.

هذا التاريخ الحافل بسجل الزلازل وتحذيرات الخبراء من ترقب ما هو قادم، دفع سكان اسطنبول إلى إعادة النظر في مستقبلهم. ثمة من اتخذ القرار وحزم الأمتعة ورحل عن هذه المدينة، وآخرون يخططون لفعل ذلك بأقرب فرصة. أما الغالبية العظمى فهم باقون هنا في انتظار الكارثة.

تجّار الكوارث.. أين يذهب الفقراء؟

مع الساعات الأولى من وقوع زلزال 23 أبريل/ نيسان، تبدلت الأسعار في كثير من القطاعات. ارتفعت قيمة المنازل الحديثة سواء تلك المعروضة للبيع أو الإيجار. تضاعفت أسعار الخيام وحقائب الإسعافات الأولية وغيرها من الأشياء والسلع المتعلقة بتداعيات حدوث الكارثة. وعدت الحكومة بملاحقة تجار الكوارث، لكنّ الواقع على الأرض وحركة السوق المرتبطة بمبدأ العرض والطلب تجعل يد التجار أقوى من أي قرارات حكومية.

وفي مئات الآلاف من المباني المهددة بالسقوط، يعيش الفقراء. لا يعرف هؤلاء ماذا يفعلون. ليس لديهم ترف شراء منزل حديث ولا استئجار واحد بتكاليف باهظة. شريحة واسعة من اللاجئين السوريين يقيمون في الأحياء الفقيرة أيضًا. يتشاركون مصير نظرائهم من الفقراء الأتراك.

يعيش الفقراء في مئات الآلاف من المباني المهددة بالسقوط ولا يعرفون ماذا يفعلون- غيتي
يعيش الفقراء في مئات الآلاف من المباني المهددة بالسقوط ولا يعرفون ماذا يفعلون- غيتي

دعاني محمد وهو أب لأربعة أطفال وينحدر من ريف دمشق إلى شرب كوب من الشاي في خيمته الصغيرة التي نصبها في إحدى حدائق منطقة الفاتح. أخبرني أنه ترك بيته المتهالك على عجل وتمكن من الحصول على خيمة من أحد أصدقائه. باتت الخيمة مسكنه منذ اليوم الأول لوقوع الزلزال.

سألته: "هل ستعود إلى البيت؟"، فأجاب بحرقة: "لا، أخاف على الأطفال".  

"هل ستستأجر منزلا حديثا؟". أجاب: "لا أستطيع. أحتاج إلى ثلاثة أضعاف مرتبي الشهري كي أتمكن من استئجار بيت جديد".

"هل تفكر بالعودة إلى سوريا؟". أجاب: "بيتي ركام هناك. 

"ماذا ستفعل إذاً؟". أجاب: "سأبقى في الخيمة أنتظر انقضاء الكارثة".

جوابٌ قد يكون لسان حال الكثيرين في اسطنبول هذه الأيام، في ظلّ "رعب" انتظار الكارثة...

المصادر

خاص موقع التلفزيون العربي
مجتمع - فرنسا

شارك القصة

Share
رسم تقريبي لمحاكمة الجراح الفرنسي جويل لوسكوارنيك - غيتي
رسم تقريبي لمحاكمة الجراح الفرنسي جويل لوسكوارنيك - غيتي

دعا المدعي العام، القضاة إلى إنزال عقوبة السجن 20 عامًا بالمتهم "مع فترة أمان خاصة تبلغ ثلثي مدة العقوبة نظرًا إلى خطورة" الواقعات المنسوبة إلى لو سكوارنيك.

مجتمع - لبنان

شارك القصة

Share
سجّلت ولاية يوتاه أكثر من 70 عقد زواج عن بعد للبنانيين منذ عام 2021
سجّلت ولاية يوتاه أكثر من 70 عقد زواج عن بعد للبنانيين منذ عام 2021 - المفكرة القانونية

تزايد الإقبال على الزواج المدني عن بعد (أونلاين) بسبب الانهيار الاقتصادي في لبنان، فضلًا عن تأخّر الأمن العام في إصدار جوازات السفر ضمن آجال معقولة.

مجتمع - السودان

شارك القصة

Share
عمليات نهب ممنهج وحرق متعمد طالت المقار الرسمية وبيانات الطلاب - غيتي
عمليات نهب ممنهج وحرق متعمد طالت المقار الرسمية وبيانات الطلاب - غيتي

قد طرحت حلول بديلة مثل إنشاء مدارس مؤقتة أو فصول دراسية متنقلة أو التعليم عن بُعد لكنها لم تحقق النجاح المطلوب.