يُعتبَر التعرق أمرًا طبيعيًا في فصل الصيف، في ظلّ ارتفاع درجات الحرارة الذي يحفز جسم الإنسان على إفراز العرق، حتى إنّه يُعَدّ عملية حيوية وصحية للجسم، تنطوي على العديد من الفوائد.
إلا أنّ ما قد يكون مفيدًا لدى البعض، قد يتحول إلى ظاهرة مزعجة، ومحرجة لدى البعض الآخر، خصوصًا ممّن يعانون ممّا يصطلح على تسميته بـ"التعرق المفرط".
ولا يرتبط فرط التعرق بالضرورة بالحرارة، لكنّ من شأنه أن يتسبب بإحراج اجتماعي للكثيرين، خصوصًا عندما يغمر العرق ملابس الشخص، أو يتقطر من يديه بشكل غير طبيعي أو مألوف.
فما هي هذه الظاهرة؟ وهل من تفسير علمي لها؟ وهل من سبل للعلاج أو الوقاية، بعيدًا عن مقاطعة الأنشطة الطبيعية خارج الغرف المغلقة والمكيّفة؟
ما هي فوائد التعرق؟
توضح الاختصاصية في الأمراض الجلدية والعلاج بالليزر عنود العيسى أن الغدد العرقية موزعة على جميع أنحاء الجسم تغذيها نهايات عصبية تنشط من خلال الحرارة أو التوتر والقلق أو أسباب خارجية أخرى.
وللتعرّق، بصيغته المألوفة، فوائد عدّة، التي تفنّدها العيسى في حديث سابق إلى "العربي"، من بينها أنّه يساعد على تبريد الجسم، إذ إنّ جزءًا كبيرًا من التعرق هو ماء، وبالتالي فهو يعطي برودة للجلد، ما يساعد في الحفاظ على حرارته.
ومن ناحية ثانية، تلفت الاختصاصية إلى فائدة أخرى يعرفها كثيرون، وهي أنّ التعرق يساعد الفرد على التخلص من السموم الموجودة في الجسم بشكل عام.
لماذا يحدث فرط التعرق؟
يصيب فرط التعرق 1% من سكان العالم، ويعاني منه الرجال والنساء على حد سواء، لكن النساء لديهن أساليب أكثر للتحايل على المشكلة، بحسب ما تؤكد العيسى.
ويحدث التعرق العادي عند تعرض الجسم لمؤثرات خارجية مثل ارتفاع درجات الحرارة، والقيام بمجهود عضلي، والتوتر والقلق، وتناول أطعمة حارة، لكن فرط التعرق هو حدوث التعرق من دون أن يصاحبه أي من المؤثرات الخارجية.
وقد يحدث فرط التعرق لأسباب وراثية أي من دون سبب صحي واضح بشكل عام، أو يكون إشارة لأمراض داخلية في الجسم ومنها مشاكل في الغدة الكظرية أو الغدد الدرقية أو انخفاض نسبة السكر وأمراض القلب وارتفاع درجات حرارة الجسم.
وقد يظهر فرط التعرق الوراثي في سن المراهقة لكن ظهور هذه المشكلة لدى الأفراد الأكبر سنًا يدفع للبحث عن سبب ثانوي للتعرق.
وتوضح العيسى أن التعرق ليس دليلًا على حرق الدهون لأنه عبارة عن ماء حيث يخسر الجسم من وزنه بشكل مؤقت لكنه يسترده عند شرب السوائل.
مشكلة اجتماعية
ويشعر من يعاني من فرط التعرق بصعوبة إبقاء ملابسه جافة فهو يتعرق بعد الاستحمام مباشرة وأثناء الليل أو عند الراحة أي من دون القيام بمجهود. كما يحدث التعرق لدى هؤلاء الأشخاص في الأطراف أي في اليدين والقدمين.
ويؤثر فرط التعرق على نوعية حياة الأشخاص حيث يخلق مشكلة اجتماعية وقد يسبب الإحراج للشخص الذي يعاني منه، حيث يضطر لارتداء الملابس ذات الألوان الغامقة ويخجل من مصافحة الآخرين ويعاني أثناء قيادة السيارة. كما قد ينظر البعض لفرط التعرق باعتباره مؤشرًا لغياب النظافة الشخصية.
علاجات مختلفة
وتتنوع العلاجات المتوافرة لفرط التعرق، فقد يلجأ الطبيب في المرحلة الأولى لوصف العلاجات الموضعية التي تحتوي على أملاح الألمنيوم وغيرها وهي تساعد على خفض نشاط الغدد العرقية.
وفي حال عدم استجابة المريض قد يلجأ الطبيب لحقن البوتوكس الموضعي في مناطق التعرق في الجسم.
وبحسب العيسى، يمكن علاج حالات فرط التعرق عبر استخدام العلاج الأيوني حيث يضع المريض يديه وقدميه في أحواض ماء يجري فيها تيار كهربائي يساعد على تنظيم الإفرازات في الغدد العرقية.
كما تمت الموافقة مؤخرًا على استخدام أشعة المايكروويف لعلاج فرط التعرق ويسمح بتطبيق هذه التقنية في منطقة الإبطين فقط. كذلك تتوافر العلاجات الجراحية حيث يتم التخلص من العصب السمبثاوي المسؤول عن التعرق.
وتنصح العيسى من يعاني من فرط التعرق بمواجهة مشكلته وعدم الخجل منها. كما تنصحه بارتداء الملابس القطنية والاستحمام لعدة مرات بمياه باردة خلال اليوم لمنع تراكم الباكتيريا الموجودة على سطح الجلد وبالتالي تجنب ظهور رائحة العرق الكريهة.