"من يتحدث عن الخرائط فليذهب إلي كتب الجغرافيا لينظر في البحار والقارات، وخريطة الطريق الوحيدة التي أسلكها وسأسلكها بثبات وعزم هي الخريطة التي وضعها الشعب التونسي".
بصيغة تهكمية ينكر الرئيس التونسي الخرائط السياسية. مصطلح "خرائط الطريق"، بمعنى مجموعة المبادئ العامة أو الخطوات اللازمة لتحقيق هدف ما، مصطلح استعارته العربية حديثاً من اللغات الأوروبية. وحقاً بالغ في ترداده إلى حد أن بات مثاراً للسخرية.
يسخر سعيد هنا من فكرة "خرائط الطريق" ويدعو الباحثين عنها والمطالبين بها إلى الرجوع إلى الأطالس، تبدو المزحة ركيكة، تضع الدلالة المباشرة في مقابل الدلالة الكنائية، المعني الحقيقي أمام المعنى الملازم له. إلا أن ركاكة تلك المفارقة البلاغية المعكوسة ليست ما يعنينا هنا. ففي الجملة التالية مباشرة، يعدل سعيد عن تهكمه، معترفاً بخرائط الطريق في تونس، وبواحدة منها على وجه التحديد، موجودة بالفعل، فهو يسلكها، بصيغة المضارع، وسيسلكها باعتبار المستقبل. لكن أين هي؟