موجة الإحياء الفرعوني، التي نراها اليوم في معمار المباني الحكومية بالعاصمة الجديدة، وفي مشاريع مسلسلات تلفزيونية عن مصر القديمة، وموكب المومياوات الأخير، تستدعي تأملاً في أصولها وتحولاتها.
منذ لحظة التأسيس، ارتبط عِلم المصريّات بالحملة الفرنسية. ولم يكن من باب المصادفة أن يصل الهوس بالفرعونية في الغرب إلى ذروته، في فترة التوسع الاستعماري الأكثر توهجاً وعنفاً. فكما انتجت الامبراطورية علومها الأركيولوجية، فإن تلك العلوم، في المقابل، ولَّدت ما يبرر السيادة الغربية ويرسخها. والحال أن فك مغاليق التاريخ وحل ألغازه المستعصية لقرون، كان يعني صك امتلاك للماضي في يد قوة الاحتلال كما امتلكت الحاضر حينها. ففي كل كنز نبشته البعثات الأثرية في أغوار الأرض المخضعة بقوة السلاح، دلالة إضافية على عجز مزمن لأجيال من السكان الأصليين، وبهذا تغدو وصاية الغربي مبررة أكثر، ولأجل الحضارة نفسها.