السبت 4 مايو / مايو 2024

عزمي بشارة: لن تنجح جهة تفرضها إسرائيل في إدارة قطاع غزة

حذر الدكتور عزمي بشارة من أن إسرائيل تستغل حالة الحرب القائمة لتطبيق مخططات مجهزة سلفًا للضفة الغربية
حذر الدكتور عزمي بشارة من أن إسرائيل تستغل حالة الحرب القائمة لتطبيق مخططات مجهزة سلفًا للضفة الغربية
عزمي بشارة: لن تنجح جهة تفرضها إسرائيل في إدارة قطاع غزة
عزمي بشارة: لن تنجح جهة تفرضها إسرائيل في إدارة قطاع غزة
الأحد 21 أبريل 2024

شارك

أكد المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الدكتور عزمي بشارة أنّه لا يوجد ضغط دولي حقيقي لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وإعادة الحياة مرّة أخرى إلى القطاع.

وأشار في حديث إلى "العربي"، ضمن التغطية المفتوحة لتطورات العدوان على غزة، إلى أنّ إدارة القطاع عبر جهة تفرضها إسرائيل غير ممكنة، مجدّدًا الدعوة إلى التوافق على حكومة وحدة وطنية، أو متفق عليها وطنيًا من أجل ذلك.

وحذر من أنّ إسرائيل تستغلّ حالة الحرب القائمة لتطبيق مخططات مجهزة سلفًا للضفة الغربية، لافتًا إلى أنّ إسرائيل تسعى إلى تصفية المقاومة في الضفة الغربية، وأنّها تقوم حاليًا بعملية إعادة احتلال لتنفيذ مخططاتها.

وفيما رأى أنّ الموقف الأميركي منسجم وداعم دون شروط لإسرائيل، رافضًا في هذا السياق كلّ ما يحكى عن تناقض على خطه، شدّد على أنّ واشنطن تريد للفلسطينيين أن يقدّموا أثمانًا لإسرائيل في المفاوضات مقابل الحصول على اعتراف بدولة "من دون حدود".

وفي موضوع الردّ الإسرائيلي على الردّ الإيراني، اعتبر بشارة أنّ إسرائيل وفّرت على إيران الحرج بعدم إعلانها المسؤولية عن هجوم أصفهان.

وأعرب عن اعتقاده بأنّ جولة التصعيد المباشر بين الجانبين انتهت، لافتًا إلى أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يبتزّ الغرب مقابل ألا يقدم على خطوات تصعيدية في هذا السياق.

كما لفت بشارة إلى ما وصفه بالتغيّر في نبرة القيادة التركية تجاه العدوان على غزة، معتبرًا أنّ نتائج الانتخابات البلدية التركية كانت محرّكًا أساسيًا في هذا الاتجاه، فضلاً عن أنّ انخراط عدد كبير من القوى الغربية في المنطقة يقرع جرس الإنذار بالنسبة لأنقرة.

وإذ أكد أنّ طبيعة الحراك التركي في هذا الإطار لا تزال غير واضحة، أعرب عن أمله في أن تنجح أنقرة في تقريب وجهات النظر على الساحة الفلسطينية، وتدفع باتجاه العمل على إعادة بناء منظمة التحرير، خصوصًا أنّ لديها علاقات جيدة مع السلطة.

وبالحديث عن الوساطة القطرية على خطّ إنهاء العدوان على غزة، لفت الدكتور عزمي بشارة إلى أنّ نتنياهو لديه مشكلة حقيقية معها، فهو لا يقدّم شيئًا يُبنى عليه، ويريد أن يُفشِلها.

وإذ رأى أنّ نتنياهو يحاول الهروب إلى الأمام عبر التحريض على قطر ووساطتها، شدّد على أنّ دولة قطر لا تمارس ضغوطًا على أي طرف، كما أنّ حماس لا يمكن أن تقبل إملاءات من أي جهة، مهما كانت صديقة، بعد كل التضحيات التي قدّمتها.

رأى الدكتور عزمي بشارة أنه لا يوجد ضغط دولي حقيقي لوقف الحرب وإعادة الحياة إلى قطاع غزة مرة أخرى
رأى الدكتور عزمي بشارة أنه لا يوجد ضغط دولي حقيقي لوقف الحرب وإعادة الحياة إلى قطاع غزة مرة أخرى

ما حلّ في غزة.. أرقام تختصر الكارثة

من الوضع في غزة، انطلق المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في حديثه إلى "العربي"، حيث لفت إلى أنه لا توجد نهاية محددة للحرب، معربًا عن اعتقاده بأن التوجه الإسرائيلي هو ألا تكون هناك نهاية محددة.

وأوضح أنّ الإسرائيليين ليس لديهم تصوّرات متفق عليها مع أطراف جدية حول ما يسمى اليوم التالي، ولذلك هم ماضون في الحرب، مشيرًا إلى أنّ المنعطف الأساسي الذي ما زالوا ينتظرون المرور به هو منعطف رفح.

وقال: "تصوّرهم كما أعتقد هو أن يبقوا في وسط قطاع غزة وفي غلافه من الداخل وليس من الخارج ويكونوا جاهزين لعمليات واقتحامات مستمرة حسب الحاجة".

وفيما رأى أنّ مثل هذا السيناريو الذي يقوم على استمرار الحرب لفترة طويلة من دون إعلان نهايتها هو "جحيم وخراب"، شدّد على أنّ الحياة في قطاع غزة يجب بأسرع وقت ممكن أن تنتقل إلى مرحلة جديدة فيها إغاثة وإعادة إعمار.

وأكد الدكتور عزمي بشارة أنّ "الوضع الحالي هو خراب حقيقي لا يمكن الاستمرار به إطلاقاً"، مستندًا في ذلك إلى بعض الأرقام والإحصائيات التي تبرز حجم الكارثة والمأساة.

وأوضح أنّ 39 ألف منشأة اقتصادية من أصل 49 ألف دُمّرت، كما دُمّر أيضًا 84% من المرافق الصحية، و57% من البنية التحتية للمياه والصرف الصحي.

ولفت إلى أنّ التدمير شمل كذلك 5 من 6 مرافق إدارة النفايات الصلبة، و510 كيلومترات من شبكات توزيع الكهرباء، و75% من شبكة الاتصالات، كما أنّ نصف السكان على حافة المجاعة وبقية السكان ينعدم عندهم الأمن الغذائي.

90 ضعف أضرار حرب 2021

وأشار إلى أنّ هذه الأرقام تؤشر إلى أنّ أضرار حرب 2023-2024 توازي 90 ضعف أضرار حرب 2021، معتبرًا أنّ المشكلة تبقى أنه لا يوجد تصوّر حول إنهاء الحرب حتى الآن، رغم الضغط الدولي كله الذي نسمعه حول الإغاثة.

وقال: "لا يوجد ضغط حقيقي لوقف الحرب أو للانتقال لإعادة البناء وترك الناس يعيشون ويرتبون أحوالهم"، مشيرًا إلى أنّه في لحظة انتهاء الحرب المكثفة والانتقال لحرب بشدة أقل، سيجد الناس أنفسهم في ملاذات غير آمنة، حيث لم يعد هناك لا بيوت ولا عمل ولا مدارس ولا مستشفيات في القطاع.

وشدّد على أنّ جعل القطاع غير قابل للحياة هو الهدف الحقيقي الوحيد الذي تحقق من هذه الحرب، مشيرًا إلى أنّه لو عاد قطاع غزة إلى ما كان عليه من معدلات النمو قبل الحرب فسيحتاج للانتظار حتى 2095 ليعود لما كان عليه قبل أكتوبر.

أضرار حرب 2023-2024 توازي 90 ضعف أضرار حرب 2021، لكن المشكلة تبقى أنه لا يوجد تصوّر حول إنهاء الحرب حتى الآن، ولا يوجد ضغط حقيقي لوقف الحرب أو للانتقال لإعادة البناء وترك الناس يعيشون ويرتبون أحوالهم

وأضاف: "يجب العودة إلى نمو مكثف جدًا لكي نصل عام 2030-2035 إلى ما كان عليه قطاع غزة قبل الحرب، ويجب أن يكون هناك جهود عالمية في هذا السياق".

وخلص من كلّ ذلك، إلى أنّه ما يجب أن يكون واضحًا للجميع، هو أنّه لا يمكن إدارة قطاع غزة عبر جهة تفرضها إسرائيل، مشدّدًا على أنّه لن يقبل أحد أن يكون هناك إدارة على دبابات إسرائيلية.

وجدّد الدعوة في هذا السياق إلى حكومة وفاق وطني أو حكومة متفق عليها لتدير الضفة الغربية وقطاع غزة، ريثما تحصل انتخابات، أو يتمّ التوصل إلى حل سياسي، معتبرًا أنّ التفكير بكيفية إدارة غزة من منطلق عدم تشكيل تهديد أمني ضد إسرائيل، لا يؤدي إلى أي مكان.

مخططات مجهزة سلفًا للضفة الغربية

وتوقف الدكتور عزمي بشارة عند التطورات المتسارعة في الضفة الغربية، حيث لفت إلى أنّ إسرائيل تحاول أن تستغل الوضع الناشئ بعد السابع من أكتوبر لتصفية حسابات وتطبيق خطط مجهزة سلفًا لديها ضدّ الضفة.

وذكّر أنّ الضفة تشهد عمليًا انتفاضة فلسطينية منذ العام 2021، لافتًا إلى أنّ أرقام العمليات الصدامية التي تمّت من طعن إلى إطلاق نار إلى زجاجات حارقة هي في تصاعد مستمرّ، وقد تضاعفت عدّة مرّات عمّا سبق 2021، واستمرّت بالتصاعد حتى بلغت ذروتها في 2023.

ولفت إلى أنّه بعد السابع من أكتوبر، تكثّفت في المقابل الاقتحامات الليلية لمختلف قرى ومدن الضفة، وبشكل منظم وممنهج، واضعًا ذلك في خانة "استغلال الفرصة التي أتيحت من أجل تصفية الحساب مع هذه الخلايا".

وإذ رأى أنّ إسرائيل تسعى إلى تصفية المقاومة في الضفة الغربية، لفت إلى أنّ العمليات التي تشنّها في مناطق الضفة هي شبه حربية، متحدّثًا عن "شبه إعادة احتلال للضفة".

وفي السياق نفسه، أشار إلى ظاهرة جديدة تتمثل في تجند المستوطنين على أكثر من مستوى، لافتًا في هذا الإطار إلى مجموعات "شباب التلال" التي بدأت بالظهور منذ مرحلة شارون، لإقامة بؤر استيطانية والصدام المقصود مع المزارعين الفلسطينيين لدفعهم إلى الملل والغضب، وجعل عملية التمسك بالأرض عملية شاقة جدًا.

أما المستوى الثاني الذي تحدّث عنه، فيكمن في ما وصفه بـ"الوحدات المجالية"، حيث تشكّلت وحدات خاصة للحريديم، أي اليهود المتدينين والمتزمتين الذين تصهينوا وأصبحوا مستعدّين للاستيطان، فجمعوا ما بين التعصب الديني والاستيطاني.

وفيما رأى أنّ الحياة في القرى والبلدات الفلسطينية المتاخمة للمستوطنات أصبحت بمثابة جحيم، تحدّث عن لوم حقيقي للسلطة الفلسطينية لكونها لا تقوم بحماية فاعلة للمزارعين والفاعلين على خطوط التماس.

وقال: "إذا كانت تبرّر لنفسها أنها لا تريد أن تتصادم مع الجيش الإسرائيلي، فهنا نحن أمام مستوطنين، يقف العالم كلّه ضدّهم، حتى إن كل القناصل والسفراء الأوروبيين يتشاطرون في موضوع الاستيطان".

واعتبر أنّه يمكن أن تستغل السلطة هذا الأمر أفضل من ذلك، بدل أن يقتصر تعبيرها عن الغضب في موضوع عدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، مضيفًا: "يجب أن نرى مثل هذا الزئير عندما يعتدي المستوطنون على المزارعين الفلسطينيين".

نبّه بشارة إلى أن إسرائيل تستغل حالة الحرب القائمة لتطبيق مخططات مجهزة سلفًا للضفة الغربية
نبّه بشارة إلى أن إسرائيل تستغل حالة الحرب القائمة لتطبيق مخططات مجهزة سلفًا للضفة الغربية

الموقف الأميركي "متجانس".. ماذا عن طرح "الدولة"؟

ونفى المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات وجود تناقض في الموقف الأميركي من الحرب على غزة، مشيرًا إلى أنّه متجانس منذ بداية الحرب، وداعم لإسرائيل من دون شروط.

وذكّر بأنّ الولايات المتحدة تبنّت إسرائيل منذ اليوم الأول للحرب تبنيًا كاملاً، متحدثًا عن احتضان أميركي مطلق لإسرائيل، وعن دعم غير مشروط، سواء بالمال أم بالسلاح أم بالمال أم حتى بالمشاركة المباشرة.

ولفت إلى وجود شكوك بمشاركة أميركية مباشرة في بعض القضايا، مذكّرًا كذلك بالمشاركة الفعالة جدًا باليوم التالي بإحضار حاملتي طائرات إلى شرق المتوسط شاركت كما يبدو بصد الهجمة الإيرانية على إسرائيل.

وتحدّث عن اتفاق بين الولايات المتحدة وإسرائيل حتى في موضوع العملية التي يخطط الاحتلال لشنّها على رفح، مشيرًا إلى أنّ الولايات المتحدة متفقة مع إسرائيل على وجوب القضاء على حركة حماس في رفح، وأنّ الخلاف فقط هو حول ضمان أمن المدنيين.

وقال: "الواضح ممّا نسمعه في هذه الأيام أنّهم متفقون على الحملة، وأنّ تقدّمًا حصل في هذا الموضوع، وهناك نوع من الضوء الأخضر الأميركي لإسرائيل للمضيّ في الحملة".

وتعليقًا على الفيتو الأميركي على منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، لفت الدكتور بشارة إلى أنّ الولايات المتحدة موافقة على عضوية كاملة ودولة فلسطينية من دون حدود، ولكنها تريد أن يتم ذلك في مفاوضات بحيث يدفع الفلسطينيون ثمنًا مقابل ذلك، فلا يكون منحة تأتي مجانًا.

وقال: "يريدون أن يكون هذا الأمر ضمن صفقة تأخذ مقابلها إسرائيل أمورًا كثيرة، علمًا أنّ صفقة شبيهة حصلت في أوسلو، حين تمّ الاعتراف بمنظمة التحرير مقابل تنازل عن قضايا رئيسية"، مضيفًا: "الآن الموضوع الذي تلوح به أميركا باستمرار هو الاعتراف بدولة من دون حدود، علمًا أنّ طرحًا من هذا النوع لا يعني الكثير بل قد يجهض فكرة الدولة".

وفي حين اعتبر أنّ الصدمة الفلسطينية من الموقف الأميركي ليست في مكانها ولا سيما أنّه كان متوقعًا، قلّل من شأن التهديدات بإعادة النظر بالعلاقات مع واشنطن، مذكّرًا بتهديدات مشابهة حول وقف التنسيق الأمني وإلغاء أوسلو، لكنها لم تحدث.

وإذ أعرب عن اعتقاده بأنّ الولايات المتحدة "لا ترتعد خوفًا" من هذه التهديدات، قال إنّ السلطة الفلسطينية تسعى لإرضاء أميركا قبل أي شيء آخر للأسف الشديد. وأضاف: "لا نريد أن يقطعوا العلاقات مع أميركا، لكن ليعملوا على الوحدة الوطنية، وإعادة بناء منظمة التحرير، فهذا يكفي لإغضاب أميركا أكثر من كل التهديدات".

التصعيد بين إيران وإسرائيل.. هل انتهى؟

بالانتقال إلى التصعيد الإيراني الإسرائيلي الأخير، رأى المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أنّ الأمور أخذت مجراها المنطقي والمتوقع، مستبعدًا سيناريو الحرب الإقليمية، التي لا يريدها أحد، إلا نتنياهو ربما، لكنه لا يستطيع أن يفرضها على حلفائه.

وأشار إلى أنّ الرد الإيراني على الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق كان متوقعًا، لكنه مع ذلك أتى مفاجئًا من حيث حجمه ومن حيث قدرات إيران على التصويب على مناطق عسكرية بعينها.

ولفت إلى أنّ إسرائيل أعطيت أكثر ممّا تستحقّ، حين شاركت دول عدّة وعلى رأسها الولايات المتحدة في التصدّي للهجمة الإيرانية عليها، علمًا أنّها حين هاجمت القنصلية الإيرانية لم تشاور أحدًا.

وفي السياق، أشار إلى أنّ الإسرائيليين يحمّلون المسؤولية في ذلك للاستخبارات العسكرية التي لم تتوقع أن يكون هناك رد إيراني على العملية، خصوصًا أنّ إيران لطالما انتهجت سياسة الصبر الاستراتيجي، التي تقوم على تحمّل الضرب حتى تحقق السيطرة، من دون اكتراث للمزايدات.

لكنّ ما حصل بعد السابع من أكتوبر، وفقًا لبشارة، هو أنّ إسرائيل بدأت تستهدف مباشرة ضباط الحرس الثوري، وقد اغتيل العديد من قياداته في ضربات متتالية، كان آخرها قصف القنصلية الإيرانية في دمشق، وهو ما أدّى إلى إحراج شديد لإيران، دفعها للردّ.

ورغم أنّ الإسرائيليين يعرفون أصلاً أنهم مخطئون وأنّ استخباراتهم ضلّلتهم، رأى بشارة أنّ وقاحتهم وصفاقتهم لم تسمح لهم بتمرير هذه السابقة وعدم الرد، إلا أنّه اعتبر أنّهم وفّروا على إيران الحَرَج بعدم إعلانهم عن الردّ وتبنّيه صراحة، في ما وصفها بأنها "مؤامرة صمت".

الموقف من إيران واحتمالات الحرب الإقليمية

واستنادًا إلى ما تقدّم، رجح بشارة أن يتوقف التصعيد المباشر والمتبادل بين الجانبين في المرحلة المقبلة، على أن تعود أشكال التصعيد التي كانت قائمة قبل ذلك، موضحًا أنّ الهجمات الإسرائيلية في لبنان وسوريا لم ولن تتوقف، وكذلك العمل التخريبي داخل إيران.

وقال: "الأكيد أنّ الولايات المتحدة لا تريد الدخول في حرب بسنة انتخابات ونتنياهو لن يستطيع أن يجرّها إلى ذلك، كما أنّ إيران أيضًا غير معنيّة بالحرب".

وردًا على سؤال حول ردود الفعل على الهجوم الإيراني على إسرائيل، وازدواجية المعايير التي ظهرت في هذا الإطار، أشار إلى أنّ إيران ليست دولة محبوبة عالميًا، لافتًا إلى أن المجتمعات العربية مثلاً تضررت من تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة، على أساس الولاء الطائفي.

ولفت بشارة إلى أنّ إيران لديها مشكلة عالمية أيضًا بسبب طبيعة نظامها، فضلاً عن كونها تشنّ حملة إعلامية لا تتوقف في موضوع إسرائيل بما لا يرضي الغرب، من دون أن ننسى المعارضة الإيرانية النشطة في الخارج، وكلّ ذلك يؤكد أنّ الغرب جاهز لحملة من هذا النوع.

لكنّ هذا الغرب طبّع علاقاته مع إيران لأسباب مصلحية واقتصادية، وفقًا لبشارة، فإيران انفتحت على الغرب وتخلت عن فكرة تصدير الثورة، مقابل توقف الغرب عن اعتبار نظامها غير شرعي، إلا أنّ الموقف السلبي من إيران لم يتغيّر، بدليل العودة لهذه النغمة كلما سنحت فرصة، وتحديدًا في موضوع إسرائيل.

وخلص إلى أنّ نتنياهو يبتز الغرب مقابل ألا يقدم على خطوات تصعيدية في مواجهة إيران، للحصول على بعض المطالب التي قد يبدو بعضها مبالَغًا به من عقوبات وغيره، مشيرًا إلى أنّ أوروبا سايرته قليلاً، لكنّ ذلك قد لا يدوم طويلاً.

أكد المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أن الموقف الأميركي منسجم تمامًا مع الموقف الإسرائيلي ولا يوجد خلاف حقيقي بينهما
أكد المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أن الموقف الأميركي منسجم تمامًا مع الموقف الإسرائيلي ولا يوجد خلاف حقيقي بينهما

هل تغيّر الموقف التركي من إسرائيل؟

وفي محور آخر من الحلقة، توقف الدكتور عزمي بشارة عند الموقف التركي من إسرائيل، وما يُحكى عن تغيّر طرأ عليه، حيث أشار إلى أنّ الشعوب العربية كان لديها في بداية الحرب توقعات أعلى فيما يتعلق بموقف أنقرة.

وأوضح أنّ تركيا بعد الانتخابات كانت تتجه أكثر غربًا لناحية ترتيب العلاقات السياسية التي كانت متوترة مع الغرب، "ولذلك رأينا مجموعة تحركات بهذا الاتجاه"، إلا أنه أشار إلى أنّ النبرة تغيّرت في الخطابات الأخيرة للرئيس رجب طيب أردوغان.

وأعرب عن اعتقاده بأنّ نتائج الانتخابات البلدية التركية كانت محركًا أساسيًا في تغير نبرة القيادة التركية تجاه العدوان على غزة، كما أنّ انخراط عدد كبير من القوى الغربية في المنطقة ضدّ إيران قرع جرس الإنذار بالنسبة لأنقرة.

لكنّ بشارة استبعد أن يكون الحراك التركي المستجدّ منسّقًا مع دول المنطقة، واضعًا إياه في خانة داخلية سياسية حزبية بالدرجة الأولى، على مستوى استرجاع القاعدة الاجتماعية، وفي خانة إقليمية، ربطًا بما حصل بعد الرد الإيراني على إسرائيل.

وإذ رأى أنّه ليس واضحًا بعد ما هي طبيعة الدور التركي، أعرب عن أمله في أن يكون لهم دور في تقريب وجهات النظر والدفع نحو إعادة بناء منظمة التحرير، مشدّدًا على أنّ التنسيق مع قطر مهم في هذا المجال، خصوصًا أنّه يجب ألا تكون قطر وحدها في الميدان في هذا الموضوع.

وقال: "تركيا قادرة على لعب دور في هذا الإطار، فنحن نتحدث عن دولة إقليمية مهمّة"، مضيفًا: "لا أدري ما هو تصورهم حاليًا لكن بالتأكيد إن قرروا أن يلعبوا دورًا ما غير محايد فذلك سيكون أمرًا إيجابيًا".

الوساطة في النزاعات الدولية.. قطر وحالة غزة

في سياق آخر، سلّط المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الضوء على الوساطة في النزاعات الدولية، حيث تحدّث عن أنواع عديدة من الوساطة، منها نوع واضح وصريح، يمثّله وسيط قوي جدًا يكون لديه نفوذ وقدرة على الضغط على الطرفين كما في حالة الولايات المتحدة بين إسرائيل والرئيس المصري الراحل أنور السادات".

لكن في حالات أخرى، يكون الوسيط من نوع آخر، وفقًا لبشارة، إذ ما يميّزه ليس قوته بالضرورة، بل عدم وجود أجندة لديه عند أي من الطرفين المتنازعين، ما يمكّنه من لعب دور بينهما. وأشار إلى أنّ وساطة دولة قطر في الحرب على غزة هي من هذا النوع، فهي ليست إمبراطورية أو دولة عظمى لديها أجندات.

وقال: "يحتاج الأمر إلى براعة دبلوماسية وقدرات وهو ما قامت به عدة دول في التاريخ، كما أنّ قطر أثبتت نفسها في عدة ملفات"، مضيفًا: "هي لم تعرض نفسها كوسيط وإنما طُلِب منها أن تؤدي هذا الدور لأن لديها علاقات من هذا النوع، وقد دفعت أثمانًا لذلك".

الولايات المتحدة موافقة على عضوية كاملة ودولة فلسطينية من دون حدود، ولكنها تريد أن يتم ذلك في مفاوضات بحيث يدفع الفلسطينيون ثمنًا مقابل ذلك، فلا يكون منحة تأتي مجانًا

ولفت إلى أنّ ما فعلته دولة قطر مع حركة حماس أسهم في قدرتها على لعب هذا الدور، فأيّ دولة نبذت حركة حماس ورفضت أن تكون لها أي علاقة معها وحرّضت عليها، لا يمكنها بطبيعة الحال أن تلعب دور الوسيط، مضيفًا: "قطر دفعت ثمن الدور الذي تؤدّيه الآن بأنها هوجمت كل هذا الهجوم".

وشدّد بشارة على أنّ الخصم الرئيسي للوساطة القطرية هو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي لا يريد أن يقدّم شيئًا، ويطلب من الآخرين أن يضغطوا على حماس لقبول كل ما يطلبه.

ورأى أنّ نتنياهو لديه مشكلة حقيقية مع الوساطة القطرية ويريد أن يفشلها، وهو يحاول الهروب إلى الأمام عبر التحريض على قطر ووساطتها، مشدّدًا على أنّ قطر لا تستطيع ولا تريد أن تمارس ضغوطًا على أيّ طرف، كما أنّ حركة حماس لا يمكن أن تقبل إملاءات من أي طرف، مهما كان صديقًا.

وقال إنّ نتنياهو غير مقتنع بما يقوله وهو يعرف انه يكذب، مشيرًا إلى أنّ القضية لم تعد قضية حماس، فالموضوع الرئيسي هو الانسحاب من غزة وإعطاء الشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير وإنهاء الاستيطان وحق العودة.

"نصر" نتنياهو وحركات دعم فلسطين

ورأى بشارة أنّ نتنياهو يريد نصرًا على أساس قاعدة دخول رفح التي قام هو نفسه بوضعها، موضحًا: "هو وضع لنفسه مَخرَجًا بقوله إنّه عندما يحتل رفح ينتهي الموضوع، لكنه يعلم أنه لن يكون شيء قد انتهى".

وشدّد على أنّ احتلال رفح لن يغير الموضوع جذريًا، لأنّه من دون وقف إطلاق النار والانسحاب وفتح المجال للإغاثة الإنسانية لن يكون هناك أساس لأيّ حل، مضيفًا: "لن يقبل أحد بمفاوضات وإعادة الرهائن من دون وقف إطلاق النار".

وبالحديث عمّا يحصل في الجامعات الأميركية، وآخرها جامعة كولومبيا، شدّد بشارة على وجوب أن تبقى حركات النضال ضد المكارثية وضد الصهيونية متوازنة وألا تدخل في تشنجات وتحاول أن تخاطب أوسع شريحة ممكنة من الجمهور.

وقال: "ما أخشاه عليها أن تتطرف وتصبح حركات صغيرة ومنغلقة على نفسها، ويهمّنا أن تبقى حركات واسعة تصل إلى صلب المجتمعات الغربية".


تجدون في الفيديو المرفق المقابلة الكاملة مع الدكتور عزمي بشارة، التي حاورته فيها الزميلة رويدا أبو عيد، وناقشت مجموعة من المحاور بينها الفيتو الأميركي على الدولة الفلسطينية، والتصعيد الإسرائيلي الإيراني، والموقف التركي من العدوان على غزة، والوساطة في النزاعات الدولية انطلاقًا من وساطة قطر في حالة غزة.

المصادر:
العربي

شارك

Close